الإضرابات العمالية تتمدد في السودان
الخرطوم – صقر الجديان
بالتوازي مع غليان الشارع السوداني ضد السلطة بسبب فشلها في إدارة الملفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، يشهد السودان في الفترة الأخيرة اتساعاً لظاهرة الإضراب عن العمل في قطاعات صناعية وإنتاجية وخدمية لأسباب متباينة، منها الاقتصادي مثل الاحتجاج على ضعف الأجور وتدهور المعيشة والمطالبة بحل أزمة البطالة.
كما لا يستبعد مراقبون الأسباب السياسية في بعض الإضرابات ومنها السعي إلى إسقاط الانقلاب.
ومن أبرز الإضرابات التي تمت أخيرا إضراب مئات العمال في 6 سدود سودانية احتجاجا على نقلهم من العمل بشركة التوليد المائي لوزارة الري والموارد المائية والتي كانت السدود إحدى إداراتها، ومطالبتهم بإعادة تبعيتهم للشركة مرة ثانية وبالامتيازات المالية السابقة التي حرموا منها.
ورغم تعليق الإضراب بعد مفاوضات مع الإدارة خوفا من التأثيرات السلبية على قطاع الزراعة إلا أن العمال تعهدوا بتكراره في حالة عدم الاستجابة لمطالبهم.
إضرابات في كل مكان
كما ينفذ هذه الفترة أكثر من 4 آلاف عامل بشركة السكر السودانية إضرابا مفتوحا عن العمل منذ أول من أمس مع التلويح بإغلاق الشركة وإعلان العصيان في حالة عدم تنفيذ مطالبهم بصرف متأخرات مرتبات يونيو/حزيران، ويوليو/تموز، المعدلة ومتأخرات شهري يناير/كانون الثاني، وفبراير/شباط الماضيين.
ودخل في السياق نفسه العاملون في وقاية النباتات التي تتبع لوزارة الزراعة ببورتسودان في إضراب عن العمل منذ أيام، مطالبين بحقوقهم الوظيفية، ما تسبب في أضرار بالغة بالصادر والوارد والتزامات المصدرين والموردين الخارجية لكونها الجهة المختصة بتنفيذ الإجراءات الصحية والفنية للصادرات الزراعية وواردات السلع والمنتجات الغذائية بالبلاد.
وميدانيا، نفذ تجمع شباب قبيلة البجا بولاية البحر الأحمر اعتصاما مفتوحا أمام المكتب الرئيس للهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس بالولاية منذ الأربعاء 3 أغسطس/آب الجاري وحتى الآن، احتجاجا على عدم تخصيص وظائف لأبناء المنطقة في مكاتب الهيئة بالولاية وتجاهُل المسؤولين بالهيئة لتنفيذ اتفاق الأهالي مع النائب الأول لرئيس المجلس السيادي محمد حمدان دقلو حميدتي بالتمييز الوظيفي الإيجابي لأبناء البجا وتعيين أكثر من 35 موظفا وعاملا بمكاتب الهيئة بالولاية.
ولوح اتحاد الغرف الصناعية السودانية بالدخول في إضراب عن العمل وإيقاف الإنتاج، تنديدا بزيادة الدولار الجمركي من 445 جنيهاً إلى 564 جنيهاً أي بنسبة 26.8%.
ضياع حقوق العاملين
قال رئيس اتحاد عمال ولاية الخرطوم السابق هاشم التوم عبد الله لـ”العربي الجديد”، إن تعدد الإضرابات عن العمل في الآونة الأخيره سببه غياب النقابات العمالية الشرعية التي تم حلها من قبل لجنة إزالة التمكين والتي كانت تتولى الحفاظ على حقوق العاملين وتجسير الفجوة بين الأجور وتكلفة المعيشة.
وأضاف أن غياب النقابات التي تطالب بحقوق العاملين في السودان شجع أصحاب العمل والحكومة على التراخي في الاستجابة لمطالب هذه الفئة، ومنحها حقوقها التي يكفلها قانون العمل، ما تسبب في تسارع وتيرة الإضرابات باعتبارها السلاح الأقوى.
وشرح التوم تعدد أنماط الإضراب عن العمل من حيث النوعية، والكيفية والمدى الزمني، والباعث، قائلاً: “قد يكون علنياً بامتناع الكل عن العمل أو بالتباطؤ في العمل وقد يصحب الإضراب اعتصام في مكان العمل وقد لا يصحبه ذلك، أما من حيث المدى فقد يكون إضراباً شاملاً، أو جزئياً لفئة محددة أو منشأة معينة، أو مؤقتاً بمدة محددة قصيرة أو طويلة وكل هذا حدث في السودان خلال الفترة الأخيرة”.
وقال إن الإضراب يتخذ صفة المشروعية، إذا كانت غاياته الحصول على مطالب مشروعة أو الدفاع عن مصالح المهنة بمعزل عن أي اعتبار اَخر.
وقال إن الإضراب العام هو من أكثر الأشكال جديةً، مشترطا ضرورة اتباع خطوات ومراحل محددة قبل الإعلان عن أي إضراب وهي مرحلة التفاوض لتسوية النزاع ودياً، ومرحلة التوفيق ثم التحكيم.
أسباب سياسية
الخبير المختص في الشأن النقابي محمد علي خوجلي قال لـ”العربي الجديد”، إن تزايد معدلات الإضرابات عن العمل يرجع أحياناً إلى رغبة العاملين بالمؤسسات الحكومية والخاصة في إسقاط النظام الانقلابي الحالي، ويلجأون لترجمة ذلك عبر الإضرابات وتعدد المطالب المهنية.
وأشار خوجلي إلى غياب النقابات التي تدافع عن العمال وتقود التفاوض مع الحكومة لانتزاع حقوقهم. وتوقع تزايد وتمدد ظاهرة الإضرابات خلال الفترة المقبلة، لغياب الحكومة وتدهور الأوضاع الاقتصادية.
ويواجه الشارع أزمات معيشية خانقة في ظل موجات غلاء متتالية على وقع تراجع الإنتاج المحلي وضعف العملة المحلية، إذ عاود الجنيه السوداني تراجعه مجددا أمام الدولار ليتخطى حاجز 570 جنيها خلال اليومين الأخيرين.
إقرأ المزيد