مسؤول أممي:طرفا حرب السودان أوقفا القتال من أجل النفط وفشلا في حماية المدنيين

نيويورك – صقر الجديان
قال مسؤول في الأمم المتحدة، الاثنين، إن الجيش وقوات الدعم السريع لا يرغبان في التوصل إلى حلول رغم إيقافهما القتال للحفاظ على عائدات النفط، مع الفشل في فعل ذات الأمر لحماية السكان.
وتحدث مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادئ، خالد خياري، أمام جلسة لمجلس الأمن الدولي عقدت بطلب من السودان، طرح خلالها رئيس الوزراء كامل إدريس مبادرة لإنهاء النزاع.
وقال خالد خياري: “الطرفان لا يزالان غير راغبين في التوصل إلى حلول وسط أو خفض التصعيد، برغم تمكنهما من وقف القتال للحفاظ على عائدات النفط، إلا أنهما فشلا حتى الآن في فعل الشيء نفسه من أجل حماية السكان”.
وأوضح أن قوات تأسيس سيطرت على هجليج بولاية غرب كردفان في 8 ديسمبر الحالي، حيث إنها حقل نفطي ومحطة معالجة حيوية للنفط القادم من جنوب السودان الذي يُضخ إلى ميناء بورتسودان للتصدير.
وذكر أن الجيش انسحب من هجليج إلى جنوب السودان، فيما دخلت قوات من الأخيرة إلى الأراضي السودانية لحماية البنية التحتية النفطية في الحقل.
وأضاف: “بعيدًا عن هجليج، أُبلغ عن تحركات لجماعات مسلحة عبر الحدود بين السودان وجنوب السودان في الاتجاهين، بما قد يحمل آثارًا مزعزعة للاستقرار على البلدين”.
وتابع: “تعكس هذه التطورات الطبيعة المتزايدة التعقيد للنزاع واتساع أبعاده الإقليمية. وإذا لم تتم معالجتها، فقد ينخرط جيران السودان في صراع إقليمي داخل السودان وحوله”.
وأفاد خياري أن المبعوث الشخصي للأمين العام إلى السودان، رمطان لعمامرة، يتواصل مع طرفي النزاع لحثهما على الانخراط في مناقشات بشأن تدابير ملموسة وقابلة للتنفيذ لخفض العنف وتعزيز حماية المدنيين.
وأوضح أن المبعوث يجري مشاورات وثيقة مع أعضاء المجموعة الرباعية، حيث يُعد التنسيق المستمر لجهود السلام أمرًا أساسيًا لتعزيز الأثر الجماعي.
وأوضح أن الأمم المتحدة تركز مع الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي ومنظمة الإيقاد وجامعة الدول العربية على دعم حوار سوداني–سوداني بقيادة الاتحاد الأفريقي، لتمهيد الطريق لانتقال موثوق وشامل تقوده سلطة مدنية.
وبيّن أن مكتب المبعوث الشخصي يدعم هذه الجهود بعمله على إعداد وثيقة توافقية تهدف إلى تلخيص الرؤى التي طرحتها القوى السياسية السودانية والشخصيات البارزة.
وتابع: “يهدف هذا المسعى إلى تحديد نقاط الالتقاء في وجهات النظر، بما يمكن أن يساعد أصحاب المصلحة السودانيين على صياغة أفق سياسي موثوق”.
وكشف خياري عن استعدادات لعقد الاجتماع التشاوري الخامس بشأن تعزيز تنسيق مبادرات السلام، في مطلع العام المقبل في العاصمة المصرية القاهرة.
وقال خياري إن استمرار النزاع يفاقم مستويات العنف والدمار بصورة مروّعة، فيما يتحمل المدنيون معاناة هائلة لا يمكن تصورها، من دون أي أفق لنهاية قريبة.
وأشار إلى أن النزاع خلال الأسابيع الأخيرة تركز في كردفان، حيث حققت قوات تأسيس مكاسب ميدانية بسيطرتها على بابنوسة وهجليج، بينما أصبحت مدينتا كادقلي والدلنج بولاية جنوب كردفان تحت أوضاع حصار متزايدة الشدة.
وأوضح أن مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان حذر على مدى أشهر من مخاطر تصعيد الأعمال العدائية في إقليم كردفان، كما دعا إلى تحرك عاجل لمنع تكرار الفظائع التي وُثقت في شمال دارفور، ولا سيما في مدينة الفاشر.
وتابع: “من السمات المثيرة للقلق بشكل خاص في هذا النزاع، الاستخدام المتزايد للضربات العشوائية بالطائرات المسيّرة من قبل الطرفين، ما يتسبب في سقوط أعداد كبيرة من القتلى المدنيين”.
وأفاد بأن هجمات بطائرات مسيّرة في 4 ديسمبر الحالي على كلوقي أسفرت عن مقتل أكثر من 100 شخص، من بينهم 63 طفلًا، حيث شن الهجوم على روضة أطفال والمستشفى الذي نُقل إليه ضحايا الهجوم الأول لتلقي العلاج.
وذكر خياري أن الطائرات المسيّرة في 13 ديسمبر الجاري استهدفت القاعدة اللوجستية للأمم المتحدة في مقر آلية التحقق والمراقبة الحدودية المشتركة في كادقلي، حيث قُتل ستة من أفراد كتيبة حفظ السلام البنغلادشية العاملة ضمن قوة الأمم المتحدة الأمنية المؤقتة لأبيي “يونيسفا”، وأُصيب تسعة آخرون بجروح.
وكشف عن فتح “يونيسفا” تحقيقًا في الحادثة، حيث تعمل في ظروف بالغة الصعوبة على حفظ الأدلة التي قد تساعد في تحديد المسؤولين عن الهجوم.
وبيّن أن الأمين العام شدد على أن الهجمات التي تستهدف حفظة السلام التابعين للأمم المتحدة قد تشكل جرائم حرب بموجب القانون الدولي، داعيًا إلى المساءلة، ومؤكدًا أن سلامة وأمن حفظة السلام غير قابلة للتفاوض.
وحذر خياري من خطورة تزايد حالات احتجاز المدنيين المتهمين من قبل أحد الأطراف بـ”التعاون” مع الطرف الآخر، حيث وثق مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في نوفمبر الماضي اعتقال واحتجاز 93 مدنيًا في إقليم كردفان بتهمة التعاون.
فشل زيارة مهمة
ودعت مديرة قسم العمليات والمناصرة بمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا”، إديم وسورنو، مجلس الأمن الدولي إلى توجيه رسالة تتعلق بعدم التسامح مع الهجمات الموجهة ضد المدنيين، والهجمات العشوائية، والعنف الجنسي.
وطالبت بتمكين العاملين في المجال الإنساني، بمن فيهم الشركاء المحليون، من القيام بعملهم بأمان ودون تدخل.
وأضافت: “هناك حاجة الآن أكثر من أي وقت مضى إلى جهود متجددة لوقف القتال، ووقف تدفقات الأسلحة التي تغذي الصراع، ودفع الأطراف نحو وقف إطلاق نار شامل ودائم على مستوى البلاد، تشتد الحاجة إليه”.
وذكرت وسورنو أن الاحتياجات الإنسانية لا تزال هائلة في جميع أنحاء دارفور، فيما تواصل الأمم المتحدة جهودها للوصول الآمن إلى الفاشر، مع استمرار المناقشات بشأن نشر فريق لتقييم الوضع الأمني.
وأشارت إلى أن الأمم المتحدة ما زالت تتلقى تقارير جديدة عن انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني ارتُكبت أثناء وبعد سيطرة قوات تأسيس على الفاشر، بما في ذلك عمليات قتل جماعي وعنف جنسي.
وأوضحت أن ولايات كردفان أصبحت مركزًا جديدًا للعنف والمعاناة، حيث تسببت الهجمات في سقوط قتلى وجرحى ودمار، وقيدت وصول المساعدات الإنسانية.
وقالت وسورنو إن انعدام الأمن أدى إلى عدم تمكن فريق مشترك بين الوكالات، بقيادة منسقة الشؤون الإنسانية، كان يعتزم زيارة كادقلي بولاية جنوب كردفان في 15 ديسمبر الحالي.




