أخبار السياسة العالمية

لماذا تمول الولايات المتحدة رئيس المخابرات الصومالية

واشنطن – صقر الجديان

تحوّل الصومال إلى حفرة أموال للولايات المتحدة فقد ضخت في السنوات الماضية مئات الملايين من الدولارات، والمثير في الأمر أن واشنطن تحتفظ بقنوات تواصل مع صناع القرار في الصومال وحتى مع وصول شخصية متطرفة كانت تنتمي إلى تنظيم القاعدة، إلى رئاسة المخابرات الصومالية لم تقم الولايات المتحدة بدراسة الأمر وأبقت على التمويلات قائمة، وهذا ما يجعل محللين يقفون عند هذه النقطة وقراءة أبعادها.

يثير استمرار تدفق التمويلات الأميركية إلى الصومال تحت عناوين المساعدة في الانتقال السياسي ومكافحة الإرهاب حفيظة المتابعين من أن تلك الأموال قد تذهب إلى غير محلها. ولعل توقيع سفير الولايات المتحدة لدى مقديشو دونالد ياماموتو ووزير المالية عبدالرحمن دوالي بيلي اتفاقا لخفض ديون الأميركية دليل بسيط على ذلك.

ويقول مايكل روبين الباحث المقيم في معهد أميركان إنتربرايز إن الإعفاء السخي من الديون هو مجرد غيض من فيض، حيث يبدو أن ياماموتو، الذي صاغ استراتيجية الصومال كمساعد وزير قبل منصبه الحالي يعتقد أن تحويل الأموال يمكن أن يمكّن حكومة بلاده من شراء الأصدقاء والحلفاء.

وكان معظم الاستثمار الأميركي في شخص الرئيس محمد عبدالله محمد، المعروف للصوماليين باسم “فارماجو”، لكن يبدو أن الكثير من آمال وزارة الخارجية الأميركية لم تكن في محلها، حيث سار فرماجو على غرار عمه الدكتاتور الراحل سياد بري، الذي أدى فساده وتعطشه للسلطة إلى انهيار الدولة في الصومال وليس على غرار السنوات التي قضاها في الولايات المتحدة.

ومع أن واشنطن كغيرها من الدول الكبرى التي استثمرت في السلام والتنمية لسنوات طويلة إلا أنها تأبى أن تعترف بأن الخطط قد تخرج عن مسارها حتى حين تتوافر الأدلة حيث مازالت الأموال الغربية تتدفق إلى الصومال، ما يجعل علامات الاستفهام تقفز أمام المحللين.

ورغم أن فرماجو يعد رئيسا ساعد في تجميع الائتلافات السياسية، لكن ربما يكون أقوى رجل في الصومال هو فهد ياسين حاج طاهر رئيس وكالة الأمن والاستخبارات الوطنية لأنه يقف في طليعة جهود الصومال لهزيمة الإرهاب، ومن الناحية النظرية، يعتبر نقطة الاتصال بين مختلف أجهزة المخابرات التي تسعى إلى هزيمة حركة الشباب التابعة للقاعدة.

ويعتبر روبين أنه بما أن الولايات المتحدة تمول وكالة المخابرات الصومالية، فهذا يجعل فهد هدفا مباشرا للسخاء الأميركي، أما خارج الصورة، فقد ذكرت معلومات أن فهد يتلقى أيضا أموالا من قطر وربما تركيا أيضا.

ولا ينبغي أن يتفاجأ المراقبون من أن مثل هذا الاستثمار لم يؤت ثماره، حيث يشير التعمق في سيرة فهد إلى أنه يمكن أن يكون ذراع القاعدة في الحكومة الصومالية وهو ما تثيره شكوك بسبب الغموض في سيرته الذاتية حيث تشير وثائق كينية إلى أن هناك خلافا حول محل ميلاده.

وولد فهد ضمن عشيرة صغيرة تتمركز في المنطقة التي يقطنها الصوماليون في إثيوبيا وعندما كان في الرابعة، انفصلت والدته عن والده، وسافر معها من جدو إلى مقديشو، حيث استقر في إحدى مدن الصفيح في حي هولواداغ بالعاصمة، بالقرب من مكان معركة مقديشو في 1993 المعروفة بـ”بلاك هوك داون”، وإلى جانب دراسته للقرآن فإن كل تعليمه المغاير كان عبارة عن دراسة ذاتية.

وعندما تزوجت والدته بشخص آخر في أواخر ثمانينات القرن الماضي، ظهر التوتر على شخصية فهد وكثير من الذين كانوا يعرفونه وصفوه بـ”المتعصب الديني” لأنه أجبر على أن يتبنى أسلوب زوج والدته المتشدد حتى لا يتعرض للطرد من المنزل وبدأ في تعلم الدروس الأولى في التطرف.

ومع انهيار نظام سياد بري في 1991 فرت عائلة فهد إلى كينيا لوجود صلات عشائرية بين زوج والدته ودكتاتور الصومال آنذاك حيث بقت في مخيم للاجئين قرب مومباسا وقد تولى فهد وظيفة إمام مسجد والتقى بعبدالشكور علي ميرا وجمال محمد حسن وكلاهما متورطان في قضية الاتحاد الإسلامي وهي جماعة إرهابية وفقا لتصنيف واشنطن وتتبع القاعدة.

وهنا يؤكد روبين أنه ليس من المستغرب أن تتوج تلك العلاقة فجمال يشغل منصب وزير التخطيط في الوقت الحالي ويحصل على أموال من واشنطن بينما يشغل عبدالشكور مقعدا في البرلمان الصومالي.

ووفق روبين المحلل المتخصص في إيران وتركيا والشرق الأوسط الأوسع، كانت اللحظة الفارقة في حياة رئيس الاستخبارات الصومالية، هي مقتل زوج والدته الذي انضم للاتحاد الإسلامي وقتل في 1997 وهي اللحظة التي كون فيها بذور العداء للغرب والمسيحيين وبدأ التحدث عن “التوغل الصليبي في الشرق الأفريقي”.

ومع دخول شبكة الإنترنت بقوة وظفها فهد واستطاع تكوين أتباع عبر بوابة رقمية راديكالية تسمى “صوماليتالك”وهي منصة تتناول السياسة من منظور إسلامي، وهو الوقت الذي قيل فيه إنه سافر إلى اليمن لاستكمال تعليمه الديني في حين يقول البعض إنه توجه إلى باكستان.

وبغض النظر عن ذلك، فقد التقى عند عودته إلى الصومال فرح شيخ عبدالقادر وهو سياسي بارز تخرج من الجامعة الإسلامية في إسلام أباد، وكان حلقة الوصل في علاقته بوضاح خنفر الذي كان رئيسا لتحرير قناة الجزيرة القطرية آنذاك.

وبعد أن حدثت طفرة في تقدم الإسلاميين في الصومال في عام 2006 عاد فهد لبلده ليتقلد منصب مدير مكتب الجزيرة ومن خلال تميزه انتقل إلى معسكر تدريب إسلامي حيث قام الشيخ حسن تركي وهو واحد من قدامى المجاهدين في الاتحاد الإسلامي ومؤسس حركة الشباب بجولة شخصية معه في المعسكر.

وقد تمكن فهد من إجراء مقابلات مع شخصيات بارزة في حركة الشباب في المعسكر الذي يأوي حينها عناصر من القاعدة مطلوبين في هجمات على سفارات واشنطن في كينيا وتنزانيا.

وخلال الفترة التي أدار فيها رئيس المخابرات الصومالية مكتب الجزيرة في مقديشو تلقى تدريبات تابعة للمخابرات القطرية حيث تمكن من خلال جواز سفره الكيني من التنقل بحرية أكبر وعلى نطاقات أوسع وتقديم الدعم لحركة الشباب.

ولكن في العام 2012 اختار أن يضطلع بدور أكثر نشاطا في السياسة الصومالية عن طريق توظيف الأموال القطرية لشراء الأصوات داخل البرلمان الصومالي وقد كان يتفاخر باعتباره رجل قطر في الصومال حتى وقت قريب، وفي 2016 شرع في توظيف الأموال القطرية لدعم حملة الرئيس الحالي وقد أسفر ذلك عن وجوده في منصبه الآن.

وعمد فهد ضمن خطته إلى الاعتماد على حلفائه الإسلاميين مقابل التخلص من الحرس القديم وعقب هجوم دام نفذته حركة الشباب في أكتوبر 2017 مخلفة حوالي 500 ضحية، عقد فهد صفقة مشبوهة مع الإرهابيين تضمنت الحد من عدد العمليات في العاصمة مقابل تمكين الحركة من فرض ضرائب على الشركات والمواطنين داخل العاصمة أيضا ولذلك تهاجم الحركة الآن أهدافا خارج الصومال.

كما عمل في تصفية سياسيين صوماليين إرضاء للدوحة ففي ديسمبر 2017 أعطى فهد أمرا بشن هجوم على منزل عبدالرحمن عبدالشكور واعتقلته وقتلت قواته ستة من حراسه لأن الدوحة لا تثق في صلاته بأبوظبي. كما اتضحت علاقات فهد مع قطر والإرهاب بعد تسريب مكالمة هاتفية تشير إلى أن الدوحة أمرت بشن هجوم على بوساسو، الميناء الرئيسي في بونتلاند.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى