نسور الكندور العملاقة.. 170 كلم من الطيران دون رفرفة الأجنحة
كندور الأنديز أثقل طائر في العالم، حيث يبلغ وزن الواحد منه حوالي 16 كيلوغراما. وعندما يتعلق الأمر بالحفاظ على هذه الأجسام الضخمة عاليا، يبدو أن السماء محدودة للغاية، وفقا لبحث جديد.
يبدو الإقلاع من الأرض هو الجزء الأصعب لنسور كندور الأنديز Andean Condor الشائعة في أميركا الجنوبية، وهي أكبر الطيور في العالم على الإطلاق من حيث باع الأجنحة الذي يبلغ 3.2 أمتار.
لكن بمجرد أن تصبح تلك الطيور العملاقة في الجو، فإنها بالكاد ترفرف بأجنحتها، وبدلا من ذلك تنزلق وترتفع لما يصل إلى 99% من وقت طيرانها، وتتمكن من ذلك في الأغلب بسبب تيارات الرياح والحرارة الحاملة.
أقل جهد
بتوصيل أجهزة تسجيل حيوي، أو “سجل اليوميات”، لثمانية من طيور كندور الشابة، حصل الباحثون على أكثر من 230 ساعة من وقت الرحلة المفهرس. وفي كل ذلك الوقت، بُذل 1% فقط من الجهد في رفرفة الأجنحة، وكان معظمها ببساطة للإقلاع.
وكتب المؤلفون في دراسة نشرت بدورية (بي إن إيه إس PNAS) بتاريخ 13 يوليو/تموز الجاري “لاحظنا انخفاض بذل الجهد غير العادي في الرحلة (على صعيد) رفرفة الأجنحة لجميع الأفراد، وهو أمر ملحوظ، حيث لم يكن أي منها من الطيور البالغة”.
وأضافت الدراسة “حتى الطيور عديمة الخبرة نسبيا تعمل لساعات مع الحد الأدنى من الحاجة إلى الرفرفة” حيث طارت لأكثر من خمس ساعات دون ضربة جناح واحدة، وغطت أكثر من 170 كيلومترا باستخدام التيارات الهوائية وحدها.
يُذكر أن الأنواع الأخف مثل الطيور الطنانة ترفرف بجناحيها بمعدل مجنون، في حين ينفق طائر البطروس albatross (النظير البحري للكندور) 1.2% إلى 14.5% من رحلته وهو يرفرف ببطء.
ليس مفاجئا
باستخدام البيانات المستمرة من السجلات الحيوية، حدد الباحثون كل ضربات الأجنحة من جميع طيور الكندور الثمانية في ظروف الرياح والحرارة المختلفة.
وحتى فوق الجبال، حيث توجد تفاعلات معقدة لتدفق الهواء، كان هذا الكندور الصغير قادرا على التنقل في التيارات غير المرئية للهواء بحركة قليلة جدا.
وقالت عالمة الأحياء إميلي شيبرد من جامعة سوانسي Swansea University -في حديث مع “بي بي سي” نقله موقع ساينس ألرت Science Alert “يمكن للطيارين الشراعيين أن يرتفعوا طوال اليوم إذا كانت الظروف مناسبة، لذلك قد لا يبدو أداء الكندور مفاجئا من بعض النواحي”.
وتضيف “لكن الطيارين الشراعيين ينظرون إلى الطقس ويقررون ما إذا كان ذلك جيدا للطيران أم لا”.
ولا تملك طيور الكندور هذه الرفاهية، إذ عادة ما تحلق للبحث على الطعام الذي لا يكون دائما في أماكن يسهل الوصول إليها، لذا تحتاج في الغالب لركوب تيارات الهواء للوصول إلى هناك.
براعة في الهبوط
وتستغرق طيور الكندور الكثير من الطاقة للإقلاع، إلا أنها تحتاج إلى براعة حتى تهبط، لذا فإن هذه الطيور العملاقة انتقائية في المكان الذي تهبط فيه.
وإذا أراد الكندور التوجه نحو جثة شهية على الأرض، على سبيل المثال، فإنه يتعين عليه القفز من تيار حامل إلى آخر، متجها نحو الهواء الدافئ، وفي بعض الأحيان، يتطلب سد تلك الفجوات رفرفة عرضية.
وفوق ذلك، فإن هذه “النقاط الساخنة” في الغلاف الجوي ليست دائما كذلك، إذ تتغير قوتها وترددها مع الطقس والتضاريس والموسم، لذا فإن توقعها ليس دائما سهلا عند التوجه نحو الأرض.
يقول سيرجيو لامبروتشي، عالم الأحياء في جامعة كوماهو الوطنية National University of Comahue في الأرجنتين “تكون المخاطر أعلى عند الانتقال بين التيارات الحرارية التي تتصرف مثل تدفقات الحمم البركانية”.
وحتى في فصل الشتاء، عندما لا تكون ظروف الرياح والتيارات الحرارية بنفس الجودة، وجد المؤلفون أن طيور كندور الأنديز لا ترغب في اتخاذ مسار يتطلب منها أن ترفرف.