والي غرب دارفور يتوقع تحقيقا للمحكمة الجنائية في أحداث (كرينك)
الجنينة – صقر الجديان
توقع والي غرب دارفور أن تجرى المحكمة الجنائية الدولية تحقيقا في أحداث كرينك لعدم تطبيق القانون ضد الجُناة، كما لم يستبعد إرسال الأمم المتحدة لقوات حفظ سلام للاقليم الواقع غربي السودان مرة أخرى.
وفي أواخر أبريل الفائت، وقع قتال عنيف بين مجموعات عربية وقبيلة المساليت في منطقة كرينك التي تبعد 80 كليو متر عن الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور أودى بحياة 201 شخصًا؛ وسط اتهامات بضلوع حركة مسلحة موقعة على اتفاق السلام وقوات الدعم السريع في هذا الصراع.
وتوقع الوالي خميس أبكر، في مقابلة مع “سودان تربيون”، اجريت الاربعاء بالخرطوم أن “تحقق المحكمة الجنائية الدولية في أحداث كرينك بسبب عدم تطبيق القانون وتنفيذ العدالة”.
وأشار إلى أن السُّلطات لم تُقبض حتى الان على المتهمين في أحداث كرينك التي اعتبرها بمثابة جريمة كبيرة جدًا وجد فيها الضحايا تعاطفا محليا ودوليا.
وتخضع المحكمة الجنائية القائد علي عبد الرحمن “كوشيب” بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور؛ فيما ظللت تُطالب بضرورة تسليم السلطات السودانية الرئيس المعزول عمر البشير ونائبه في الحزب أحمد هارون ووزير دفاعه عبد الرحيم محمد حسين الذين يواجهون مذكرات توقيف بشأن جرائم دارفور.
وقال خميس أبكر إنه أبلغ مجلس السيادة، بعد يومين من أحداث كرينك، بضرورة القبض على الجُناة متوقعًا صدور تقرير لجنة التحقيق في القضية خلال أيام.
وانتقد الوالي ضعف استجابة الحكومة في الخرطوم لنداءات الولاية، وطالبها باتخاذ قرار سياسي لفرض هيبة الدولة بعد انتقال القتال إلى المدن؛ مستهجنا ترويج بعض الجهات بأن أحداث كرينك بأنها صراع قبلي رغم أنها ذات بعد سياسي.
واتهم المسؤول جهات ــ لم يسمها ــ بالسعي لتحويل الصراع في كرينك لنزاع بين قوات التحالف السوداني التي يقودها والقبائل العربية على الرغم من ان القتال الناشب في غرب دارفور أزلي.
وأضاف: “قوات التحالف السوداني ليست جزءا من الصراع، ونحن حركة موقعة على اتفاق السلام ننتظر الدخول في الترتيبات الأمنية حتى تصبح ضمن المؤسسة العسكرية للدولة”.
ووقعت حركة التحالف السوداني ضمن تنظيمات الجبهة الثورية، على اتفاق السلام مع حكومة السودان في 3 أكتوبر 2020.
وتحدث خميس أبكر عن وجود خلل في قوات الدعم السريع يتمثل في الترتيب الإداري بسماحها بأذونات وأجازات لمدة 6 أشهر للأفراد والضباط يحملون فيها سلاحهم، علاوة على عدم التزامهم بتعليمات قيادتهم العليا.
وتابع: “بمجرد حدوث أي صراعات أو اشتباكات يذهب عناصر الدعم السريع للمشاركة فيه، وهذا لا يعني أن قائدها هو الذي يوجههم لهذا الأمر”.
وطالب الوالي بعدم السماح لعناصر الأجهزة الأمنية بحمل أسلحة أو قيادة سيارات عسكرية، أثناء العطلات، لضمان عدم مشاركتهم في الصراعات القبلية”.
بؤر الصراع
واوضح الوالي ان ولاية غرب دارفور بها نوعين من المليشيات أحداهما تكونت اثناء الصراع بين حكومة تشاد والمعارضة التي كانت تنشط في الولاية بصورة كبيرة، وبعد الاتفاق بين الرئيس الراحل إدريس ديبي والرئيس المعزول عمر البشير، لم يتم تجريدهم من السلاح وقد أصبحوا جزءا من مواطني إقليم دارفور.
وأفاد بأن النوع الآخر كونه النظام السابق بتجيش قبائل عربية لمحاربة الحركات المسلحة، ولا يزال السلاح في أيادي هذه المليشيات.
ويُعاني إقليم دارفور من اضطراب أمني، على الرغم من توقيع اتفاق السلام، وعادة ما يكون هذا الاضطراب في شكل صراع دامٍ حول الموارد.
قوات إممية
ولم يستبعد الوالي خميس ابكر إرسال الأمم المتحدة لقوات حفظ سلام مرة أخرى الى إقليم دارفور، لا سيما أن هناك اتفاقا بين الحكومة ومجلس الأمن الدولي بتكوين قوات وطنية لحماية المدنيين وهو الأمر الذي لم يحدث.
وقال المسؤول ان النزاع في غرب دارفور أودى بحياة 712 قتيلا خلال ثلاث سنوات، إضافة لحرق 30 قرية منها 14 في كرينك والبقية بمحلية جبل مون.
وأفاد خميس أبكر بوجود 137 مركز إيواء داخل الجنينة يضم 964 ألف نازح، فيما يُقدر عدد النازحين في كرينك بأكثر من 50 ألف.
تقرير المصير
وبشأن تلويح قبيلة المساليت بتقرير المصير قال الوالي إن “الدولة لا تريد أن تتحمل مسؤوليتها، لذا ارتفعت الأصوات الكثيرة البارزة التي تُطالب بالانفصال، لكن لا توجد نوايا للمساليت في هذا الأمر، خاصة بعد تجربة انفصال جنوب السودان”.
وأضاف: “المساليت و حسب آخر تعداد سكاني عددهم في الجنينة 6.5 مليون نسمة، فيما تُقدر نسبتهم بـ 65% من مجمل سكان ولاية القضارف، إضافة إلى المتواجدين في ولايات النيل الأبيض والنيل الأزرق والجزيرة”.
وفي 27 أبريل هددت قبيلة المساليت التي تُعد غرب دارفور معقلها الرئيسي، بتقرير مصيرها وفقًا لاتفاقية تعود للعام 1919، حال لم تفرض الحكومة تدابير لمنع تجدد العنف ومحاسبة الجُناة في أحداث كرينك وإبعاد قوات الدعم السريع واستبدالها بالجيش والشرطة.
وفي 19 سبتمبر 1919، أبرمت قبيلة المساليت اتفاق مع بريطانيا وفرنسا، تنازل بموجبها عن منطقة أدري التي تقع في تشاد حاليًا لصالح باريس؛ إضافة إلى الانضمام لحكومة السودان الاستعمارية مع احتفاظهم بحق تقرير المصير.