نذر عطش بالعاصمة البديلة بورتسودان بعد انهيار سد أربعات
بورتسودان – صقر الجديان
استفاقت بورتسودان، العاصمة الإدارية المؤقتة للسودان، من كارثة إنهيار سد أربعات، على نذر أزمة مياه خانقة بدت ملامحها شاخصة بفقدان السيطرة على مياه السد، المغذي الرئيسي لمياه المدينة، مع مصرع وفقدان العشرات في فيضانات بولاية البحر الأحمر.
ولقي العشرات مصرعهم في أحدث موجة أمطار وسيول تسببت في فيضان أودية دمرت سد أربعات ومدينة طوكر، وهو ما سيرفع أعداد الوفيات هذا الخريف إلى أرقام قياسية.
وحسب آخر إحصائية صادرة عن الدفاع المدني بالسودان، يوم الأربعاء، فإن الأمطار والسيول تسببت منذ يونيو الماضي في وفاة 148 شخصا وإصابة 246 آخرين في 11 ولاية.
وفي أعقاب انهيار سد أربعات هذا الأسبوع بدأ المواطنون في مدينة بورتسودان يشعرون بشح المياه وسط أنباء تشير إلى احتمال تلوث المياه.
وأبلغ موطنون في بورتسودان إن سقاة يبيعون إناء الماء بسعة 30 لترا تقريبا بأضعاف سعرها القديم، في المدينة المكتظة حاليا إلى جانب سكانها بنحو ثلاثمائة ألف من نازحي الحرب.
وقال مسؤولون في المجلس الاستشاري لشرق السودان في مؤتمر صحفي ببورتسودان، يوم الأربعاء، إنهم يتوقعون ندرة مياه حاده ستعاني منها بورتسودان بسبب انهيار سد أربعات، محذرين من ثلوث كيميائي وعضوي للمياه.
مقترحات للحل
وقال رئيس المجلس عبد الرحمن بلعيد خلال المؤتمر الصحفي: “رصدنا صهاريج تحمل مياه ملوثة”.
ولمعالجة أزمتي شح وتلوث مياه الشرب دعا بلعيد لاستجلاب مصنعين لتحلية المياه سعة كل منهما 50 ألف لتر مكعب بأسرع ما يمكن.
من جانبه قال مدير الإشراف والمتابعة لمشروعات حصاد المياه بوحدة تنفيذ السدود التابعة لوزارة الري والموارد المائية السودانية عبد الرحيم الأمين، إن الوحدة ستعمل على سد فجوة مياه الشرب في بورتسودان بعد انهيار سد أربعات بتأهيل الخزان الرابع أسفل السد بسعة 6 ملايين متر مكعب.
ويقترح الأمين في تصريح لوكالة السودان للأنباء بدء العمل أيضا في عدد من الآبار تعمل بالطاقة الشمسية لجهة أنها ستساعد في سد النقص إلى جانب العمل سريعا على تنفيذ سد عروس شمالي بورتسودان بسعة 8 ملايين متر مكعب.
وعزا المسؤول في وحدة تنفيذ السدود انهيار سد أربعات الذي شيد بسعة تخزينية تبلغ 16 مليون متر مكعب، إلى تراكم الأطماء وعدم تشغيل البوابات التحتية للسد ما أدى إلى توقف التصريف أثناء الفيضان وانهيار في مفيض السد.
وأضاف أن وحدة تنفيذ السدود ستحاول التدخل بعد انحسار المياه لدراسة الأمر وإعادة تصميم السد.
ضحايا الفيضانات
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “اوتشا” في تعميم صحفي إن وفدا لحكومة ولاية البحر الأحمر أبلغ بأن انهيار سد أربعات، نحو 38 كيلومتر شمال غرب بورتسودان أدى لوفاة حوالي 30 شخصا مرجحا أن تكون الأرقام الفعلية للضحايا أعلى من ذلك بكثير خاصة وانه عاد أعلن الخميس عن فقدان 64 شخصا.
وذكر مكتب “أوتشا” أن الوفد الحكومي المكون من إدارة الطوارئ بوزارة الصحة ومفوضية العون الإنساني بالولاية، أفاد بأن نحو 70 قرية حول سد أربعات تأثرت بالفيضانات المفاجئة التي دمرت عشرين قرية.
وأضاف أن من بين 13 ألف عائلة “نحو 65 ألف شخص” تعيش غرب السد تعرضت منازل حوالي 10 ألف عائلة “نحو 50 ألف شخص” للتدمير أو الأضرار، فضلا عن تدمير أو تضرر 70 مدرسة وفقدان 10 ألف رأس من الماشية وانهيار 84 بئرا. وأشارت الوكالة الأممية إلى أن الضرر الذي لحق بالسد سيكون له تأثير كبير على إمدادات المياه العذبة إلى العاصمة الإدارية المؤقتة بورتسودان في الأشهر المقبلة.
وقال إن أضرارا بالغة لحقت بالبنية التحتية من شبكات مياه وكهرباء واتصالات وطرق.
وأوضح أن الفيضانات تسببت بأضرار جسيمة في خط أنابيب المياه العذبة الذي يزود مدينة بورتسودان، وتسربت حوالي 5 ملايين متر مكعب من الطمي من السد، وأثر ذلك بشدة على الزراعة وإمدادات المياه في المناطق المحيطة.
وأشار إلى هذه الأضرار قاصرة على القرى غرب سد أربعات، بينما لم يجري أي تقييم حتى الآن للقرى الواقعة شرق السد لصعوبة الوصول إليها.
وتعتمد مدينة بورتسودان التي تضم الميناء الرئيسي للبلاد على ساحل البحر الأحمر، على أربعات منذ أوائل القرن الماضي كمصدر رئيسي لمياه الشرب.
وفي العام 2003 تم إنشاء خزان أربعات بسعة 15 مليون متر مكعب في مساحة 4750 كيلومتر مربع ويشمل محبس خور أدروس بطول 160 كيلومتر.
وحسب تجمع البيئيين السودانيين فإن أخطاء في التشغيل تسببت في تعطيل بوابات السد الذي أصبح حاصدا للمياه والطمي معا مما أدى لانخفاض السعة التخزينية إلى 5 ملايين متر مكعب.
ووفقا للمدير التنفيذي لمحلية القنب والأوليب محمد علي إدريس في تصريحات صحفية فإن شرطة الدفاع المدني نشرت تعزيزات من فرق المسطحات المائية مزودة بمعدات إنقاذ لإجلاء عالقين عزلتهم مياه سد أربعات في خمس قرى.
وأعقب انهيار سد أربعات، فيضان خور بركة الذي غمر معظمىاحياء مدينة طوكر، نحو 150 كيلومتر جنوبي مدينة بورتسودان، ما أسفر عن وفيات ودمار واسع طال أحياء المدينة والمرافق العامة.
وطبقا لنشطاء فإن الوفيات بلغت حتى الآن 13 حالة وفاة، وهي مرشحة للزيادة في ظل الأعداد الكبيرة للمفقودين.
وألقت محنة الأمطار والسيول في ولاية البحر الأحمر بأعباء إضافية على الحكومة الاتحادية التي اتخذت من عاصمة الولاية بورتسودان عاصمة بديلة بسبب الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ 15 أبريل 2023.
وسجل رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان زيارات ميدانية للمناطق المنكوبة شمال وجنوب بورتسودان، وسط اتهامات للحكومة بالتقصير وبطئ التحرك لإنقاذ الضحايا.