كيف يؤثر الضوء الأزرق المنبعث من الأجهزة الإلكترونية على صحتنا؟
تزايد الاهتمام بالضوء الأزرق المعروف أيضا باسم الضوء المرئي عالي الطاقة أو HEV، وتأثيراته على الصحة العامة، بشكل كبير، عقب الإغلاق الناتج عن جائحة “كوفيد-19”.
وبالنظر إلى استمرار الكثيرين في ممارسة الحياة المهنية والاجتماعية حصريا عبر الأجهزة الإلكترونية، فإن الوقت الذي نستغرقه أمام الشاشات أصبح أكثر من المعتاد، بما يثير التساؤل حول مدى الضرر الذي يمكن أن يلحقه الضوء الأزرق بالصحة العامة.
ما هو الضوء الأزرق؟
يعرف معظمنا أن ضوء الشمس يحتوي على أشعة ضوئية مرئية بالإضافة إلى الأشعة فوق البنفسجية غير المرئية. لكن الضوء المرئي يشمل مجموعة من الأشعة الملونة المختلفة، يحمل كل منها كميات مختلفة من الطاقة.
وتقول روميش أنغوناويلا، من مركز Ophthalmic Consultants في لندن واستشارية جراحة العيون في مستشفى مورفيلدز للعيون: “الضوء الأزرق هو أحد الأجزاء المرئية من الطيف الكهرومغناطيسي، لذا فهو أحد الألوان التي يمكننا رؤيتها، وله أطوال موجية أقصر من أي لون مرئي آخر. إنه قريب من الأشعة فوق البنفسجية، وهي أقصر، لكنها غير مرئية لنا”.
وبالإضافة إلى التواجد في ضوء النهار، ينبعث الضوء الأزرق من مصابيح الفلورسنت وأجهزة LED مثل أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية وأجهزة التلفزيون والأجهزة اللوحية.
وتقول أنغوناويلا: “تميل الأجهزة الإلكترونية إلى إصدار ضوء في هذا الطيف أكثر من الضوء الطبيعي”. وهذا، بالإضافة إلى الوقت الذي نقضيه على أجهزتنا وقربها من وجوهنا، ما يثير قلق المتخصصين الصحيين بشأن العواقب المحتملة.
ما هي تأثيرات الضوء الأزرق على الصحة؟:
-العين:
نظرا لأن الضوء الأزرق له أقصر أطوال موجية وأعلى ترددات، فإنه يكون أكثر عرضة للتشتت، ما يتسبب في التشويش.
ويضيف الضوء الأزرق ضبابية على الأشياء التي تراها. لذلك إذا كنت تقضي الكثير من الوقت على الشاشة، فإنك تميل إلى الحصول على “شيء يسمى إجهاد الشاشة”، كما تقول أنغوناويلا. وأضافت: “عيناك تكافحان من أجل التركيز، الأمر الذي يمكن أن يتعبهما”.
وينخفض إجهاد الشاشة أيضا إلى معدل الوميض المنخفض عند استخدام الأجهزة، “عندما تنظر إلى الشاشة، تجف عيناك لأن معدل رمش عينيك ينخفض إلى النصف مقارنة مع التحدث وجها لوجه”.
وبالإضافة إلى إجهاد العين، يمكن أن يسبب ذلك الصداع والإرهاق.
وفي حين أن أعيننا فعالة عندما يتعلق الأمر بحجب الأشعة فوق البنفسجية، أقل من 1% من الأشعة فوق البنفسجية تصل إلى شبكية العين، إلا أنها أقل مهارة عندما يتعلق الأمر بالضوء الأزرق.
وتقول أنغوناويلا: “تحمل الأطوال الموجية الأقصر للضوء مزيدا من الطاقة، ويمكنها اختراق عينك بسهولة أكبر من الأطوال الموجية الأطول للضوء”.
ويمكن للضوء الأزرق أن يتسلل إلى الشبكية، البطانة الداخلية للجزء الخلفي من العين، وقد أظهرت الدراسات أن التعرض المفرط للضوء الأزرق يمكن أن يتلف الخلايا الحساسة للضوء في شبكية العين.
واوضحت أنغوناويلا: “لهذا السبب، هناك نظريات تقول إن زيادة التعرض للضوء الأزرق يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بإعتام عدسة العين أو التنكس البقعي”.
وأضافت تقوم القرنية والعدسة بتصفية معظم أطوال موجات الضوء الأزرق، لكن المشكلة تكمن في الحالة الحديثة نسبيا لوجود الكثير من الضوء الأزرق بالقرب من أعيننا لفترات طويلة.
وأشارت: “يكمن القلق في أننا نعرض أنفسنا للكثير من الضوء الأزرق. ونتيجة لذلك، تحتوي العديد من غرسات العدسات التي نستخدمها الآن على مرشحات الضوء الأزرق”.
-البشرة:
مثلما يؤثر الضوء فوق البنفسجي على بشرتنا، كذلك يمكن للضوء الأزرق أن يؤثر على بشرتنا. وقارنت إحدى الدراسات التي أجريت عام 2010 تأثيرات كلا النوعين من الضوء على الجلد، وبينما لم تظهر البشرة المعرضة للضوء الأزرق أي علامات على نمو السرطان، إلا أنها أظهرت المزيد من البقع الداكنة، والتي تسمى فرط التصبغ.
ووجدت دراسة معملية أخرى أن التعرض للشاشة لمدة ساعة واحدة فقط كان كافيا لزيادة إنتاج الجذور الحرة، والتي يمكن أن تسهم في فرط تصبغ الجلد وشيخوخته.
وكما هو الحال مع صحة العين، هناك حاجة إلى مزيد من البحث للتأكد من مدى التأثيرات.
-النوم:
تقول أنغوناويلا: “هناك دليل واضح على أن التعرض للضوء الأزرق يمكن أن يؤثر على أنماط النوم وإيقاعات الساعة البيولوجية”.
وبينما يساعد الضوء الأزرق في النهار على تنظيم دورة النوم / الاستيقاظ لدينا، تشير الدراسات إلى أن التعرض ليلا يثبط إفراز الميلاتونين، الهرمون الذي نحتاجه للنوم، أكثر من أي نوع آخر من الضوء.
وتم ربط قلة النوم بزيادة خطر الإصابة بالاكتئاب، فضلا عن مشاكل القلب والأوعية الدموية ومرض السكري من النوع الثاني.