8 أشهر من حرب السودان.. مَن يسيطر على ماذا؟ (إطار)
ـ الجيش يسيطر على الولايات الشمالية والشرقية ويخوض معارك بالوسط، وله تمركزات قوية داخل الخرطوم ويتسيّد السماء ـ قوات الدعم السريع تسيطر على معظم ولايات دارفور وتحاول السيطرة على بلدات في كردفان وتوسيع سيطرتها بالخرطوم
الخرطوم – صقر الجديان
بعد نحو ثمانية أشهر من الحرب في السودان بين الجيش بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) لم تحسم معركة العاصمة الخرطوم بعد، إلا أن الوضع في إقليم دارفور يشهد تقدما ملحوظا لصالح قوات حميدتي في عدة مدن رئيسية بالإقليم.
ـ الخرطوم:
رغم زعم حميدتي سيطرة قواته على 90 بالمئة من الخرطوم، إلا أن القتال ما زال متواصلا في أكثر من جبهة، خاصة في المدخل الجنوبي للعاصمة عند منطقة جبل أولياء، الذي توجد بها قاعدة النجومي الجوية، وسد جبل أولياء الاستراتيجي، الذي يوجد به جسر على نهر النيل الأبيض يربط أم درمان بالخرطوم، وتعرض لقصف وتدمير جزئي.
يزعم الطرفان سيطرتهما على قاعدة النجومي الجوية التي استولت عليها قوات الدعم السريع في بداية الحرب واستعادها الجيش لاحقا، لكن القتال ما زال متواصلا لإحكام السيطرة عليها، لأهميتها الاستراتيجية في المعارك.
ويتبادل الطرفان الاتهامات بقصف جسر سد جبل أولياء، الذي تسيطر عليه “الدعم السريع”، والأمر ذاته بالنسبة لجسر شنبات شمالي الخرطوم، والذي يربط مدينتي أم درمان وخرطوم بحري.
ويمثل تفجير الجسور مرحلة جديدة في معارك الخرطوم، بعدما كانت السيطرة على الجسور العشرة الرابطة بين مدن الخرطوم الثلاث (الخرطوم، خرطوم بحري، أم درمان) أبرز معالم القتال في الأشهر الستة الأولى.
وعملية تفجير المنشآت الاستراتيجية في الخرطوم لم يتوقف عند الجسور، بل طال أكبر مصفاة جيلي الأكبر في البلاد، والتي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، وتوفر لها أغلب الوقود المستخدم لتشغيل آلياتها وعرباتها المسلحة، وفق ناشطين محليين، وتبادل الطرفان الاتهامات بالوقوف وراء تفجير المصفاة بالكامل.
ويحافظ الجيش السوداني على تمركزاته وسط الخرطوم، وبالأخص في القيادة العامة للجيش، ومعسكر سلاح المدرعات ومعسكر سلاح المهندسين، رغم المعارك العنيفة ولجوء قوات الدعم السريع لاستعمال المدفعية.
ويمثل تسيد الجيش السوداني لسماء المعركة أحد الأسباب الرئيسية لصمود قواته وسط الخرطوم، خاصة في ظل إخفاق “الدعم السريع” في تحييد “قاعدة وادي سيدنا” الإستراتيجية شمالي أم درمان.
ـ دارفور:
عدم قدرة قوات الدعم السريع على حسم المعارك في الخرطوم، دفعها لرمي ثقلها في إقليم دارفور (غرب)، الذي يعد معقلها الرئيسي، الذي تنحدر منه قياداتها وأغلب عناصرها، وتنتشر بها القبائل الداعمة له.
“الدعم السريع” تمكنت خلال الشهرين الأخيرين من السيطرة على عواصم أربع ولايات من أصل خمسة مشكلة لإقليم دارفور، وهي: نيالا مركز ولاية جنوب دارفور، وثاني أكبر حواضرها، والضعين مركز ولاية شرق دارفور، وزالنجي مركز ولاية وسط دارفور، بالإضافة إلى الجنينة مركز ولاية غرب دارفور.
وتتهم الولايات المتحدة الأمريكية ومنظمات حقوقية “الدعم السريع” ومسلحين متحالفين معها بتنفيذ تطهير عرقي ضد قبيلة المساليت الإفريقية في مدينة الجنينة.
ولم يتبق أمام “الدعم السريع” سوى مدينة الفاشر، مركز ولاية شمال دارفور، بل عاصمة الإقليم وأكبر مدنه، وتضم قاعدة عسكرية جوية رئيسية محاذية للمطار المدني.
وتجد “الدعم السريع” صعوبة في اقتحام الفاشر، بالنظر إلى تحالف مجموعات مسلحة (متمردين سابقين) مع الجيش في الدفاع عن المدينة، خاصة وأن هذه المجموعات المسلحة ما زالت تقف على “الحياد” النسبي، واستفزازها من شأنه أن يفتح أكثر من جبهة على قوات حميدتي.
ـ كُردفان:
تكمن أهمية إقليم كردفان في أنه يتوسط الخرطوم وإقليم دارفور، ويمثل نقطة عبور بين المنطقتين سواء الإمدادات اللوجستية أو المقاتلين، كما يستخدم الجيش مطاراته وخاصة قاعدة الأبيض في قصف خطوط إمداد “الدعم السريع” ونقاط تمركزها.
ويضم الإقليم ثلاث ولايات رئيسية، وهي شمال كُردفان وعاصمتها الأُبيض، وجنوب كُردفان وعاصمتها كادوقلي، وغرب كُردفان وعاصمتها الفولة.
ويسيطر الجيش على جميع المدن المركزية في كردفان، رغم تعرض عدة مدن وبلدات في الإقليم لهجمات عنيفة من قوات الدعم السريع، خاصة في ولاية غرب كردوفان.
حيث سبق لها أن زعمت السيطرة على مطار بليلة التي تبعد 55 كلم جنوب غرب الفولة، عاصمة غرب كردوفان، والتي يوجد بها حقل نفطي كان ينتج 22 ألف برميل يوميا قبل الحرب.
كما أعلنت “الدعم السريع” سيطرتها على بلدة “أم روابة” الاستراتيجية بولاية شمال كردوفان، الواقعة على الطريق الرئيسي بين دارفور والخرطوم، لكنها انسحبت منها، وفق سائل إعلام محلية.
لكنها أخفقت مرارا في تحييد قاعدة الأُبيض الجوية الاستراتيجية بشمال كردوفان.
لكن المعارك تقترب من منطقة آبيي، بولاية جنوب كردوفان، الغنية بالنفط والمتنازع عليها مع دولة جنوب السودان، بحسب تحذير أممي، حيث يسعى كل طرف للسيطرة على حقول ومصافي النفط، لتشغيل آلياته وحرمان الطرف الآخر من أي موارد.
ولا تملك الدعم السريع حاضنة شعبية واسعة في كردوفان، ما يجعل هجماتها على مدن وبلدات الإقليم أشبه بغارات قبلية يتم فيها قتل العسكريين وترويع المدنيين ونهب الأسواق والمتاجر، ثم الانسحاب مع “الغنائم”.
ـ شرق وشمال السودان
تخضع الولاية الشمالية الحدودية مع مصر والولايات الشرقية المنفتحة على البحر الأحمر أو الحدودية مع إريتريا وإثيوبيا للسيطرة الكاملة للجيش.
فالولاية الشمالية حاولت قوات الدعم السريع منذ اليوم الأول للحرب في 15 أبريل/نيسان الماضي، السيطرة عليها وبالأخص على قاعدتها الجوية الاستراتيجية في مروي، لقطع أي إمداد عسكري مصري للجيش السوداني، لكنها لم تتمكن من السيطرة عليها لفترة طويلة، واستعادها الجيش بسرعة، مع عدم استبعاد وجود دعم خفي من الجيش المصري، الذي يعتبرها حديقته الخلفية.
أما في المنطقة الشرقية، فتمثل بورتسودان، المدينة الأكثر أهمية في البلاد بالنسبة لرئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، ليس فقط بسبب مينائها الذي تصل عبره مختلف الإمدادات اللوجستية والعسكرية ولا إلى مطارها الدولي، بل أيضا بعدما تحولت إلى مقر مؤقت لقيادة الدولة.
فبعد خروج البرهان، من مقر قيادة الجيش المحاصر من قوات الدعم السريع، وانتقاله إلى بورتسودان، تمكن من التحرك بحرية إلى الخارج، وتمثيل بلاده في المحافل الدولية، وبالتالي اكتساب اعتراف دولي بشرعيته، ما أزعج ذلك حميدتي، وهدد بإعلان حكومة موازية من الخرطوم.
وعلى العموم يسيطر الجيش بالكامل على جميع الولايات الشرقية والشمالية، بالإضافة إلى إقليم كردوفان، الذي يشهد معارك عنيفة، أما إقليم دارفور في الغرب، فسقطت معظم مدنه الرئيسية بيد قوات الدعم السريع باستثناء عاصمة الإقليم.
بينما تفرض قوات الدعم السريع سيطرتها على أحياء واسعة من الخرطوم، فيما يحافظ الجيش على تمركزات قوية على الأرض، ويهيمن على سماء المعركة بالكامل.