«فاو» تحذر من تزايد حدة أزمة الجوع في البلدان الضعيفة كالسودان بسبب تغير المناخ
شرم الشيح – صقر الجديان
حذر نائب مدير منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “فاو” من “تزايد حدة” أزمة الجوع التي تمر بها بعض البلدان الضعيفة ومن بينها السودان خصوصا مع ظاهرة تغير المناخ.
وقال زيتوني ولد دادا خلال مقابلة على هامش قمة المناخ “كوب27” في شرم الشيخ “من الممكن أن تزيد حدة الأزمة إذا لم يتم اتخاذ قرارات عاجلة وكبيرة”.
وأعرب عن قلقه بسبب تداعيات التغير المناخي قائلاً “الوضع مقلق كثيراً، لأن تأثير تغير المناخ يظهر في كل مناطق العالم وخصوصا المناطق الضعيفة والأكثر تضررا مثل السودان”.
وأضاف “قد نجد عدد الناس الذين يعانون الجوع يرتفع من عام إلى آخر ويٌعد تغير المناخ أحد الأسباب”، مؤكداw أنه تحدٍ كبير وخطير “أصبح أمراً واقعاً ونسعى لتحقيق هدف الأمم المتحدة وهو ألا نترك أحدا وراءنا”.
وما بين تضخم تخطى المئة في المئة ونقص في المواد الغذائية في السودان، يعاني ثلث السكان البالغ عددهم 45 مليونا من الجوع، بحسب بيانات الأمم المتحدة.
وباكراً هذا الشهر، أشارت منظمة “فاو” إلى أن 84% من الأسر بما يتخطى 2300 أسرة شملها التقصي في 10 ولايات سودانية، تحتاج إلى الدعم بين الأشهر الثلاثة إلى الستة المقبلة.
وأكد ولد دادا أن أبرز التحديات التي تواجههم كمنظمة أممية في البلدان الفقيرة هي النزاعات وضعف البُنى التحتية وعدم كفاية القدرة لإنجاح المشروعات “على الرغم من امتلاك موارد بشرية هائلة، ولكن دائما نحتاج لقدرات من الخارج”.
وعلّق على ذلك قائلا “لا يعقل أن تصل واردات أفريقيا من القمح إلى 40% من أوكرانيا وروسيا وهي مليئة بالموارد الغنية”، مشيراً إلى أن قمة المناخ بمصر تعتبر فرصة لإعادة النظر في ملف الأمن الغذائي في القارة بأكملها.
ويوم الإثنين الماضي أعلنت السلطات السودانية مقتل 24 شخصاً في اشتباكات قبلية وقعت في إقليم دارفور المضطرب غرب السودان ما أدى إلى إعلان حالة الطوارئ.
وقتل هذا العام أكثر من 600 شخص، ونزح أكثر من 210 آلاف آخرين، بسبب نزاعات قبلية في السودان، وفقا للأمم المتحدة. ويتمحور التقاتل إجمالا حول خلافات لتأمين المياه والرعي.
وارتفعت وتيرة الصراعات القبلية عقب تنفيذ قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان العام الماضي انقلاباً على الحكومة المدنية التي تولت السلطة عقب الاطاحة بعمر البشير عام 2019.
ويقول المسؤول الأممي “دائما نطالب حكومات الدول بتسهيل الوصول والاتصال بالشعوب الأكثر احتياجاً وخصوصاً من ناحية الغذاء، كذلك لابد من فتح الطرق التجارية لأن ذلك يساعدنا أيضاً في الوصول إلى هذه الفئات”. وأضاف “ما نحتاج اليه هو ارادة سياسية لمكافحة الفقر والجوع في العالم”.
وأشار ولد دادا إلى أنه في أيار/مايو اتفقت كل من “فاو” والهيئة القومية للغابات في السودان على تنفيذ مشروعات لزيادة عدد أشجار الصمغ العربي لتعزيز القدرة التكيفية للمجتمعات المحلية واستعادة إمكانات مصارف الكربون.
ونشرت المنظمة على موقعها الإلكتروني آنذاك أن “استعادة زراعة الغابات من خلال أشجار الصمغ المقاومة للجفاف ستجعل زراعة الأراضي الجافة أكثر مرونة في ظل تغير المناخ”.
وقال ولد دادا “مشروع الصمغ العربي (بتكلفة 10 ملايين دولار) يعمل في السودان وكان تنفيذه بناء على طلب البلد”.
ويعتبر السودان أكبر منتج للصمغ العربي في العالم، إلا أن ارتفاع أسعار الوقود يدفع العديد من السودانيين إلى استخدام أخشاب أشجار الصمغ (الطلح والهشاب) من أجل الطهي والتدفئة.
وحسب صحيفة “السوداني” المحلية، فقد أنتج السودان في التسعة أشهر الأولى من العام الجاري قرابة 100 ألف طن من الصمغ العربي. وفي تطور ذي صلة قال رئيس لجنة الإنقاذ الدولية أمس الثلاثاء إنه يجب على المانحين الدوليين تخصيص أموال لإنقاذ الأرواح وألا ينتظروا إعلان المجاعة في مناطق في شرق أفريقيا حيث يعاني عشرات الملايين بالفعل من الجوع.
وتتعرض إثيوبيا وكينيا والصومال لأسوأ جفاف على الإطلاق منذ 40 عاماً، وتواجه المنطقة خامس موسم على التوالي بدون أمطار كافية، في حين قالت الأمم المتحدة أنها تتوقع إعلان المجاعة في أجزاء من الصومال قبل نهاية العام الحالي.
وذكر رئيس لجنة الإنقاذ الدولية ديفيد ميليباند في إفادة إعلامية بعد زيارة إلى المنطقة “أناشد المجتمع الدولي ألا يقف مكتوف الأيدي في انتظار إعلان المجاعة”.”.
وأوضح ميليباند أن نصف الوفيات التي حدثت خلال المجاعة التي ضربت الصومال العام الماضي كانت قبل إعلانها رسمياً هناك.
ويقول خبراء إن الجفاف في شرق أفريقا تفاقم بسبب تغير المناخ وارتفاع أسعار الغذاء عالمياً. وتقدر لجنة الإنقاذ الدولية أن تسعة ملايين من رؤوس الماشية نفقت في أمكان مختلفة في المنطقة بينما شهدت مدينة بيدوا في جنوب الصومال زيادة تعداد سكانها بعد أن تركت الأسر التي تعاني من الجوع القرى بحثا عن الغذاء والماء.
وقال ميليباند “في خضم المحادثات عن الحياد الكربوني يمكن أن ننسى الكارثة”، مقدرا أن الصومال وإثيوبيا وكينيا مسؤولة فقط عن 1.2 في المئة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الوقت الذي تعاني فيه الدول الثلاث بشدة من آثار تغير المناخ.
كما قال المدير العام للجنة الدولية للصليب الأحمر، روبير مارديني، أن اللجنة وشركاءها بالحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال شاهد عيان على تضرر المجتمعات الهشة من تغير المناخ.
وأضاف في مقابلة جرت على هامش مشاركته في قمة “كوب27” أن العاملين على الأرض من مندوبي الصليب الأحمر “استطاعوا أن يشهدوا بأنفسهم حجم التأثير السلبي لتغير المناخ على تفاقم حالة الضعف عند المجتمعات الهشة”.
وأردف “الانعكاسات السلبية لأزمة المناخ لا تحس آثارها بصفة متساوية بين مختلف أنحاء العالم وكل السياقات، للأسف الدول التي تعيش أزمات وحروب تعاني من أثر مضاعف للأزمة المناخية. وقال أيضاً “ما تمر به هذه المجتمعات من محن لا يحتل مرتبة مرتفعة على جدول أعمال مؤتمر المناخ العالمي، فهذه المجتمعات لا تزال ضمن أكثر الفئات المهملة فيما يتعلق بالعمل المناخي والتمويل المخصص له”.
وأكد مارديني أن “التغيرات المناخية تجبر الناس على إعادة تشكيل حياتهم”، قائلاً “سمعنا ذلك من رعاة الماشية في مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى، وهم يصفون لنا كيف خسروا الماشية وأجبروا على تغيير أسلوب حياتهم، والعمل في مجال الرعي في هذه المناطق ليس مجرد مهنة فهو نشاط ممتزج بصميم هوية الناس وأسرهم”.
وتابع “في أفريقيا الوسطى، سمعنا قصصا حزينة من السكان الذين اضطروا لترك بيوتهم على نهر أوبانغي وخسروا ممتلكاتهم ودمرت زراعتهم وماتت مواشيهم بسبب الفيضانات التي باتت متكررة وتتزايد حدتها”.
ودعا المدير العام للجنة الدولية للصليب الأحمر إلى “اعتماد نهج متكامل ومتجدد يتأقلم مع التغير المناخي” لتحقيق فعالية جهود مساعدة المجتمعات الهشة لتجاوز تحديات مخاطر المناخ.
وقال إن “الاستجابات الدولية التي يمكن أن تساعد المجتمعات المحلية على التكيف مع مخاطر المناخ تتجاوز في الغالب ما يمكن أن تقدمه الجهات الفاعلة في مجال العمل الإنساني”.
إقرأ المزيد