“مأزق السداد” يتربص بقدرة السودان على تمويل قروضه (تقرير)
الخرطوم – صقر الجديان
– لا تملك الحكومة السودانية مصادر دخل لسداد القروض
– نجحت في إعادة جدولة ديون مستحقة يبدأ سدادها بعد 16 عاما
– 60 مليار دولار إجمالي الديون المستحقة على الخرطوم
بعد مفاوضات ماراثونية مع الدائنين، تحصلت الحكومة السودانية على الموافقة لجدولة الديون الخارجية لفترة 16 عاما قادمة مع فترة سماح لست سنوات لضعف قدرة البلاد على السداد.
وأكدت وزارة المالية السودانية في منشور عبر منصة الناطق باسم الحكومة السودانية، حمزة بلول، على “فيسبوك”، الأسبوع الماضي، تمكنها من إعادة جدولة ديون البلاد المتبقية إلى 16 عاما.
وأكدت الوزارة وفقا لمنصة المتحدث الرسمي، أن “السودان لن يقوم بسداد أية مدفوعات فائدة إضافية خلال فترة الوصول إلى نقطة الإكمال (فترة السماح)؛ لضعف قدرته على السداد”.
وأوقفت ديون السودان الخارجية عجلة التنمية بالبلاد، إبان إغلاق الصناديق الدولية المانحة أبوابها، عقب تراكم الديون وعدم القدرة على السداد بما تسبب في عدم منح البلاد أية قروض أو منح، والاكتفاء بالمساعدات الفنية.
وتبلغ الديون المستحقة على السودان حوالي 60 مليار دولار؛ وفي 27 يونيو/حزيران، انضم البلد إلى مبادرة صندوق النقد الدولي لتخفيف ديون الدول الفقيرة “هيبيك”، ما سمح بإعفائه من 23.5 مليار دولار مستحقة لدول “نادي باريس”.
ويتوقع السودان إعفاءه من ديون إجمالية قيمتها 50 مليار دولار، مع انضمام دائنين من خارج نادي باريس للمبادرة، أبرزهم الكويت والسعودية والإمارات.
وقالت وزارة المالية إنها لم تتوصل بعد لاتفاق حول شروط الدائنين الثنائيين من خارج نادي باريس، سواء دول أو مقرضين تجاريين، بشأن تخفيف الديون.
وبدأت ديون السودان تتضخم منذ سبعينات القرن الماضي، بعد أن لجأت الحكومة إلى الاقتراض من الصناديق الدولية، والدول المتقدمة، لسد العجز الدائم في الإيرادات العامة.
وأوضح عضو البرنامج الإسعافي للحكومة الانتقالية، شوقي عبد العظيم، إن الديون التي تمت جدولتها هي للصناديق والدول خارج نادي باريس، وفي مقدمتها الصناديق العربية وعدد من الدول من بينها الصين.
وكشف في حديثه مع الأناضول، أن الكويت من أكبر الدول الدائنة، ويقدر دينها بـ 18 بالمئة من جملة الديون لتمويلها مشروع سد مروي للإنتاج الكهربائي شمال البلاد، إضافة إلى القروض التي منحتها لحكومة البشير السابقة لتمويل عدد من المشروعات.
وقال عبدالعظيم إن هناك ديونا على بلاده صغيرة الحجم، تسعى الحكومة الانتقالية للحصول على إعفاء من سدادها من خلال المفاوضات الثنائية.
وأشار إلى ديون الصين والتي تقدر بملياري دولار، عبارة عن حصص الصين من النفط والتي كانت الحكومة السابقة تشتريه لتغطية الاستهلاك المحلي، بجانب قروض المحطات الكهربائية غرب البلاد وقروض لإنشاء مطار الخرطوم الجديد.
“الحكومة الانتقالية، ستسعى لتسديد الديون حتى تتمكن من الاقتراض مجددا، وإيقاف الفوائد المتراكمة”.
في يناير /كانون ثاني الماضي وقعت الولايات المتحدة مع السودان، للحصول على قرض تجسيري لتسوية 1.2 مليار دولار، لسداد متأخرات مستحقة للبنك الدولي.
المسؤول السوداني، نوه إلى إمكانية الاعتماد على بعض الأدوات الإنتاجية، ولا سيما الذهب والمعادن الأخرى في سداد الديون.
ويبلغ احتياطي السودان من الذهب حوالي 1550 طنا وفق تقديرات وزارة المعادن السودانية.
ولا تملك الحكومة السودانية أية موارد مالية أخرى، تقود إلى توفير سيولة لسداد أقساط القروض التي ستسحق بعد 6 سنوات، خاصة وأن اقتصاد البلاد تضرر بشدة خلال فترة تزيد عن 20 عاما من العقوبات.
بدوره، يرى الخبير الاقتصادي، عبدالله الرمادي، أن الإمكانيات المتوفرة بالسودان، يمكنها أن تعمل على سداد الديون المتبقية في حال تم استغلالها بصورة جيدة.
ورهن الرمادي استطاعة السودان على سداد الديون، من الأدوات الإنتاجية، في حال سن تشريعات وقوانين رادعة تكافح التهريب والفساد وتجنيب المال العام.
واستبعد اللجوء إلى فرض ضرائب بهدف توفير أموال لسداد الديون، لصعوبة التطبيق في الوقت الراهن وخاصة عقب سلسلة الإصلاحات الاقتصادية التي أقرتها الخرطوم مؤخرا.
وفي يونيو/ حزيران 2020، وقعت الحكومة مع صندوق النقد الدولي على برنامج مراقبة اشتراطات الأخير على الحكومات، وتقييمها بعد عام، للحصول على تسهيلات مالية وقروض تزيد عن مليار دولار.
واشترط الصندوق على الخرطوم، الإقرار بجملة من الإصلاحات من أهمها رفع الدعم عن المحروقات والكهرباء وتوحيد سعر الصرف في جميع المنافذ.
وفي يونيو الماضي، أعلنت الحكومة الانتقالية رفع الدعم عن الوقود (البنزين والديزل) نهائيا.
وفي فبراير/شباط الماضي، عومت الحكومة السودانية جزئيا عملتها الوطنية، ما أدى إلى ارتفاع سعر الدولار لأكثر من 375 جنيها من 55 جنيها السعر الرسمي قبل التعويم.