أخبار السياسة المحلية

هدنة إنسانية بالسودان.. بين موافقة “قوات تأسيس” وشروط الجيش (تقرير إخباري)

- طرح الهدنة الحالية يأتي بعد 12 يوما من استيلاء "قوات الدعم السريع" على مدينة الفاشر وما أعقب ذلك من انتهاكات ونزوح آلاف المدنيين

بورتسودان – صقر الجديان

في مشهد سياسي وعسكري متقلب يعكس واقع الحرب السودانية المستمرة منذ أكثر من عامين، أعلنت قوات تأسيس مساء الخميس موافقتها على هدنة إنسانية قالت إنها جاءت بمبادرة من مجموعة الرباعية الدولية، في وقتٍ تؤكد فيه الحكومة السودانية رفضها لأي تسويات “تساوي بين دولة ذات سيادة ومليشيا متمردة”.

وجاء الموقف الجديد لـ قوات تأسيس بعد ساعات من تصريحات رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان، الذي شدد الخميس على تمسكه بمواصلة العمليات العسكرية حتى القضاء التام على تلك القوات.

وقال البرهان: “سنمضي بقوة وعزيمة لتحقيق النصر قريباً على المليشيا المتمردة والقضاء عليها”، مضيفاً أن “الحملة التي تقودها دول البغي والاستكبار ضد السودان ستنكسر، وسينتصر الشعب السوداني”.

في المقابل، أوضحت قوات تأسيس أنها وافقت على “الانضمام إلى الهدنة الإنسانية” التي طرحتها الرباعية الدولية، المكوّنة من الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات، دون أن تكشف عن تفاصيل بنود الهدنة أو آليات تنفيذها.

ولم يصدر حتى الآن أي تعليق رسمي من جانب الجيش السوداني أو من دول الرباعية.

منذ أبريل/نيسان 2023، يعيش السودان حرباً دامية بين الجيش وقوات تأسيس بسبب خلافات حول المرحلة الانتقالية ودمج تلك القوات في المؤسسة العسكرية، ما أدى إلى واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، خلفت عشرات الآلاف من القتلى ونحو 13 مليون نازح.

محاولات متجددة للتهدئة

كانت مجموعة الرباعية قد اقترحت في 12 سبتمبر/أيلول الماضي هدنة إنسانية لتسهيل إيصال المساعدات وتهيئة المناخ السياسي نحو وقف دائم لإطلاق النار، لكن المقترح لم يجد تجاوباً من الطرفين، إذ تمسك الجيش برفض أي تسوية “تساوي بين دولة ذات سيادة ومليشيا متمردة”.

ويؤكد الجيش أن أي هدنة أو حوار يجب أن يشمل انسحاب قوات تأسيس من المدن والمقار العامة التي سيطرت عليها، ومحاسبة المتورطين في الانتهاكات.

وفي 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلن مستشار الرئيس الأمريكي للشؤون الإفريقية مسعد بولس أن الرباعية ناقشت جهود التوصل إلى هدنة إنسانية عاجلة، واقترحت هدنة أولية لمدة 3 أشهر تليها مرحلة انتقالية شاملة تمتد 9 أشهر، تمهيداً لتشكيل حكومة مدنية ذات شرعية واسعة.

موافقة قوات تأسيس

تأتي موافقة قوات تأسيس على الهدنة بعد 12 يوماً من سيطرتها على مدينة الفاشر، مركز ولاية شمال دارفور، وما أعقب ذلك من تدهور إنساني واسع ونزوح آلاف المدنيين.

وقد أقرت قيادة القوات بوقوع “تجاوزات” في المدينة وأعلنت تشكيل لجان تحقيق.

وجاءت هذه الخطوة بعد يوم من إعلان الإمارات دعمها الكامل للجهود الدولية والإقليمية الرامية لفرض هدنة إنسانية فورية ووقف شامل لإطلاق النار، بما يتيح وصول المساعدات للمتضررين في السودان.

شروط الحكومة السودانية

تصر الحكومة على أن أي هدنة يجب أن تحافظ على سيادة الدولة وألا تساوي مؤسساتها الرسمية مع قوات تأسيس، وأن تتضمن خروج الأخيرة من المناطق التي سيطرت عليها، وتسليم سلاحها تمهيداً لإعادة دمجها أو تسكينها في معسكرات محددة.

وقال رئيس الوزراء كامل إدريس الأربعاء: “يجب وضع خارطة طريق واضحة لنزع السلاح وتسليم المليشيات لأسلحتها قبل أي تسوية سياسية.”

من جانبه، أكد وزير الدفاع حسن داؤود كبرون أن مجلس الدفاع والأمن ناقش مبادرات خارجية لوقف الحرب، مرحباً “بأي جهد ينهي معاناة السودانيين”، لكنه دعا في الوقت نفسه إلى “استنفار الشعب لمساندة الجيش في القضاء على التمرد”.

وتتمسك الحكومة بتنفيذ إعلان جدة الموقع في مايو/أيار 2023 بين الجيش وقوات تأسيس، وترفض إدخال أي وسطاء جدد، فيما رعت الرياض وواشنطن حينها محادثات أسفرت عن اتفاق أولي لحماية المدنيين وخروج القوات من الأعيان المدنية، لكنه لم يصمد طويلاً بسبب الخروقات المتبادلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى