أخبار السياسة العالمية

معاهدة السلام الإماراتية الإسرائيلية.. 3 لاءات ومكاسب لفلسطين والعالم

 

3 لاءات يمكن استلهامها من فلسفة معاهدة السلام الإماراتية الإسرائيلية، وهي أنها لا تمثل تهديدا لأحد سواء إيران أو غيرها، ولا تتسبب في أي خسائر لأي طرف فالجميع رابحون منها، وأبرزهم القضية الفلسطينية بعد أن أنقذت المعاهدة أكثر من 30% مما تبقى من أرض فلسطين من أن يتم ضمه والاستيلاء عليه.

أما اللاء الثالثة فهي أنه لا تراجع عن المضي قدما في تنفيذها، فقد انطلق قطار السلام من محطة أبوظبي ولن يتوقف.

يدرك معنى وقيمة تلك اللاءات من يعرف مكانة الإمارات وقدر قادتها ومبادئ سياستها الخارجية.

إصرار وعزيمة ومبادئ
فمنذ تأسيسها عام 1971، لم تضع الإمارات هدفا نصب أعينها إلا وحققته وتفوقت فيه، سواء في مجال الاقتصاد أو ريادة الفضاء أو الطاقة النووية السلمية أو العلوم والصحة، كان أحدث تلك الإنجازات إطلاق أول مسبار عربي للمريخ قبل نحو شهر، ثم تشغيل أول مفاعل سلمي نووي عربي قبل أسبوعين.

ساعدها على ذلك دعم وتوجيهات قيادتها وعزيمة وإصرار من أبنائها، وقواعد تستند عليها الإمارات في سياستها الخارجية تقوم على مبادئ التعاون والتعايش والتسامح ونشر السلام وتعزيز الأمن والأمان، ونبذ العنف والإرهاب ورفض لغة التهديد والوعيد، لتحقيق الاستقرار والازدهار في المنطقة والعالم.

استراتيجية “اللا مستحيل”
تلك العزيمة وهذا الإصرار واستنادا على تلك المبادئ، أرادت قيادة الإمارات استثمار استراتيجية “اللا مستحيل” في مجال السياسة لوضع حل للقضية الفلسطينية، تلك القضية التي استعصى على العالم حلها منذ عقود، وتحتل في الوقت نفسه مكانة مركزية في صدارة أولويات سياستها الخارجية.

كان الحل يقتضي الأخذ في الاعتبار، العبرة من دروس التاريخ، ومراعاة تحديات الحاضر، والعمل من أجل المستقبل.

الجميع رابحون
ومن هنا جاء التوصل لمعاهدة سلام تاريخية بين الإمارات وإسرائيل بوساطة أمريكية، تستند في جوهرها على دعم الحقوق الفلسطينية المشروعة، وتعزيز التعاون والتعايش المشترك، للعمل من أجل نشر السلام والازدهار والاستقرار في المنطقة.

وجاء البيان الثلاثي، الصادر في أعقاب الاتفاق الذي جرى بين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بالإمارات والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في اتصال هاتفي جرى، الخميس، واضحا في هذا الشأن.

فلم يتضمن لغة تهديد أو وعيد لأي طرف كان، بل جاء بمثابة خارطة طريق واضحة المعالم لدعم الاستقرار والازدهار.

فعلى صعيد القضية الفلسطينية نجحت الإمارات -دون أن يطلب منها أحد ومن واقع إحساس قادتها بالمسؤولية عن قضية تعد مركزية في سياستها الخارجية منذ تأسيسها- في إنقاذ 30% من الأراضي الفلسطينية وأكثر من 100 ألف فلسطيني كانوا معرضين للطرد وإنهاء 6 سنوات من الجمود.

كما بثت الروح في المسار التفاوضي للوصول إلى السلام العادل والشامل بعد نحو 3 عقود من مفاوضات بلا جدوى، أي حصلت على مكاسب مقدما للقضية الفلسطينية في سابقة في تاريخ العلاقات العربية الإسرائيلية.

كما فتحت الإمارات الطريق أمام تسوية وضع الأقصى، وألزمت معاهدة السلام إسرائيل بفتح المسجد أمام المسلمين من بقاع الأرض كافة، ولم تزعم يوما أن شرط الذهاب للأقصى يكون عبر الإمارات.

واشترطت الإمارات قبيل الذهاب لإقامة علاقات كاملة مع إسرائيل، ضمان حرية المقدسات، ووقف الأعمال التي يمارسها الاحتلال في ساحة الأقصى وغيرها من المقدسات الإسلامية والمسيحية.

خارطة طريق لأجل خير البشرية
فقد وضع البيان خطة عملية، وخارطة طريق تنموية، من أجل خير البشرية والعالم، استهلها ببدء التعاون لمكافحة انتشار فيروس كورونا، لتكون أولى ثمار هذه الاتفاقية التاريخية انتصارا علميا لأجل خير البشرية.

وستقوم الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل على الفور بتعزيز التعاون وتسريعه فيما يتعلق بمعالجة وتطوير لقاح لفيروس كورونا المستجد. ومن خلال العمل معاً، وستساعد هذه الجهود في إنقاذ حياة الجميع بصرف النظر عن ديانتهم في جميع أنحاء المنطقة.

ولا شك في أن بدء العلاقات الدبلوماسية السلمية بين اثنتين من أكبر القوى الاقتصادية في الشرق الأوسط من شأنه أن يؤدي إلى النهوض بالمنطقة من خلال تحفيز النمو الاقتصادي، وتعزيز الابتكار التكنولوجي، وتوثيق العلاقات بين الشعوب.

خصوصا مع توقعات بأن تسهم تلك الاتفاقية في تشجيع أطراف عربية أخرى بتوقيع اتفاقيات سلام مع إسرائيل، فهناك العديد من الدول العربية لديها رغبة في إقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل وطي صفحة الماضي، والبناء من أجل المستقبل.

في العالم 193 بلداً، تشكل المجتمع الدولي في الأمم المتحدة، بينها 158 دولة كلها معترفة بإسرائيل، فيما تتعرض القضية الفلسطينية لخسائر متلاحقة يوما بعد يوم، قبل أن تتدخل الإمارات وتوقف نزيف الخسائر باتفاق سلام تاريخي.

تدرك الإمارات أن طريق السلام مليء بالتحديات والعقبات التي يصنعها تجار الحروب وسماسرة القضية، ولكنها ماضية في تحقيقه، فهو قرار مستقبلي يعزّز موقع الدولة وتنافسيتها، ولن تتراجع عن تنفيذه مهما كانت التحديات، فالعلاقات الدولية واتفاقات السلام هي قرارات سيادية لا يحق لأي طرف التدخل فيها أو رفضها أو معارضتها.

وتمضي الإمارات في طريقها واضعة نصب أعينها استعادة الحقوق الفلسطينية، ونشر الأمن والاستقرار في المنطقة، وتوجيه طاقات كل دول المنطقة من أجل البناء والسلام والتنمية، ونزع فتيل التوتر، وإنهاء بواعث القلق، وإغلاق ملف التهديدات المتبادلة، ونشر الأمن والسلام والتنمية.

والخميس، اتفق الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بالإمارات والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في اتصال هاتفي، على مباشرة العلاقات الثنائية الكاملة بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة.

وفي أعقاب الاتصال، تم الإعلان عن “وقف إسرائيل خطة ضم أراض فلسطينية”، بناء على طلب ودعم من دولة الإمارات.

بجانب إيقاف خطة ضم الأراضي الفلسطينية تضمنت معاهدة السلام مواصلة الإمارات وإسرائيل جهودهما للتوصل لحل عادل وشامل ودائم للقضية الفلسطينية، والسماح لجميع المسلمين بأن يأتوا لزيارة المسجد الأقصى والصلاة فيه.

ويعد التوصل إلى هذه المعاهدة -الذي منعت إسرائيل من ضم غور الأردن والمستوطنات بالضفة الغربية وهو ما قدره الفلسطينيون بنحو 30% من مساحة الضفة- دليلا واضحا على حكمة الدبلوماسية الإماراتية.

وقوبل الإعلان عن معاهدة السلام بترحيب عربي دولي واسع، وهنأت دول عربية بينها مصر والأردن والبحرين وسلطنة عمان وموريتانيا، دولة الإمارات بالتوصل لهذا الاتفاق التاريخي.

وأشادت بريطانيا وفرنسا وألمانيا والنمسا واليونان وكوسوفو وإيطاليا واليابان وبلجيكا وكندا والهند وكوريا الجنوبية، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس والعديد من الساسة والقادة والمسؤولين حول العالم بالاتفاق، واصفين إياه بأنه خطوة تاريخية تعزز من تحقيق فرص السلام في الشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى