عصر ما بعد الفنادق.. رابح جديد من السياحة في حقبة كورونا
مدريد – صقر الجديان
تسبب وباء كورونا وما نجم عنه من تدابير صحية مشددة بينها خصوصا قواعد التباعد الجسدي، في تغيير عميق على صعيد كيفية قضاء الرحلات السياحية، ليبزغ في الأفق “منافس جديد” للفنادق التقليدية.. مقطورة السفر.
فابريتسو موزاتي رئيس وكالة “أكي إيستوي كارافانينغ” الإسبانية المتخصصة في السفر، قال إن كثيرين يعتزمون استئجار مقطورات سفر لتمضية الإجازات رغم أنهم لم يفكروا في الأمر البتة قبلا.
ويقول موزاتي إن العالم أجمع يبحث عن الشعور بالأمان. “كثر سيجربون ذلك نظرا للظروف”.
وقد شهدت إسبانيا نشاطا “مكثفا” لشركات تأجير مقطورات السفر منذ إعادة السماح بالتنقل الحر على الطرق الشهر الماضي، وفق رابطة “آسيكار” للجهات العاملة في القطاع.
وأظهر استطلاع للرأي أجري حديثا أن 90 % من الإسبان يعتزمون تمضية هذه الإجازة في بلادهم فيما ينوي 83 % منهم استخدام السيارة بدل النقل المشترك.
وبعد أشهر من العمل المضني في التصدي لوباء كورونا، كانت يوني ألبيريك في حاجة ماسة لإجازة، لكن بفعل استمرار تفشي الفيروس، اختارت الممرضة الإسبانية للمرة الأولى التنقل بمقطورة سفر.
وتقول الممرضة البالغة 32 عاما المتحدرة من مدينة كاستيون (جنوب شرق) وهي أم لطفل استأجرت المقطورة مع زوجها، “الفكرة كانت تقوم على الابتعاد من الناس تفاديا للإصابة بالعدوى. وفي وجود كوفيد-19، أي شيء أفضل من السفر مع منزل متنقل؟”.
ظاهرة أوروبية
ويوضح فرنسوا فوييه رئيس الاتحاد الأوروبي لمشغلي مقطورات السفر “منذ رفع تدابير الحجر، سجل شغف كبير بالسفر عبر المقطورات في كل مكان”.
ويضيف “مقطورات السفر تعني الحرية والتوفير والحفاظ على البيئة. يمكن الآن إضافة السلامة الصحية إليها، وهذا يؤمّن منفعة كبيرة لنا”.
وتضم أوروبا حاليا 5 ملايين مستخدم ومليوني مقطورة على الطرق، وفق أرقام رسمية في القطاع.
وفي ألمانيا، أكبر الأسواق الأوروبية في هذا القطاع، جرى تسجيل أكثر من عشرة آلاف مقطورة سفر في مايو/ أيار، في ارتفاع نسبته 32% خلال عام، فيما سجلت فرنسا 3529 لوحة جديدة بزيادة تقرب من 2%.
أما إسبانيا، وهي سوق أصغر بكثير لكنها تسجل نموا كبيرا، فقد جرى تسجيل 1208 مركبات جديدة في يونيو/ حزيران، في ارتفاع نسبته 20% خلال عام وفق اتحاد “آسيكار”.
كذلك يسجل ارتفاع كبير في الطلب على التأجير. وأفادت منصة “ييسكابا” للتأجير بين الأفراد عن أكثر من 32 ألفا و500 حجز في سائر أنحاء أوروبا الشهر الماضي، كما أن الطلب لشهري يوليو/ تموز وأغسطس/ آب أعلى من ذلك المسجل في الفترة عينها من 2019.
نمو السياحة المحلية
رغم إعادة فتح الحدود الأوروبية في الأسابيع الماضية، لا يفكر محبون كثر للإجازات الصيفية في مغادرة البلاد، وفق بونوا بانيل أحد مؤسسي “ييسكابا”.
ومنذ بدء تفشي فيروس كورونا المستجد، توقفت الحجوزات التي يجريها مستخدمون لمقطورات خارج بلدان إقامتهم، وهي تشكل في العادة 20 % من إجمالي الحجوزات.
ويؤكد مدير شركة “كارافاناس هوليدايز” خوليو بارينغوا غوميس هذا المنحى. ويقول “الناس كانوا يميلون إلى الحصول على مقطورة سفر للتنقل بها في أوروبا، لكنهم يرغبون هذا العام بالبقاء في إسبانيا”.
هذه حال خوسيه باسكال غيرال الذي استأجر مقطورة سفر للمرة الأولى هذه السنة منذ رفع تدابير الحجر للذهاب إلى جبال البيرينيه الإسبانية، بعدما اعتاد السفر إلى الخارج لتمضية الإجازات.
ويقول هذا المدير لشركة تصدير للخزف لوكالة فرانس برس “هذا أفضل بكثير من التنقل بالطائرة أو حجز فندق، إذ يوفر لنا شعورا حقيقيا بالحرية. تذهبون لتمضية أسبوع وتشعرون بأنكم في إجازة منذ شهر”.
ويعتبر آخرون أن أزمة كوفيد-19 ستسرع النفور الشعبي من أنشطة السياحة الجماعية.
ويقول فرناندو أورتيز مدير “بينيمار” كبرى الشركات الإسبانية في مجال مقطورات السفر، إن “هذا الوباء سيغير عادات الناس لأنهم سيكونون أقل ميلا لارتياد الأماكن المزدحمة”.