لاكروا: العديد من الجنود في السودان مستاؤون من انقلاب البرهان
الخرطوم – صقر الجديان
قالت صحيفة لاكروا (La Croix) الفرنسية إن العديد من الجنود السودانيين يستنكرون تداعيات انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021 الذي سمح لقائد الجيش الجنرال عبد الفتاح البرهان بالاستيلاء على السلطة، منددين بارتفاع أسعار الخبز، وقمع المظاهرات والاعتقالات التعسفية التي تلت ذلك.
وفي تقرير للصحيفة من مراسلها بالخرطوم أوغسطين باسيلي، يؤكد الجندي عبد الله (الاسم وكل أسماء الجنود الواردة بهذا التقرير غير حقيقية لدواع أمنية) أن “الكل ضد الانقلاب” لكن هذا الشخص الذي تحدث في مكان غير رسمي لم يقبل التعاون مع المراسل بعد ما قاله وذلك بسبب المخاطر التي يواجهها العسكريون المحترفون المنتقدون للنظام، بل إنه يرفض عبارة “انقلاب” مفضلا التعبير عما يرى أنه “تصحيح” لمسار التحول الديمقراطي الذي بدأ قبل ذلك بعامين.
وقال العميد نبيل عبد الله علي الذي تمت ترقيته إلى المتحدث باسم الجيش في يناير/كانون الثاني الماضي “البرهان اتخذ هذا القرار ليس للاستيلاء على السلطة بل لتمهيد الطريق لتوافق وطني يمثل جميع الأحزاب السياسية باستثناء المؤتمر الوطني (حزب الرئيس المخلوع عمر البشير) وذلك من أجل تشكيل حكومة مستقلة من التكنوقراط”.
ومع ذلك -يقول المراسل- فإن الجنود الذين وافقوا على الإدلاء بشهاداتهم مُجمعون على إدانة عواقب استعراض القوة هذا، ويقول الملازم في سلاح الجو كمال خالد “في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، عندما بدأ قادة الجيش في اعتقال المدنيين الذين تقاسموا السلطة معهم حتى ذلك الحين، كنت آمل أن تتولى السلطة حكومة أفضل. أرى الآن أن الوضع قد تدهور”.
ويلخص أحمد، وهو ضابط بسلاح الجو استقال منتصف فبراير/شباط الماضي بعد 12 عاما من الخدمة بسبب “أسباب شخصية وبسبب خلافات مع رئيسي” قائلا “في 25 أكتوبر/تشرين الأول لم يعرف أحد ما كان يحدث حتى كبار الضباط، وقد علم معظم الضباط بهذه القرارات من التلفزيون أو وسائل التواصل الاجتماعي، ونحن داخل الجيش نسميه انقلابا”.
وفي الوقت الذي أحيل فيه نحو 150 ضابطا إلى التقاعد “تمت ترقية أكثر من 2700 آخرين، وبرر المتحدث باسم الجيش ذلك بالقول إن هذه التنقلات تجري كل عام منذ إنشاء القوات المسلحة بعد الاستقلال عام 1956، ونحن نعمل وفق القواعد والأنظمة” لكن زميله الفريق عصام كرار الذي يقود القوات البرية تحدث في مقابلة مع قناة الهلال الفضائية السودانية عن “عملية منع وتطهير سياسي”.
تفاقم الوضع
ويقول ضابط سلاح الجو المستقيل “لم يكن أحد يعتقد أن الانقلاب كانت فكرة جيدة، كل القرارات التي اتخذت منذ ذلك الحين لم تؤد إلا إلى تفاقم الوضع، فالاقتصاد يتدهور والأسعار ترتفع يوميا والمتظاهرون يصابون أو يقتلون كل يوم” حتى إن ما لا يقل عن 87 مواطنا ذهبوا ضحايا القمع العنيف للمسيرات والمواكب المؤيدة للديمقراطية.
ويشعر أحمد بالقلق كذلك بشأن مليشيا “قوات الدعم السريع” القوية التابعة لمحمد حمدان دقلو (حميدتي) نائب رئيس مجلس السيادة، موضحا أن “معظم الضباط لا يحبون حميدتي” محذرا من أن خلافا بسيطا قد ينشب بين هذا الأخير والبرهان “قد يقود إلى اندلاع حرب أهلية”.
ويراهن العميد الركن السر سعيد، المطرود بعد 26 عاما من الخدمة بالجيش، في مواجهة هذه الأزمة المعلنة، على الانسحاب الوشيك “للمهندس الرئيسي” للانقلاب قائلا “ربما ينتهي الأمر بالرتب الدنيا بالضغط على الجنرالات للإطاحة بالبرهان، ولن يوافق الشارع أبدا على أن يقوده جندي آخر. لقد سئم السودانيون من الجيش”.