مقالات الرأي

يا سر مكتوم في جوف أصداف

 

فترة عملي بصحيفة الخرطوم ـرد الله غربتهاـ كانت من أجمل فتراتي في عالم السلطة الرابعة، حيث عملت مع الفطاحلة العباقرة سادة القلم والمنطق فضل الله محمد ،ابراهيم دقش، فيصل محمد صالح، محمد عبد السيد، مرتضى الغالي، الزبير سعيد وغيرهم من الذين منحوا الصحافة الجاذبية والجمال، ووجودي بالصحيفة أتاح لي فرصة التعرف على الكثير من رموز المجتمع في شتى المجالات، ولعل قربي من الأخ الحبيب الزبير سعيد جعلني التقي بالكثير من الشعراء في مقدمتهم هاشم صديق وصلاح حاج سعيد وسيف الدين محمد صالح، والأخير لي معه قصة أرى أنها جديرة بالتوثيق.

فقد سألته عن قصيدة “يا سر مكتوم في جوف أصداف” التي لحنها وغناها عملاق الطرب مصطفى سيد احمد، ضحك سيف الدين ثم تغيرت ملامح وجهه فكأنما صدمته بهذه السؤال، قال أن هذه الأغنية ذات تفاصيل كلها غريبة، فقد جاء مصطفى سيد أحمد الى مدينة ودمدني مسرح الجزيرة، وكنا مجموعة من الشعراء والفنانين وطالب ببعض القصائد قائلٱ (انتو يا أولاد مدني أنا أصلٱ ما غنيت ليكم) ولحسن الحظ كنت قد انهيت تواً كتابة قصيدة دونتها على ورقة كراس، فأهديتها إياه وبعد أن قرأ مصطفى القصيدة عبر عن إعجابه الشديد وفرحته الكبيرة بها، وقال لي هذه قصيدة رائعة بإذن الله حا تسمعها بعد عشر سنوات.. يقول سيف الدين هنا غضبت وقلت له “ياأخي رجع لي قصيدتي هسي أمشي اديها للسقيد باكر بلحنها ويغنيها والدنيا كلها تسمع بيها” لكن مصطفى رفض، وقال لي هذه القصيدة لن يلحنها ويغنيها أحد غيري.

يواصل سيف الدين: طال الزمن ونسيت القصيدة وكدت أن أنسى حتى مناسبتها، وبعد عشر سنوات بالتمام والكمال وانا اتناول عصير العرديب من ذلك المكان العتيق جنوب ميدان ابوجنزير -موقف الصحافة سابقاً- ووسط الضجيج، استرق سمعي صوت موسيقى دافي بلحن حزايني، وعندما بدأ مصطفى يشدو يا سر مكتوم شعرت بأن هذا الاغنية ليست غريبة عليِّ إلى أن وصل ” على موجة تمرجح زهرة فٰل” فتذكرتها وتذكرت لقاء مصطفى ووعده.

قال سيف الدين هذه الأغنية كتبتها في إحدى حسان مدني وقد كانت من أسرة معروفة ” بت شيوخ” تعلقت بها لكن شاءت الأقدار أن تذهب في طريق واذهب انا في طريق آخر، لا شيء يجمعنا غير بقايا الذكريات وهذه الأغنية .. رحم الله العملاق مصطفى سيد احمد، والأستاذ الشاعر سيف الدين محمد صالح.

ياسر مكتوم فى جوف أصداف
فتشت عليك بقـليب نزّاف
لا خبير يهدي ولا دليل وصّاف
ياسر مكتوم فى جوف أصداف
راجياها الريح وكتين ما تطل
على موجة تمرجح زهرة فٰـل
وتشيلا تروح والدنيا تنوح
على قمراً مات فى مطر الليل
يتّم نجمات بكاها السيل
يا سر مكتوم فى جوف أصداف
الريح القاسية عنيدة تمام
طفـت الـقـِنديل
الكان مقـدوح من دمع الليل
رمت القُـنديل الكان نديان
فى جرف النيل
رسمت أحزان
وسؤال حيران
فى عيون أيتام
يا عمر مرسوم فى كف أقدار
يا خطايا الطال بيها المشوار
ياليل مشتاق لى دفقة نور
يا ظلمة تبكي سنا البلور
ياموجة تعاند فى التيار
يا خطايا الطال بيها المشوار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى