أخبار السياسة المحلية

محاولة اغتيال البرهان: انقسامات داخلية تهدد مسار السلام في السودان

بورتسودان – صقر الجديان

في خطوة وصفت بالخطيرة وتهدد بتعقيد الأوضاع الأمنية والسياسية في السودان، تعرض رئيس مجلس السيادة، الفريق أول عبدالفتاح البرهان، لمحاولة اغتيال باستخدام طائرة مسيرة في منطقة جبيت.

يأتي هذا الهجوم في توقيت حساس جداً، بعد إعلان الجيش السوداني موافقته على الذهاب إلى جنيف للتفاوض حول إنهاء الصراع الدموي المستمر في البلاد.

هذا الحادث يثير تساؤلات حول دوافع الجهات الفاعلة في هذه العملية ودورها في تصعيد الأزمة السودانية.

توقيت الهجوم ورسائله: استهداف لجهود السلام

العملية وقعت في توقيت حساس للغاية، مباشرةً بعد إعلان الجيش السوداني استعداده للمشاركة في مفاوضات جنيف. ليس من قبيل الصدفة أن يأتي هذا الهجوم في هذا التوقيت، إذ يبعث برسالة واضحة من بعض القوى التي تعارض بشدة أي جهد يسعى لإنهاء الصراع بالطرق السلمية.

هذه القوى، التي تشمل ضباطًا داخل الجيش مرتبطين بالحركة الإسلامية وكتائب البراء المتحالفة مع إيران وجماعة الإخوان المسلمين، ترى في التفاوض الدولي تهديدًا مباشرًا لمصالحها.

إن اختيار هذا التوقيت بالذات يشير إلى نية واضحة لتعطيل جهود التفاوض من البداية، وهو ما يعزز الشكوك حول وجود تخطيط داخلي مدروس من قبل أطراف تخشى أن تؤدي التسوية السلمية إلى فقدانها لنفوذها ومكاسبها داخل البلاد.

هذه الأطراف، المستفيدة من استمرار حالة الفوضى والصراع، تعمل على إطالة أمد الأزمة لتحقيق مكاسب سياسية وأمنية.

دور الضباط وقادة الجيش المرتبطين بالحركة الإسلامية: عمق الانقسامات الداخلية

من المعروف أن الحركة الإسلامية لها تاريخ طويل من النفوذ داخل الجيش السوداني، حيث كانت جزءاً من النسيج السياسي والأمني للبلاد لفترات طويلة. هؤلاء الضباط يرون في أي محاولة للتفاوض بوساطة دولية تهديدًا لمصالحهم ومواقعهم داخل المؤسسة العسكرية.

تشير التقارير إلى أن كتيبة “البراء”، بقيادة المصباح، لعبت دوراً محورياً في محاولة الاغتيال، خاصةً مع تصاعد التوترات داخل المؤسسة العسكرية بين أنصار الحركة الإسلامية والقيادات الأخرى.

المصباح، الذي ألمح إلى رفضه مشاركة البرهان في مفاوضات جنيف عبر منشور على حسابه في فيسبوك بعد الهجوم مباشرة، يعزز من الشكوك حول تورطه وتورط كتيبته في العملية.

هذا الانقسام الداخلي بين الفصائل المختلفة داخل الجيش، لا سيما بين مؤيدي الحركة الإسلامية ومعارضيها، يعكس عمق الأزمة التي يعيشها السودان.

الادعاءات حول تدخل خارجي: محاولة لتشتيت الانتباه

في خضم هذه التطورات، تتصاعد الادعاءات حول وجود تدخل خارجي في محاولة اغتيال البرهان.

التاريخ يشير إلى أن الجماعات الإسلامية غالباً ما تستخدم مثل هذه الادعاءات لتوجيه الأنظار بعيدًا عن المتورطين الفعليين ولتعقيد الأمور أكثر.

بينما قد يكون هناك تداخل في الأجندات الإقليمية، إلا أن الواقع على الأرض يشير إلى أن الانقسامات الداخلية والتوترات بين الفصائل المختلفة داخل السودان تلعب دوراً أكبر في تأجيج الصراع وفي مثل هذه العمليات.

مستقبل السودان في ظل الانقسامات الداخلية

محاولة اغتيال البرهان تفتح الباب أمام تساؤلات كثيرة حول مستقبل السودان ومسار العملية السياسية.

الانقسامات الداخلية والصراع بين قوى متعددة المصالح تجعل من السودان ساحةً معقدة ومليئة بالتحديات. الحل يكمن في الوحدة الداخلية واستمرار الجهود للتوصل إلى تسوية سياسية تحفظ مصالح جميع الأطراف وتحافظ على استقرار البلاد.

في النهاية، يبقى مستقبل السودان مرهونًا بقدرة قادته على تجاوز هذه الانقسامات والعمل على تحقيق الوحدة الوطنية.

هذه المحاولة الفاشلة ليست سوى مؤشر على التحديات الكبيرة التي تواجه السودان، ومع ذلك فإن الحلول السلمية والتفاوضية تظل الخيار الأفضل لتحقيق الاستقرار والتنمية في البلاد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى