هل تستهدف سلالة كورونا الجديدة الأطفال؟
تضاعفت المخاوف من “كوفيد-19” بعد تداول معلومات بشأن خطورة السلالة الجديدة على الأطفال، لكن هل يستهدف الفيروس المتحور الصغار فعلا؟.
البداية جاءت قبل أيام، عندما فجرت المجموعة الاستشارية للتهديدات الفيروسية الجديدة والناشئة للجهاز التنفسي (نيرفتاج) NervTag، التي تتابع السلالة الجديدة من “كوفيد-19” في بريطانيا، مفاجأة بميل الفيروس المتحور إلى إصابة الأطفال بشكل أكبر.
وتحدث أعضاء المجموعة البريطانية عن وجود إشارات إلى أن السلالة الجديدة لديها ميلا أعلى لإصابة الأطفال دون إثبات أي نوع من السببية بخصوص ذلك، وهذا عكس ما توصلت له الدراسات بشأن السلالات السابقة من فيروس كورونا.
خلصت أغلب الدراسات التي أجريت على السلالات السابقة من كورونا إلى صعوبة أن تصيب الأطفال أكثر من البالغين، كون الصغار لديهم عدد أقل من المداخل (المستقبلات) التي يستخدمها الفيروس للدخول إلى خلايا الجسم.
مخاطر الإصابة
الدكتور عاطف دُنيا، أستاذ طب الأطفال بجامعة الأزهر في مصر، قال إن السلالة الجديدة من كورونا لا تشكل خطورة على الأطفال كما يتداول البعض، مشيرا إلى أن مخاطرها تكمن في قدرتها على الانتشار السريع فقط.
وأوضح الطبيب المختص لـ”العين الإخبارية”، أن أحد أسباب انتشار السلالة المتحورة بين الصغار قد يكون انتقال العدوى الفيروسية من طفل لآخر نتيجة الزحام في المدارس والحضانات وما شابه.
وأضاف: “رغم قدرة السلالة الجديدة على الانتشار الواسع بين الصغار، فإن الإعراض بسيطة ومعظم الأطفال يتعافون من العدوى دون أي أثار مخيفة”.
ورأى دُنيا أن مشكلة إصابة نسبة كبيرة من الأطفال بفيروس كورونا تكمن في قدرتهم على نقل العدوى للبالغين المحيطين بهم بسهولة، بما في ذلك فئة كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، الذين قد تشكل إصابتهم خطورة عليهم.
وتابع: “هناك أطفال قد يصابون بكورونا دون ظهور علامات عليهم، وآخرون يصابون بنفس علامات نزلات البرد التي يصعب التأكد من ماهيتها دون إجراء المسحة، ما يجعل الصغير ناقل سهل لعدوى (كوفيد-19)”.
وعن مضاعفات الإصابة بالسلالة الجديدة التي طفت على السطح الأيام الماضية، رد الطبيب المختص قائلا: “حالات قليلة جدا التي تطورت وأصيبت بمضاعفات، وغالبا تكون لصغار مصابين بأمراض مزمنة مثل عيوب خلقية في القلب أو أمراض الكلي المزمنة أو نقص المناعة أو الأورام”.
وتابع: “علاج حالات كورونا تحفظي والتغلب على الفيروس يعتمد على الجهاز المناعي للمصاب، والأطفال من أكثر الفئات التي تتمتع بجهاز مناعي سليم لذا فلا خوف عليهم”.
وشدد على ضرورة الالتزام بالإجراءات الاحترازية سواء صغار أو كبار، مع الاهتمام بالنظافة الشخصية والتباعد الاجتماعي والغذاء الصحي والفيتامينات، والتعامل مع أي نزلات برد على أنها كورونا تستوجب العزل.
دراسة بريطانية
باحثون في مدرسة لندن للصحة والطب الاستوائي أجروا دراسة حول سلالة الفيروس الجديدة، وتوصلوا إلى أنها مُعدية بنسبة 56% مع وجود أدلة على أن زيادة الإصابات قد تكون ملحوظة بشكل خاص عند الأطفال.
ولا يعتقد صانعو النماذج في كلية لندن أن السلالة الجديدة أكثر فتكًا أو تسبب أي مرض أكثر حدة لدى البالغين أو الأطفال.
ومع ذلك، رأى الباحثون أن السلالة الجديدة ستؤدي إلى موجة من الإصابات والوفيات التي ستبلغ ذروتها في ربيع 2021 في لندن وجنوب شرق وشرق إنجلترا.
كالوم سيمبل، أستاذ طب الفاشيات في جامعة ليفربول، قال إن السلالة الجديدة تتفوق على جميع السلالات الأخرى، كونها تتمتع بميزة تطورية تتمثل في قدرتها على الانتشار بسهولة أكبر، ما سيجعلها السلالة المهيمنة في العالم.
بينما قال نيل فرجسون، أستاذ وعالم الأوبئة والأمراض المعدية في لندن إمبريال كوليدج وعضو المجموعة الاستشارية: “إذا كان الرابط بين الأطفال والسلالة الجديدة صحيحا، فذلك يفسر النسبة الكبيرة في الإصابات الملحوظة”.
وأضاف أن نسبة الإصابات التي تسببها السلالة الجديدة من كورونا لفئة تحت سن 15 مقارنة بالنسخ السابقة من الفيروس أصبحت أعلى بكثير.
وتوقع البروفيسور فيرجسون انخفاض عدد الإصابات مع إغلاق المدارس وتحصن الناس في بيوتهم.
طفرات جينية
لا يستبعد العلماء أن البديل الجديد للفيروس التاجي يصيب الأطفال بسهولة مقارنة بالنسخة الأصلية من “كوفيد-19″، وقد يكون ذلك بسبب الطفرات التي اكتسبها.
البروفيسور ويندي باركلي، رئيس قسم الأمراض المعدية في إمبريال كوليدج لندن، قالت إن السلالة الجديدة أصبحت أكثر قدرة على الاتصال بالخلايا البشرية وإصابتها، نتيجة طفرات طرأت على الفيروس.
وأضافت الأستاذة في المجموعة الاستشارية البريطانية: “طرأت تغيرت في طريقة دخول الفيروس للخلايا البشرية، ما يعني أن الأطفال قد يكونوا معرضين للإصابة مثل البالغين، ومن المتوقع أن نرى إصابة عدد أكبر من الأطفال.
وتابعت: “إذا كان الفيروس الجديد يمر بوقت أسهل في العثور على خلية دخول، فإن ذلك سيضع الأطفال في ساحة لعب أكثر تكافؤًا مع البالغين، بل وسنرى المزيد من الصغار يصابون”.
وأشارت البروفيسور باركلي إلى أن “فيروس كورونا من أول ظهوره لم يكن فعالًا في إصابة الأطفال كما كان لدى البالغين، وهناك العديد من الفرضيات حول ذلك.
حتى الآن، الدليل الوحيد على أن هذه السلالة تصيب الأطفال أكثر هو سقوط المزيد من الحالات، حيث أصبحت السبب الرئيسي لمزيد من الإصابات لدى الشباب، لكن لا توجد أي بيانات علمية تظهر أنه ينتقل بشكل أكبر لدى هذه الفئة.