ما هي الملفات التي أشعلت خلافات البرهان و «حميدتي »
الخرطوم – صقر الجديان
زادت الخلافات بين قائد الجيش وقائد الدعم السريع بعد سلسلة من التراشقات خلال الأسبوعين الماضيين، تطرقت هذه المرة إلى أبرز القضايا، لا سيما العملية السياسية الجارية في البلاد ودمج عناصر الدعم السريع في القوات المسلحة.
وتتعاظم المخاوف من نشوب صراع مسلح بين الجيش والدعم السريع، بعد أن طفت خلافات القائدين على السطح وارتبطت بعدة ملفات داخلية وخارجية وأخرى تديرها قوى إقليمية.
وعلق قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في أكثر من مناسبة على العملية السياسية الجارية مطلقاً تصريحات وصفت بالضبابية حول نقل السلطة للمدنيين بعد سيطرته عليها في 25 أكتوبر 2021.
وخرج تالياً حميدتي في خطاب موجه للشعب قبل أيام، معترفا بخطأ الاشتراك في انقلاب 25 أكتوبر الذي أطاح بالحكومة المدنية فيما يسميه البرهان “إجراءات تصحيحية”.
ومنتصف الأسبوع الماضي زار البرهان العاصمة الإماراتية والتقى برئيس الدولة محمد بن زايد، وقالت وكالة أنباء الإمارات “وام” إن رئيس مجلس السيادة سجل زيارة عمل لأبو ظبي.
وتؤكد مصادر متعددة لـ « سودان تربيون» اشتداد الخلافات بين القيادات العسكرية للجيش والدعم السريع في بعض المناطق بدارفور بعد توجيهات بنشر القوات المشتركة السودانية- التشادية عقب ساعات من زيارة البرهان لانجمينا هذا الشهر.
وأكدت أن قوات الدعم السريع التي كانت منتشرة على الحدود خاصة في ولاية غرب دارفور، تلقت توجيهات بالانسحاب وإزالة مناطق ارتكازها.
وتحدث حميدتي في تصريحات صحفية خلال يناير الماضي عن إفشال محاولة لتغيير النظام في جمهورية أفريقيا الوسطى متهما جهات بتسليح وتوفير الأزياء لقوة عسكرية على حدود الولاية.
وتدور الخلافات بين الرجلين بحسب مصادر في الدعم السريع تحدثت لـ « سودان تربيون» حول تنفيذ وحركة الانتشار الأخيرة لتلك القوات في دارفور.
وقالت مصادر عسكرية لـ « سودان تربيون» إن قيادة الجيش رفضت نشر قوات الدعم السريع بشكل “انفرادي” دون التنسيق مع القوات المشتركة الموجودة حالياً في دارفور.
ويتهم ناشطون في دارفور قوات الدعم السريع بإدارة أنشطة تعدين في الشريط الحدودي مع تشاد وأفريقيا الوسطى بمعاونة قوات فاغنر الروسية.
وقال الناشط أحمد محمد عبد القادر، لـ « سودان تربيون» إن مشاهدات الأهالي المستمرة وثقت نشاطاً تعديناً للدعم السريع ومجموعة من الروس العسكريين.
افتعال الأزمة
ويتحدث عضو المجلس المركزي الريح محمد صادق محاولات بعض الأطراف لافتعال أزمة سياسية بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع. ووصفها بـ”المضرة والخطيرة” على مستقبل السودان و ربما تؤدي إلى نزاع مسلح واسع النطاق.
وأردف: “يدرك الطرفان هذا الأمر بكل تأكيد وأعتقد أن الرجلين يستطيعان بمعاونة القوى السياسية المدنية التوصل إلى تفاهمات تمنع مثل هذه الاحتمالات، ولا شك أن بعض القوى الإقليمية تريد للجيش أن يدخل في صراع مسلح مع قوات الدعم السريع لكن كل السودانيون يدركون تبعات هذا الأمر”.
ورأى الريح، أنّ مجهودات التوفيق المعتمدة بشكل أساسي على الوصول لصيغة مناسبة للإصلاح الأمني والعسكري ستنهي هذا بوادر النزاع في الوقت الراهن.
مناورات الحدود
ويقول الباحث التشادي محمد طاهر زين في مقال على “عربي بوست” إن المنطقة الحدودية الممتدة بين السودان وجمهورية إفريقيا الوسطى وتشاد ظلت محور مناورات مكثفة في الآونة الأخيرة، وكان الهدف النهائي منها هو السيطرة على مناجم الذهب في مقاطعة فاكاجا الغنية بالألماس في جمهورية إفريقيا الوسطى.
وتشير متابعات خاصة إلى تحالف يجمع بين أحد أبرز قادة المعارضة الأفروأوسطية نور الدين آدم وزير الأمن العام السابق، وقوات الدعم السريع. لكن معلومات أخرى تشير إلى وجود علاقات اتصال غير مباشرة بين قادة في الجيش كانوا ضمن مجموعة مسهلين للتفاوض بين الأطراف في إفريقيا الوسطى التي استضافتها الخرطوم في فبراير 2019.
وذكر تقرير حديث لموقع “ميديل إيست اي” البريطاني، أن نائب الزعيم الفعلي للسودان، الجنرال محمد حمدان دقلو، ساعد في وقف انقلاب للإطاحة بحكومة جمهورية أفريقيا الوسطى، تم التخطيط له عبر الحدود في السودان.
لكن قوى المعارضة المعروفة باسم (تحالف الوطنيين من أجل التغيير)، والتي تضم مجموعة سيليكا السابقة بقيادة الرئيس السابق لجمهورية أفريقيا الوسطى، فرانسوا بوزيزي، نفت مزاعم حميدتي. واتهمت قوات الدعم السريع بدعم فاغنر ضدهم داخل حدود جمهورية أفريقيا الوسطى.
وبعدها بأيام نفى البرهان حديث نائبه الذي اتهم جهات داخلية بشكل غير مباشر في التورط في العملية قائلا: “لم يجند السودان ولا جيشه يوماً مرتزقة ليقاتلوا في دولة ثانية، فنحن جيش محترف ونظامي يلتزم بالنظم والقوانين الدولية”.
وتدور أحاديث حول انزعاج عضو المجلس السيادي شمس الدين كباشي من تمدد قوات الدعم السريع وعملية انتشارها وضرورة وضع حد لذلك.
وقالت مصادر عسكرية لـ « سودان تربيون» إن كباشي، تحدث في عدة اجتماعات سابقة لقيادة الجيش حول ضرورة إنهاء وجود المليشيات المسلحة ودمج الدعم السريع- في وقت لم يتسن لـ سودان تربيون تأكيد الحديث من عضو مجلس السيادة.
في المقابل، رأى قائد في الدعم السريع اشترط حجب اسمه، للحديث لـ « سودان تربيون» إن كباشي يعمل على خلق أزمة بين البرهان وحميدتي، خاصة من خلال تصريحاته الأخيرة حول وضعية القوات.
واتهم القائد عضو مجلس السيادة شمس الدين كباشي، بمحاولة عرقلة العملية السياسية واستخدام مجموعات سابقة كانت تعمل في المؤسسة العسكرية لإدارة آراء سلبية على المنصات الإعلامية ضد قواتهم والاتفاق الإطاري.
وقبل أسبوعين سجل وزيرة الخارجية الروسي سيرخي لافروف، زيارة للعاصمة السودانية تطرقت للأوضاع الحدودية بين السودان وتشاد وافريقيا خلال مقابلتين منفصلتين مع البرهان وحميدتي.
ويشير أستاذ العلوم السياسية علي محمد الحاج، إلى وجود تقاطعات مصالح بين قائد الجيش وقائد الدعم السريع في الظل الإقليمي غربا، ووجود تنافس عالي حول تدعيم الصلات مع النظامين الأمريكي والروسي.
ولفت الحاج، إلى زيارات متتالية للبرهان وحميدتي إلى العاصمة التشادية كان فاصل التوقيت بينهما يوما واحدا. كما نبه إلى إجراء محادثات مطولة للطرفين مع الوزير الروسي في الخرطوم.
وقال إن الخلافات الحالية بين الرجلين تعكس بشكل واضح الأزمة داخل القوات النظامية، وخطورة تعدد المواقف والآراء بين اولئك القادة.