وزير العدل السوداني يفنّد مزاعم الانتهاكات ويطالب بإنهاء «بعثة تقصي الحقائق»
بورتسودان – صقر الجديان
فنّد وزير العدل عبد الله درف، الاثنين، قضايا أثارها الخبير المستقل تتعلق بالانتهاكات والأحكام القضائية القاسية، معلنًا رغبة السودان في إنهاء “بعثة تقصي الحقائق.
وعقدت الآلية الوطنية لحقوق الإنسان، التي يترأسها وزير العدل، لقاءً مع خبير الأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان رضوان نويصر، الذي يسجل زيارة إلى السودان تستمر حتى نهاية الأسبوع.
وقال الوزير، في تصريح صحفي، إنه تم إبلاغ الخبير بمواءمة القوانين الجنائية مع الدستور والمواثيق الدولية التي صادق عليها السودان، وذلك ردًا على الإشارات التي قدّمها الخبير فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان والاعتقالات وما أسماه “الأحكام القاسية”.
وأوضح أن تقديم الدعاوى يتم بناءً على شكوى، حيث تُتخذ الإجراءات القانونية في مواجهة المشتبه به، الذي يملك حق مناهضة الإجراءات في مراحل التحقيق والمحاكمة.
وتلاحق السلطات السودانية اتهامات باعتقال الناشطين والمتطوعين والمدافعين عن حقوق الإنسان وكوادر القوى السياسية الداعية لإنهاء الحرب، حيث تُتهم بموالاة قوات الدعم السريع.
وأصدرت محاكم سودانية عشرات الأحكام بالإعدام والسجن لسنوات طويلة ضد أشخاص اتُّهموا بإثارة الحرب ضد الدولة وتقويض النظام الدستوري، بعد الإدانة بالتعاون مع الدعم السريع.
استعداد مشروط
وقال وزير العدل إنهم أخطروا الخبير رضوان نويصر بأن “الحديث المفتوح عن الانتهاكات دون معلومات تفصيلية أمر غير مقبول وغير مفيد”.
وأضاف: “نحن على استعداد ــ إذا جرى إبلاغنا بمعلومة تتعلق بمتهم لم تُتح له محاكمة عادلة ــ أن نراجع الأمر وفقًا للإجراءات القانونية، لكننا لا نستطيع أن نبتّ في واقعة مجهولة”.
وأشار إلى أنهم أبلغوا الخبير بالتحقيق في أي معلومات تفصيلية تتعلق بالقضايا التي أثارها، حيث إنه “دون معلومات تفصيلية، فالأمر لا يعدو أن يكون حديثًا مرسلًا”.
وشدّد وزير العدل على أن القانون لا يتضمن ما يسمى “عقوبة قاسية”، حيث إن أي متهم توفرت في مواجهته بيّنات كافية فوق مرحلة الشك المعقول يُعاقب وفق نص القانون الذي خالفه.
وطالب درف الخبير نويصر بضرورة تبادل المعلومات في مجال حقوق الإنسان.
جدل منتظر
وقال وزير العدل إن الآلية الوطنية بيّنت للخبير رغبة السودان في “إنهاء بعثة تقصي الحقائق”.
وأنشأ مجلس حقوق الإنسان في 11 أكتوبر 2023 بعثة تقصّي حقائق مستقلة لتحديد حقائق وأسباب جميع انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك المرتكبة ضد اللاجئين، في سياق النزاع المستمر في السودان.
وتشمل ولاية البعثة جمع وتحليل أدلة الانتهاكات وتحديد الأفراد والكيانات المسؤولة عن التجاوزات، إضافة إلى تقديم توصيات بشأن تدابير المساءلة وإنهاء الإفلات من العقاب.
وجرى تمديد ولاية البعثة لعام إضافي في أكتوبر 2024، وسط رفض من الحكومة السودانية، التي رفضت توصياتها التي شملت نشر قوة حفظ سلام لحماية المدنيين، وتوسيع نطاق حظر الأسلحة، وولاية المحكمة الجنائية الدولية في كل السودان.
وطالب الوزير بضرورة دعم الآليات الوطنية العاملة في حقوق الإنسان والاستفادة من الكوادر المحلية، خاصة وأن الأمم المتحدة تعاني من نقص في التمويل.
شكاوى متجددة
وذكر عبد الله درف أنهم أوضحوا للخبير أن الحكومة تملك آليات متعددة لحماية المدنيين، منها الآلية الوطنية لحقوق الإنسان والمجلس الاستشاري لحماية المدنيين.
وأشار إلى أن السودان لم يتلقَّ الدعم المطلوب في المجال الإنساني، رغم التدمير الممنهج للبنية التحتية بواسطة قوات الدعم السريع، حيث لا تقدّم الأمم المتحدة ووكالاتها الدعم والإسناد المطلوب.
وأضاف: “الدعم الذي قُدِّم للسودان لا يتجاوز 16% من المطلوب، وهذا قصورٌ كبيرٌ من الأمم المتحدة ووكالاتها”.
ويحتاج 30.4 مليون سوداني ــ 64% من السكان ــ نصفهم من الأطفال، إلى مساعدات إنسانية هذا العام. وكانت الأمم المتحدة تخطط لمساعدة قرابة 21 مليونًا منهم، قبل أن تقلّص العدد إلى 17.3 مليون شخص بسبب نقص التمويل.
واضطرت وكالات الأمم المتحدة إلى تقليص خدماتها، خاصة في المناطق الأكثر تضررًا من النزاع، بسبب نقص التمويل، وسط مخاوف من تزايد نطاق الجوع.
مطالب قديمة
وقال وزير العدل إن اللقاء مع الخبير رضوان نويصر تطرّق إلى تصنيف الدعم السريع جماعة إرهابية، مشدّدًا على أنه “غير مقبول مساواة المؤسسة الوطنية، ممثلة في القوات المسلحة، مع المليشيا المتمرّدة الإرهابية”.
وأضاف: “نطلب في البيانات وكل المخاطبات أن يتم تصنيف قوات الدعم السريع مليشيا إرهابية تماشيًا مع المواثيق الدولية وتحقيقًا لمبدأ العدالة”.
وأشار إلى أن التقارير التي قُدّمت إلى مجلس الأمن الدولي من لجنة الخبراء، والبيانات الصادرة من وزارة الخارجية الأميركية والمنظمات غير الحكومية، أكدت ارتكاب الدعم السريع لجرائم حرب وجريمة الإبادة الجماعية.
وأوضح أن اللقاء مع نويصر بحث مساندة وإمداد الدول للدعم السريع بالسلاح في مخالفة قرار مجلس الأمن رقم 1591 الصادر في 2005، مطالبًا بإدانة هذه التصرفات، خاصة الإمارات وتشاد.
وتلاحق الإمارات اتهامات سودانية مستمرة بتمويل وتسليح الدعم السريع، وهي اتهامات معززة بعشرات الأدلة وأكدتها تقارير منظمات حقوقية دولية، لكن أبو ظبي تنفي ذلك بشدة.