معسكرات لتجنيد الفتيات بالسودان وناشطات يعتبرنها دعوة لاستمرار الحرب
الخرطوم – صقر الجديان
فتحت ولاية نهر النيل شمال السودان ما وصف بأنه المعسكر الأول من نوعه و الأكبر لتجنيد الفتيات بعد دعوة القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان للاستنفار والتصدي لقوات الدعم السريع التي تتهم بارتكاب انتهاكات واسعة خلفت موجة استهجان على الصعيدين المحلي والعالمي.
واثار تدشين مراكز تدريب الفتيات حفيظة مجموعة من الناشطات واعتبرنه ارجاعا لسطوة نظام الإسلاميين الذي اطيح به في ابريل من العام 2019، كما أنه يمثل دعوة لاستمرار الحرب الذي يخالف التوجه النسوي الداعي لوقفها.
ويضم معسكر التجنيد في ولاية نهر النيل أكثر من 200 سيدة وفتاة تتراوح اعمارهن بين 17 – 50 عاما غالبهن من النازحات اللائي فررن من الحرب بالخرطوم بعد سيطرة قوات الدعم السريع على غالب الأحياء واحتلال المنازل.
وانطلقت فكرة تجنيد النساء بنهر النيل من جمعية الكرامة التي تأسست عقب الحرب بالخرطوم بتمويل حكومي حيث افتتح وزير المالية بالولاية محجوب السر معسكر الفتيات وشبه المنخرطات فيه بأخوات نسيبة.
و”أخوات نسيبة” هي اول كتيبه نسوية سودانية مقاتلة تكونت في العام 1990 على يد التنظيم الإسلامي الحاكم وقتها وقصرت مهامها على السند المدني ومساندة الجيش والمجاهدين خلال الحرب ضد الحركة الشعبية في جنوب السودان.
على ذات النسق يهدف تجنيد الفتيات في نهر النيل الى ما يسمى الإسناد العملي ودعم الجرحى والمصابين من عناصر الجيش ومد يد العون لهم معنويا وماديا وتدريب على التعامل مع الاسلحة الخفيفة بالإضافة لتدريب منتسبات للحقل الطبي على العمل في مناطق الاشتباكات وتدريب بقية المتطوعات على امكانية التنقل واغاثة المتضررين.
وبدا أن المتطوعات دفعن للانخراط في المعسكر بعد تجرعهن معاناة قاسية اثناء الاشتباكات بين الجيش والدعم السريع حيث تسيطر على مخيلات غالبهن مرارات الاغتصاب والخطف والقتل والتشريد واحتلال المنازل فكانت الرغبة في الاستعداد لمواجهة السيناريوهات الأسوأ مستقبلا والدفاع عن أنفسهن حال التعرض لاي انتهاكات هي دافع أكبر للتدريب وفق تأكيدات مشاركات في المعسكر.
تصرفات مستفزة
وبررت صفاء صلاح – اخصائية أشعة- انضمامها للمعسكر للحاجة الى تفريغ الشحنات السالبة التي اكتسبتها ايام الحرب وتشير الى حالة العجز التي تبدت أمام قوات الدعم السريع حين مارست والتسلط والاستبداد وأبشع انواع التعذيب ضد المواطنين.
واضافت صفاء لسودان تربيون ” أكثر ما استفزني انهم جردونا من انتماءنا للوطن عبر حملات تفتيش عن الهوية والبطاقة والتحرك بإذن منهم، وتفتيش السيارة واستعمار منازلنا وسرقة عرقنا وكفاحنا”.
وافادت انها ارادت تعلم استعمال السلاح لتكون أكثر استعدادا للمواجهة القادمة وأن تدافع كذلك عن أي فتاة ينتهك عرضها وشرفها بيد قوات الدعم السريع.
أما فاطمة صالح فكانت تغالب دموعها وهي تقول لسودان تربيون إن الحرب أفقدتها شقيقها وخالها وأن مصرعهما غدرا أثار الغضب وضاعف رغبتها للانتماء للجيش، فسارعت للانضمام للمعسكر لتكون أكثر استعدادا والماما باستخدام الاسلحة وأفادت أن اغتصاب البنات وخطفهن كان أكثر ما استفزها ناصحة الفتيات بعدم الركون لإذلال الطغاة وان يحمين أنفسهن.
وبحسب فرحة ابراهيم الماحي منسقة بالمعسكر فإن الدفعة الأولى ضمت 221 مجنده خضعن لتدريب في الاسعافات الأولية وشرعن في جمع التبرعات للمصابين من الجيش وعمل مخبوزات لمد العساكر بارتكازات الجيش.
وأضافت “سيكون تخريج الدفعة الاولي يوم 29 اغسطس ومن بعدها سيتم الحاق 300 مجنده تم تسجيلهم وسيخضعن للتدريب”.
والشاهد أن مبادرة التجنيد شهدت اتساعا وشرعت عدد من الولايات في تنفيذها عبر مبادرات إسناد لدعم القوات المسلحة حيث انطلقت في بورتسودان عاصمة ولاية البحر الاحمر مبادرة نساء السودان لدعم الجيش وفتح معسكرات لتدريب المرأة للدفاع عن نفسها والاهتمام باسر ضحايا الحرب، ودعم مراكز إيواء المتضررين.
وخضعت اية عبد العظيم وهي نازحة من الخرطوم بحري للتجنيد في المعسكر بنهر النيل معتبرة التدريب وتطوير المهارات لحماية النفس واجب على كل امرأة في ظل التوترات الأمنية التي تعيشها البلاد.
وقالت لسودان تربيون “أنا كطبيبة يحتم عملي التواجد في مناطق الاشتباكات واسعاف الجرحى وكان لابد أن اخضع للتدريب على حمل السلاح والدفاع عن النفس للتصدي لاي هجوم”.
وقالت ان اغتصاب الفتيات الذي وقع علي يد عناصر من الدعم السريع هو أكبر صدمة يمكن ان تتعرض لها الفتاة وما يصحبها من اذلال يستوجب ان تكون قادرة على أن تنجو بنفسها من الوقوع في شباك امر ينظر له في المجتمع بانه وصمة عار.
وسارعت مجموعه من الفتيات في نهر النيل للانضمام للمعسكر تحسبا لتعرض الولاية المتاخمة للخرطوم الى هجوم وانتهاكات مشابهة وتقول نور نصر الدين انها استمعت لقصص دارت ايام الحرب دفعتها للتحسب من سيناريو مشابه حال الاعتداء على ولاية نهر النيل من خاصه بعد ما يتم تداوله عن وصول عناصر من الدعم السريع لعدد من محليات الولاية.
ستار للإسلاميين
في المقابل حذرت مجموعات نسوية من ان تدريب الفتيات ليس سوى ستار لأنشطة متعددة تعيد امجاد الإسلاميين المعزولين خاصة وان ولاية نهر النيل تعد أحد المراكز الهامة في تاريخ الحركة الإسلامية كما يوصف مؤيدي فكرة التجنيد بأنهم دعاة حرب.
وقالت الناشطة احسان فقيري إن الاسلاميين يحاولون استغلال المواقف لصالحهم واضافت لسودان تربيون” الان يتحدثون عن الاغتصاب في حين انهم لم ينطقون بكلمة عندما تم اغتصاب نساء قرية بأكملها في تابت بشمال دارفور قبل عدة سنوات”.
وتابعت” صحيح هناك اغتصابات وسبي للنساء لكن أنصار النظام المعزول من الاسلاميين غير مؤهلين لا سياسيا او اخلاقيا للدفاع عن النساء”.
بدورها ابدت مبادرة “نساء ضد الحرب” قلقها من الاستقطاب الحاد للشباب وتجيشهم والمظاهر العسكرية في المدن والقرى الامنة ودخول قوات جديدة دائرة الاقتتال ما يشير لاستمرار الحرب بين الجيش والدعم السريع.
واكدت في بيان صدر السبت ان الخروج من مازق الحرب يبدأ بوحدة كل القوى المدنية واتخاذهم خطوات جريئة لقطع الطريق امام دعاة الحرب.
وتدافع مسؤولة معسكر التجنيد بنهر النيل عن الفكرة موكده انها لا تعبر عن اي جهة سياسية وأن تأسيس المعسكر كان استجابة لنداء الوطن ونداء القائد العام للقوات المسلحة. كما ان حالة البلاد هي ما دفعت البنات للتسجيل لحماية أنفسهن خاصة أن ولاية نهر النيل مهددة بدخول قوات الدعم السريع.