من “ترانزيت” إلى “وكر”.. رحلة إخوان مصر في السودان تنتهي بالترحيل
إخفاقات عدة وضربات أمنية متلاحقة مُني بها تنظيم الإخوان، الذي لفظه الشعب المصري قبل 9 سنوات، في احتجاجات اقتلعه بها من جذوره خلال ثورة 30 يونيو/حزيران 2013.
فمن إقصائه من الحوار الوطني مرورا بإصدار أحكام بالسجن بحق بعض قيادته، إلى إجهاض آماله في العودة مجددًا إلى الساحة المصرية من بوابة المصالحة، تعددت هزائم تنظيم الإخوان الحالم دومًا بالسيطرة الكاملة والاستحواذ على السلطة.
إلا أن ضربة أمنية نوعية جديدة أتته على غرة، كانت من الجبهة السودانية التي اتخذها بعض عناصره موطنًا بديلا بعد أن كانت دولة عبور إلى الدول التي استقر فيها قيادات التنظيم العالمي.
وألقت السلطات السودانية القبض على 21 “إرهابيا” من المصريين الهاربين والمقيمين في السودان، وسلمتهم إلى السلطات المصرية، بينهم قيادات عناصر إخوانية وعناصر من الجماعة الإسلامية، وعناصر محسوبة على خلية “داعش” التي ضبطت مؤخرًا في العاصمة السودانية الخرطوم.
ومن أبرز القيادات المضبوطة -بحسب مصادر “العين الإخبارية”- عصام عبدالمجيد دياب سيد (الجماعة الإسلامية، ومدرج على قوائم الإرهاب بالقاهرة)، وأكرم عبدالبديع أحمد محمود (خلية داعش 2021)، ومحمد إبراهيم، ومنى سعيد جاد الله، ويوسف محمد إبراهيم، وإبراهيم محمد إبراهيم.
ذعر إخواني
إلا أنه مع تسارع عملية قادة عناصر الإخوان من السودان إلى القاهرة، انتاب عدد كبير من الإخوان حالة من الذعر، خوفاً من تسليمهم للقاهرة، وبدؤوا مغادرة الخرطوم إلى دول أخرى.
ذلك الموقف كشف فشل التنظيم العالمي، في توفير الملاذات الآمنة لقياداته، وخاصة بعد الهزائم التي رافقته، بدءًا من ثورة 30 يونيو/حزيران 2013 والتي كانت بمثابة شارة الانطلاق نحو اقتلاع تنظيم الإخوان، ليس من مصر وحدها، بل إن “عدواها” انتقلت إلى بلدان المغرب العربي، ليكون السودان أحدث وليس آخر الدول التي تلحق بقطار لفظ التنظيم.
وإلى ذلك، قال عمرو فاروق الكاتب والباحث في الجماعات الإسلامية، في تصريحات لـ”العين الإخبارية”، إن السودان لم يعد ملاذا آمنا للإخوان، نظرا لإدراك النظام الحاكم لخطورة الجماعة سواء السودانيين أو المصريين.
وكان السودان، تمكن في أكتوبر/تشرين الأول 2021 من القبض على ما عرف إعلاميا بـ”خلية الخرطوم” بعد اشتباكات مسلحة سقط فيها ضباط سودانيون.
ضمت الخلية عناصر من تنظيمات “تكفيرية” وإخوانية، في حدث اعتبرته السلطات المحلية جرس إنذار من تنامي شوكة “الإرهابيين”، فقرر ترحيل تلك العناصر.
حزم سوداني
وأوضح الباحث في الجماعات الإسلامية أن التنسيق الأمني بين القاهرة والخرطوم آتي أكله في الفترة الأخيرة، متوقعًا أن تتسم سياسة الدولة السودانية الفترة القادمة بالحزم تجاه كل الهاربين الذين تواجدوا على أراضيها، برضى النظام الإخواني الحاكم سابقا.
وفي 2019، عقدت القاهرة مع الخرطوم اتفاقيات أمنية، أسفرت عن تسليم الأخيرة أكثر من سبعين مطلوباً حتى مايو/أيار الماضي، بعد أن تحولت الأخيرة من دولة ترانزيت إلى مقر ومركز للتخطيط وتدريب العناصر المسلحة، ورافد بشري للتنظيم.
فاروق أكد أن “الإخوان” يسعى حاليا إلى إيجاد ملاذ آمن آخر، مشيرا إلى أن التنظيم المهزوم في أكثر من بلد، لن يتمكن من انتشال كل عناصره، لكنه سيبذل جهده لإنقاذ القيادات التي وصفها بـ”الهامة”.
وحول طبيعة العناصر التي قامت الخرطوم بتسليمهم للقاهرة، أكد الباحث في الجماعات الإرهابية أن السلطات السودانية سلمت 21 “إرهابيًا” بينهم عناصر محسوبة على تنظيم الإخوان وأخرى على الجماعة الإسلامية وخلية داعش الأخيرة بالخرطوم، متوقعا أن يلجأ تنظيم الإخوان للرحيل من أفريقيا إلى أوروبا وكندا على وقع تلك الضربات.
الملاذ الجديد
وحول طبيعة الأماكن المرشحة لانتقال الإخوان إليها، قال الدكتور عمرو عبدالمنعم، الكاتب والباحث المصري في الجماعات الإسلامية والمتطرفة، في تصريحات لـ”العين الإخبارية”، إن بقاء الإخوان في السودان بات محفوفا بالمخاطر.
وأوضح عبدالمنعم أن ما يتعرض له تنظيم الإخوان يعد “نتيجة منطقية” لثورة الشعب السوداني عليه، واقتلاعهم من الحكم والمعارضة كذلك.
ضربات متتالية
إلا أن الخلافات دبت بينهم وتسلطت قيادات الإخوان على العناصر الهاربين إلى السودان، حتى أطيح بالنظام الحاكم في 2019، والذي كان ظهيرًا شعبيًا لتلك العناصر، مما حرمهم من الملاذ الذي كان يعد الأكثر الأمنًا.
وأشار الكاتب والباحث المصري في الجماعات الإسلامية والمتطرفة إلى أنه كان من الطبيعي عدم تقبل وجود إخوان غير سودانيين هاربين وفارين من بلادهم، متوقعا ضربات متتالية للتنظيم العالمي الفترة القادمة في السودان وتركيا وربما في قطر.
وأكد الباحث المصري في الجماعات الإسلامية والمتطرفة أن التنظيم العالمي سينتقل إلى دولة “إسلامية” متفق عليها من قبل القوى الداعمة للإخوان، لتكون ملاذاً آمناً يكمن فيه التنظيم، إلى أن يتم استدعاؤهم مرة أخرى.
إقرأ المزيد