سفر وسياحة

مطاعم أوروبا الراقية.. معالم فاخرة سيفتقدها السياح بعد الجائحة

 

في عالم ما بعد جائحة كورونا، قد يفتقد السياح المحبون لمطاعم أوروبا الراقية الكثير من الأماكن التي اعتادوا عليها بسبب إفلاسها وزوالها.

وتضررت المطاعم الأوروبية الراقية التي تعتمد بشكل كبير على السياح من كل أنحاء العالم، أكثر بكثير من غيرها، رغم أنها كانت دائما من أهم عوامل الجذب السياحي في فرنسا، وإسبانيا، وبريطانيا، وإيطاليا، وألمانيا.

وحسب إحصاء قام به دليل “ميشلان” السياحي العالمي، أغلقت أغلب المطاعم الفاخرة الأوروبية بسبب قيود الجائحة أو الصعوبات الاقتصادية، ويستمر العمل حاليا في نحو 20% منها فقط.

ووفقا لوكالة فرانس برس، لم ينجُ مطعم “زالاكاين” في مدريد من تبعات جائحة كوفيد-19، رغم كونه مقصداً لمحبي طبق البطاطا سوفليه الذي يشتهر به، ليجسد حالَ فن الطهي الرفيع المستوى الذي يعاني في كل دول أوروبا ويبذل قصارى جهده لتجنب الأسوأ.

إطفاء الفرن الذي اشتعل نصف قرن

وأطفأ المطعم نار أفرانه نهائياً بعد مسيرة نحو نصف قرن، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.

وتقول مديرة “زالاكاين” كارمن غونزاليس “لقد فعلنا المستحيل”.

لكنّ المحاولات لم تكن كافية للحفاظ على هذا المطعم الشهير الذي كان أول مطعم في إسبانيا حصل على 3 نجوم “ميشلان”  قبل أن يخسرها عام 2015.

ما ألمّ بالمطعم الإسباني العريق، كان شبيها بمصير سواه من المطاعم الكبرى في أوروبا، ومنها مثلاً “ذا غرينهاوس” و”ذا ليدبوري” اللندنيين الحاصلان على نجمتين في تصنيف “ميشلان”.

وأقفل المطعمان أبوابهما نهائياً في يونيو/حزيران الماضي، بعد انتهاء مرحلة الحجر الأولى.

ويحذّر الطاهي الأرجنتيني الشهير، الشيف ماورو كولاغريكو، في مقابلة مع وكالة فرانس برس أن “بقاء القطاع على قيد الحياة سيكون صعباً للغاية إذا استمرت الأزمة الصحية سنة 2021”.

ولن يستطيع كولاغريكو، كغيره من الطهاة في فرنسا، فتح مطعمه “ميرازور” في مينتون (جنوب شرق فرنسا) قبل 20 يناير/كانون الثاني المقبل على أقرب تقدير.

ومن جهته يرى غويندال بولينيك، مدير دليل “ميشلان” أن إقامة مطعم كبير “غالباً ما تكون مشروع العمر”.

وكشف أن من 15 إلى 20% فحسب من مطاعم الذواقة أو المطبخ الرفيع المستوى مفتوحة حالياً في أوروبا، بسبب القيود أو الصعوبات الاقتصادية.

ويؤكّد بولينيك في المقابل أن عدد حالات الإقفال الدائم في 2020 لا يزال في الوقت الراهن “مشابهاً لما كان عليه في السنوات السابقة”.

وأوضح أن المطاعم الأوروبية التي تعتمد بشكل كبير على السياح من كل أنحاء العالم، تضررت أكثر بكثير من تلك الموجودة في آسيا، على سبيل المثال ، حيث تعوّل المطاعم على الزبائن المحليين الذين يشكلون نسبة من عملائهم.

الأزمة ضخمة

ويتفنن الشيف باكو رونسيرو في طهي  المحار، في مطابخ مطعمه ذي النجمتين “تيرازا ديل كازينو” المطلّ على العاصمة الإسبانية.

ويقول الطاهي البالغ 51 عاماً “مهنتنا بالغة الأهمية لبقاء بلد مثل بلدنا يقوم على السياحة في المقام الأول.. إذا متنا جميعاً، فماذا سيبقى؟”.

واضطر رونسيرو إلى حذف بعض الأطباق من قائمة الطعام لديه توفيراً للنفقات، في ضوء تراجع عمل مطعمه بنسبة 70% مقارنة بالعام الماضي.

أما كلود بوسي ، الشيف الفرنسي لمطعم “بايبندوم” اللندني ذي النجمتين، المقفل منذ أشهر عدة، فيعتقد من جانبه أنه كان محظوظًا لأن مالك العقار الذي يقع فيه المطعم وافق على خفض بدل الإيجار، في حين قبلت المصارف بمساعدته.

ومع أنه يأسف لأن 2020 “كانت سنة ضائعة، لسوء الحظ”، يؤكد عزمه “إعادة تشغيل المحرّك”، آملاً في “أن تكون السنة المقبلة جيدة، مع قليل من الحظ”.

ومثل معظم زملائها في أوروبا، اضطرت كريستينا بويرمان (54 عاماً)، طاهية مطعم “غلاس هوستاريا” ذي النجمة الواحدة في روما، إلى الاستغناء عن خدمات عدد من العاملين لديها، فأصبحوا في حال “بطالة فنية”.

وقالت:” بالنسبة لي، الأزمة ضخمة.. سأكسب أقل بنحو 75% هذا العام”.

خدمة توصيل فاخرة

أمام هذا الواقع، حذت بويرمان حذو الآخرين، فأطلقت خدمة توصيل وجبات الغداء في رزم، سعياً إلى الحد من الخسائر.

وتُعتبَر “خدمة التوصيل الفاخرة” هذه بسعر 90 يورو للفرد، بمثابة ثورة صغيرة لمطاعم المطبخ الراقي.

كذلك شرع باكو رونسيرو في اعتماد هذه الخدمة، ويتوقع أن “يدوم” ذلك. لكنّ زميلته الإسبانية بيبا مونيوز، رئيسة اتحاد جمعيات الطهاة ومعدّي الحلويات في إسبانيا، ترى أن هذه الصيغة “لا تحل أي شيء” لأن الطلب كبير أصلاً منذ الإقفال الأول.

في فرنسا، تبنى طهاة كبار من مرسيليا (جنوباً) شاحنة تقديم الطعام مثل ألكسندر ماتزيا، الحائز على نجمتين.

وهذه المحاولات قد تسمح أيضاً لهذه المطاعم الكبيرة بجذب المزيد من الزبائن المحليين.

ويرى خبير المطبخ الراقي الألماني يورغ زيبريك أن الجائحة أبرزت خطأ بعض الطهاة “الذين قالوا لأنفسهم في وقت ما أن الزبائن المحليين لا يدفعون ما نطلبه، سوف نراهن على السياحة الدولية”.

وأضاف أن هذه الأزمة تكشف أيضاً عن “فقاعة” مأكولات راقية “يمكن مقارنتها بفقاعة العقارات لعام 2008”.

ولاحظ أن “كيفية نمو العرض على مدار الأعوام الخمسة عشر المنصرمة، لا توحي أن عدد الذواقة  زاد كثيرا”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى