هيومن رايتس: المعارك بإثيوبيا تعرض اللاجئين السودانيين للخطر
نيرويي – صقر الجديان
قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” اليوم، إن المعارك الأخيرة بين قوات الحكومة الإثيوبية وميليشيات الفانو في شمال غرب إقليم أمهرة، تُعرض اللاجئين السودانيين في المخيمات المتاخمة للحدود السودانية ومحيطها لخطر جسيم.
وأكدت أن على الحكومة الإثيوبية أن تكثّف الحماية للاجئين الذين يتعرضون منذ أكثر من عام للانتهاكات والاعتداءات من قبل مسلحين مجهولي الهوية وميليشيات، ومؤخراً القوات الحكومية.
ومنذ اندلاع النزاع المسلح بالسودان في أبريل 2023، لجأ عشرات الآلاف من السودانيين وآخرين من جنسيات أخرى إلى إثيوبيا. ذهب معظمهم في البداية إلى مخيمَيْ لجوء في إقليم أمهرة، حيث أقدم مسلحون وميليشيات على قتلهم، وضربهم، وسرقتهم، واختطافهم مقابل فدية، وتشغيلهم بالسخرة.
وفي يوليو 2024، نقلت السلطات الإثيوبية و”مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين” (مفوضية اللاجئين) آلاف اللاجئين إلى مخيم جديد في أمهرة.
منذ أوائل سبتمبر، اشتبك الفانو، وهم مجموعة مسلحة أمهرية، مع القوات الاتحادية قرب مخيمات اللاجئين واحتلوا بعض المواقع، ما زاد من خطر تعرض اللاجئين إلى هجمات.
هدف للانتهاكات
وقالت نائبة مديرة قسم أفريقيا في هيومن رايتس ووتش لاتيشيا بادر: “كان اللاجئون السودانيون في إثيوبيا أهدافا للانتهاكات على مدى أكثر من عام من قبل مختلِف الجهات المسلحة. هرب هؤلاء اللاجئون من انتهاكات فظيعة في وطنهم وهم بحاجة ماسة إلى الحماية، وليس مزيدا من التهديدات لحياتهم”.
بين مايو وسبتمبر، قابلت هيومن رايتس ووتش، عبر الهاتف 20 لاجئاً سودانياً في ثلاثة مخيمات لجوء، وفي مركز مؤقت في إقليم أمهرة، وتكلمت مع نشطاء وعمال إغاثة سودانيين.
وحللت أيضاً صور الأقمار الصناعية للمخيمات والمركز المؤقت، بالإضافة إلى فيديوهات وصور أُرسِلت إلى الباحثين أو نُشِرت على الإنترنت.
وأرسلت المنظمة نتائجها الأولية إلى مفوضية اللاجئين و”إدارة شؤون اللاجئين والعائدين” التابعة للحكومة الإثيوبية، وتلقت جوابين في 25 سبتمبر و8 أكتوبر على التوالي.
منذ يونيو 2023، استهدف مسلحون مجهولو الهوية وميليشيات محلية اللاجئين بشكل متكرر في مخيمَيْ كومر وأولالا في منطقة غرب غوندر. وارتكبوا انتهاكات خطيرة، منها ثلاث عمليات قتل على الأقل.
وجدت هيومن رايتس ووتش أن الحكومة الاتحادية أنشأت هذه المخيمات في مناطق تشهد جرائم واشتباكات متكررة بين المجتمعات المحلية، حتى قبل اندلاع النزاع في أمهرة، ولم توفر سوى قدر محدود من الأمن في المخيمات.
في 1 مايو، بعد أشهر من الأحداث العنيفة، غادر أكثر من ألف لاجئ سوداني المخيمات اعتراضا، وحاولوا الوصول إلى مكتب مفوضية اللاجئين في بلدة غوندر. تصدت الشرطة الإثيوبية للاجئين، ما أجبرهم على الاختباء في غابة بمحاذاة الطريق.
قال أحد اللاجئين (45 عاما): “غادرنا السودان بحثا عن الأمان، لكن الضرب والسرقات [في إثيوبيا] فاقت قدرتنا على التحمل. نعاني من هذا الأمر منذ سنة، وفي كل مرة تعِد [السلطات الإثيوبية] بشيء لا يتغير شيء. لم يعد بإمكاننا التحمل”.
الإعادة القسرية
في أواخر يوليو، نقلت مفوضية اللاجئين وإدارة شؤون اللاجئين والعائدين أكثر من ألفَيْ لاجئ من أولالا وكومر، إلى مخيم أفتت الذين أنشِئ من فترة قصيرة ويقع أيضا في منطقة غرب غوندر.
رفض العديد من اللاجئين في غابة أولالا الانتقال إلى أفتت، خوفا من المزيد من العنف. لكن المسلحين اعتدوا عليهم بشكل شبه يومي، ما اضطرهم إلى مغادرة الغابة في 8 أغسطس والانتقال إلى بلدة المتمة قرب الحدود السودانية.
سمحت السلطات الإثيوبية لهم في البداية بإنشاء مساكن مؤقتة على جانب الطريق. لكن في 21 أغسطس، أمر الجيش الإثيوبي اللاجئين بالانتقال إلى المركز المؤقت في المتمة. عندما رفض اللاجئون، هدمت القوى الأمنية مساكنهم المؤقتة وضربتهم.
قال لاجئ عمره 45 عاما: “ضُربت على أضلعي اليمنى خمس مرات. كان أطفالي يبكون. طلب أحدهم من الجيش والشرطة أن يتوقفوا عن ضربي أمام أطفالي. بدأوا يشتموننا، ويقولون إن لم نُرد البقاء في إثيوبيا فعلينا العودة إلى بلدنا، السودان”.
أُعيد بضع مئات من هؤلاء اللاجئين إلى السودان. قالت إنهم عادوا طوعا. غير أن العديد من اللاجئين قالوا لـ هيومن رايتس ووتش إن القوى الأمنية التابعة للحكومة أعادتهم قسراً إلى السودان، وقد أدى الأمر في بعض الأحيان إلى فصل بعض العائلات.
قالت إدارة شؤون اللاجئين والعائدين إنه لا يوجد “أي سبب لإعادة اللاجئين إلى السودان، لأن الوضع هناك لا يسمح بالعودة”.
في 1 سبتمبر، اشتدت المعارك بين الفانو والجيش الإثيوبي بالقرب من مركز المتمة المؤقت ومخيم أفتت.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن على جميع القوات العسكرية والجماعات المسلحة إنهاء الانتهاكات ضد اللاجئين، والبقاء خارج المخيمات، وتسهيل التوصيل الآمن للمساعدات الإنسانية.
ودعت شركاء إثيوبيا الدوليين أن يضغطوا عليها لضمان الحماية للاجئين ووقف الإعادة القسرية وزيادة الدعم الإنساني للاجئين، بما في ذلك النقل إلى مناطق أكثر أمنا.
قالت بادر: “على الحكومة الإثيوبية أن تقوم بواجباتها بحماية اللاجئين في مناطقها، وأن تنقلهم بقدر الإمكان، بعيدا عن منطقة النزاع. على شركاء إثيوبيا الدوليين أن يزيدوا دعمهم لهؤلاء اللاجئين كي يتمكنوا من الحصول على الرعاية الطبية، والطعام، والمأوى، وغيرها من المساعدات الطارئة”.