يلا نسد فرقتو .. حب الناس درقتو
كل شيء كان حزيناً؛ المكان والمقاعد، قسمات وجوه الرجال وعيونهم المبللة بالدموع، حتى السماء ابت إلا وأن تشارك الناس الحزن امطرت دونما توقف كأنها أرادت التوقيع على دفتر الحضور .. كانت ليلة حزينة تلك التي شهدتها دار رابطة أهل الهلال بالرياض منطقة الجرادية حيث توافد أهل الهلال وأهل المريخ وكل الرياضيين والدبلوماسيين ليتبادلوا التعازي في وفاة الهرم الرياضي الكبير الكابتن والدكتور والسفير علي قاقرين فقيد الوطن والهلال والدبلوماسية.
تحدث كل من اتيحت له فرصة مخاطبة الناس مستعرضٱ مواقفه مع الراحل المقيم ومعددٱ مأثره ولكن فشلوا جميعاً في حصر محاسنه فعلي كان ملاكاً في صورة بشر يهب الناس الحب والبسمة والأمل في الحياة كان يمشي بين الناس كرسول سلام يبغض التشاحن والتنافر والفرقة ويسعى دومٱ لرأب الصدع بين المتصارعين ويدعو للوحدة والتسامح كان أكثر ما يقلقه ويسبب له الإزعاج الخلافات بين ابناء الكيان الواحد.
قلت إن كل شيء يولد صغيرٱ ثم يكبر إلا الحزن فإنه يولد كبيرٱ ثم يصغر ويتلاشى ولكن حزن الأهلة على قاقرين لا اخال أنه سيضعف أو يتلاشي .. قاقرين أخ الجميع وصديق الجميع قاقرين حبيب الكل قاقرين في عيون الصغار وآمالهم في صباحات الوطن الجميلة وامسياته الحالمة في اخضراره وإزدهاره وعودة أبنائه المشتتين إلى حضنه قاقرين في قلب الهلال وشرايينه وفي أحلام أنصاره في ماضيه وتاريخه ومستقبله قاقرين في ربوع أم درمان حارتها القديمة وازقتها واناسها المختلفين قاقرين في حياتنا اجمل طيف واحلى نسمة.
كان حلم قاقا أن يتوحد الأهلة يتكاتفوا ويتعاضدوا ويكونوا كالبنيان المرصوص إذ لا قوة لنادينا إلا بالوحدة كان دومٱ ما يردد أن تلاقي الحكيم والأرباب والكاردينال والبرير سيجعل من الهلال قوة ضاربة ولن يستطيع أي نادٍ أن يتفوق عليه كان يحلم بتلاقي الأهلة بوحدتهم وبتماسكهم ورحل دون أن يرى هذا الحلم يتحول إلى واقع فهل نحول حلم اسطورتنا إلى واقع ليكون ذلك أفضل ما نقدمه لروحه الطاهرة؟
يلا نسد فرقتو ..حب الناس درقتو
يا موت لو تركتو .. مننا قد سرقتو
كنا نقول ده وقتو.. لكنك حقيقة.
