“طوبة لهنّ”.. معاناة النساء كبطولة وثائقية
الخرطوم – صقر الجديان
مَن يَسِرْ في شوارع العاصمة السودانية الخرطوم يُلاحِظْ في تكوينها العمراني، وبعموم أحيائها، غلبةَ اللون البُنّي، وهذا يعود إلى أنّ المادّة المستخدمة في التعمير هي الطّوب الذي بدوره يُصنّع من الطّمي المتراكم على حواف نهر النيل ويُمزَج بمواد أُخرى.
لكن خلف هذه القِطَع الصغيرة التي تعمرُ السودان برمّته وليس فقط العاصمة، تكمنُ آلاف القصص المُثقلة بالألم، عن عُمّال وعاملات يشتغلون في تصنيع الطوب ويعيشون ممّا يجنونه من هذه المهنة المحفوفة بالتّعب والأجور الزهيدة، حتّى يمكن القول إنّها تعبير حقيقي عن شظف العيش.
“طوبة لهنّ” عنوان الفيلم الوثائقي القصير (11 دقيقة) الذي يُعرَضُ عند السابعة من مساء اليوم، في “معرض الخرطوم الدولي” بمنطقة بُرّي. يطرح الفيلم الذي أخرجته رزان عبد الرحمن، قضيّة العمَالة في الطوب، وهي مهنة مكلّلة بالشقاء حتّى في العاصمة، حيث تكون الأُجور وظروف العمل أفضل قليلاً من الأطراف البعيدة التي توجّهت إليها المخرجة وجعلتها مركزَ فيلمها.
تذهب عبد الرحمن في عملها إلى الحدود القصوى في تمثيل المعاناة، دون أن تلجأ إلى الخيال أو تتخلّى عن الواقع. فالمهنة التي يحترفُها الرجال عادةً تنقلبُ في “طوبة لهنّ” لتصبح البطلات هُنّ النسوة اللواتي فقدنَ أزواجهنّ ولم يتبقّ أمامهنّ مصدر للعيش سوى أن يبذلن كلّ قواهن في “الكماين”، وهو الاسم الشعبي لأمكنة تصنيع الطوب.
ولا تكتفي صاحبة “دم” (وهو الفيلم الوثائقي الأوّل لعبد الرحمن) بمَا يدور في العاصمة والمراكز المدينية، بل تتّجه إلى معسكر أبو شوك للنازحين الواقع بالقرب من مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، غرب البلاد، والتي شهدت حرباً عام 2004 ما زالت آثارُها المدمّرة واضحة، وإحدى تلك الآثار هي عمالة النساء والأطفال التي يتصدّى لعرضها هذا الوثائقي.
يُشار إلى أنّ الفيلم سبق له أن شارك في الدورة الحادية عشر من “مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية” في آذار/ مارس الماضي، تزامناً مع “يوم المرأة العالمي”.
إقرأ المزيد