يفضلن «البنقو» على «الايس»… ارتفاع ادمان الفتيات في السودان
الخرطوم – صقر الجديان
ارتفعت نسبة تعاطي المخدرات وسط الفتيات في السودان لنسب تكاد تقارب الشباب لكن إقبالهن على مراكز تأهيل المدمنين اقل بكثير بينما ترصد العيادات النفسية حالات للبنات بواقع 5 أضعاف الشباب.
وينعدم تنويم فتيات المخدرات في مراكز التأهيل العامة والخاصة لتعنت الأسر التي تهاب وصمة العار وتخاف تأثرهن بسيرة الإدمان مايتنافى مع قيم المجتمع.
و أطلقت السلطات السودانية خلال يناير الجاري حملة واسعة لمكافحة المخدرات بكل أنواعها كما أطلق ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاغ “الحق ولدك” لتوعية الأسر بخطورة وزحف مخدر الايس الذي يوصف بأنه الأخطر من نوعه ويصل تأثيره حد الموت.
وكشفت تقارير رسمية لعام 2021، عن دخول 13 ألف حالة تعاطي للمخدرات إلى مراكز معالجة الإدمان، ورصدت الإحصاءات أن أعمار المترددين على المراكز تتراوح بين 14 – 24 سنة.
وأثبتت فحوصات طبية تعاطي الفتيات لمخدري الترامدول والبنقو بينما القليل منهن يلجأن لـ “الايس”.
وتعمد المراكز التاهلية عند بداية العلاج فحص 10 أنواع من المخدرات وتحديد فترة التداوي حسب كمية المادة الكيمائية في الجسم
وكشفت رحلة تقصي قامت بها صحيفة ”سودان تربيون” إن ظاهرة التعاطي باتت لدى الطبقة الميسورة نوعا من “البريستيج” وأن المتعاطيات في هذه الحالة من البالغات أربعين عاما كجزء من طقوس جلسات القهوة المصحوبة بالتدخين.
خطر محدق
وتحذر رئيسة منظمة تعافي للتوعية بالأمراض النفسية الإدمان د. جلالة عوض الكريم من علاج المدمنات بعيدا عن مراكز التأهيل لافتة إلى أن بقاء السموم في جسد الفتاة يؤدي لاحقا إلى الإجهاض في الشهور المتقدمة و تعثر الولادة.
وتؤكد لسودان تربيون أن تعاطي الفتاة للمخدرات يقود إلى انقطاع الدورة الشهرية ما يجعلها توقف الموانع عند ممارسة الخطيئة ولا تدري إنها عرضة للحمل مردفة “للأسف معظم المدمنات يقعن فريسة لهذا الاعتقاد الخاطئ” وتشير الطبيبة كذلك لازدياد الإدمان وسط طالبات الجامعات خاصة في السكن الداخلي والشقق التي لا تتمتع بإشراف.
وتتحدث جلالة عن أن العديد من الطالبات الجامعات وبائعات الشاي والعاملات في المطاعم أكثر الفئات التي تروج لكافة أنواع المخدرات وأنهن اذرع لعصابات كبيرة تستغل وصول البنات لصالات الزومبا ورقص العروس وشارع النيل والرحلات الترفيهية.
وكشفت عن تسجيل حالات إدمان لطفلات وقاصرات خاصة في المناطق الطرفية مستشهدة بطفلة في مدينة عطبرة تدرس بالصف السابع وقعت ضحية عصابة استغلتها عصابة لترويج المخدر وسط الطالبات على أساس أنه مسكن للألم لافتة إلى أن التحقيقات مستمرة لكشف من وراء هذه الجريمة.
معاناة من التحرش
ونؤكد جلالة إن إقبال المتعاطيات على المراكز ضعيف ويبلغ 25% مقارنة بالعيادات النفسية التي تسجل حالات البنات فيها 5 أضعاف الأولاد مؤكدة أن التحرش اكبر مشاكل الفتيات حاثة الأسر على احتواء المراهقات وتلبية احتياجاتهم
وتبدي عوض الكريم استيائها من عدم تقبل الأسر لإدمان بناتهن لافتة إلى أن اكبر مؤشر يدل على إدمان الفتاة إنها تبدأ ببيع مقتنياتها مقابل الحصول على جرعة.
وتقول د .إسراء محمد احمد أخصائي علاج الإدمان والصحة العامة إن أكثر أنواع المخدرات المنتشرة وسط البنات هو البنقو والتراميدول مؤكدة تخوفهن من الايس لأنه يتم في الغالب عبر الطعن باستخدام إبرة الأنسولين.
وتحاط مراكز العلاج بسرية تامة في التعامل مع المدمنين حيث يخضع المدمن لفحص في معمل خاص يراعى ظروف الاسر المادية.كما تشير إلى أن أكبر محفز للشفاء هو رغبة المدمنة في التعافي وسهولة سيطرة الأهل عليه
وتشير إلى أن المدمنات لايشعرن بالذنب آو الندم ويتسالن دائما كيف كان لهن التعامل مع الضغوط النفسية التي تواجههن.
ورفضت مجموعة فتيات يتعالجن بمركز تعافي التحدث لـ” سودان تربيون” خوفا من التعرف عليهن ، فيما هربت إحدى الحالات بعد شروع المركز في إعداد ملفها الطبي قبل مقابلة الطبيبة.
وقال أ-ع وهو أحد المتعاطين ويتلقى العلاج حاليا بمركز تعافي انه مدمن على ستة أنواع، ويضيف”نحن نتعاطى المخدرات مع مجموعة من البنات وأحيانا تكون أعدادنا متساوية”.
وكشف في حديثه لسودان تربيون عن ظاهرة تسمى “التدريب” وهي أن يضع المعلم فتاة في طريق المدمن للحصول على معلومة او أموال مقابل ان يعطيها جرعة مجانا.
وأبدى دهشته من احد أصدقائه يتعاطى بصحبة ثلاث من أخواته تبلغ الكبرى 27 عاما، ويردف الشاب ” أنا اتعاطى لكن لن اسمح لأختي بان تكون ضحية مخدرات” ويتحدث متحسرا على صديقته التي كانت صيدلانية ناجحة لكنها انخرطت في طريق الإدمان وخسرت وظيفها ووالدتها طردتها من المنزل.
حالات ادمان
تقول د. جلالة إن التعاطي في بعض الأحيان يكون برغبة الفتاة وأحيانا عبر اصطيادها، وروت أن لديها حالة وقعت فريسة نساء القهوة وبدأت قصة هذه المرأة التي تعول طفلين بالانتقال لحي جديد ولاحظت أعراض غريبة عندما لاتتناول القهوة مع جاراتها لدرجة انها تضرب رأسها بالجدران وأن زوجها لاحظ هذه الأعراض واتصل بالمركز وألان في طريقها للتعافي.
وفي حالة ثانية تقول عوض الكريم إنها استقبلت امرأة خمسينية تتعاطى البنقو قصدت المركز لتلقي العلاج حتى تتمكن من علاج ابنها الذي وقع فريسة المخدرات.
وبحسب مازن الطيب وهو طبيب بمستشفي عبد العال الإدريسي للأمراض النفسية والعقلية (مصحة كوبر سابقا ) ومركز التكوين لعلاج الإدمان إن أكثر البلاغات عن حالات الفتيات تتم عبر الهاتف مضيفا “نتابع الحالة من على البعد بعضهن يستمر في العلاج بينما ينقطع الآخرون”.
وقال تلقيت اتصالاً من فتاة ترغب في العلاج لأن اقرب صديقاتها توفيت نتيجة جرعة زائدة، و اتصال آخر من فتاة ضاقت ذرعا بوضعها ومن أثار الحقن بيدها مردفا” أشرفت على علاجها لكنها انقطعت فجأة، لاترد على الهاتف ولا المكالمات”.
كارثة كبرى
وحذر الطبيب من أن بعض المتعاطيات يلجان عند العلاج لتناول حبة بريجابالين “علاج الصرع” لتخفيف أعراض الإقلاع عن المخدرات.
وقال هذا يسمى “علاج الكارثة بكارثة اكبر” لافتا لضرورة توفير مراكز تنويم للفتيات خاصة وان أكثر الأسر لاستوعبوا فكرة فتاة مدمنة وعادة مايتم طردها من المنزل.
وقال ” من بين الحالات التي استشفت على يدي فتاة طردها أهلها عندما أدركوا إنها مدمنة وحملت سفاحا ووقف الى جانبها خالها”.
وترتفع بشكل كبير تكلفة العلاج في المراكز الخاصة وسط مناشدات عديدة للدولة بفتح مراكز لإيواء المدمنين من الأسر الفقيرة
وقالت رئيسة منظمة تعافي إن قيمة اليوم الواحد لتنويم المدمن تبلغ 70 ألف جنيه “ويحتاج للتعافي فترة زمنية لاتقل عن الثلاثة أشهر.
ونبهت د جلالة إلى أن شكل الفتاة ولبسها لايعرف كونها مدمنة من عدمه مضيفة “تخضع للعلاج لدينا منقبات ومحجبات محذرة من إقبال طالبات الطب على اخذ المنشطات من اجل القراءة مؤكده إنها تجعل منهن مدمنات.
وقالت إن أعراض الإدمان تظهر في قلة الأكل و فقدان الشهية و النحافة والهزال، بينما مدمنة الايس تعاني صعوبة في النوم ربما لأيام.
إقرأ المزيد