الجزائر تساعد على انتشار وباء المسيّرات الإيرانية في شمال أفريقيا والساحل
واشنطن – صقر الجديان
لم يعد المغرب وحده الذي يحذر من خطر تسلل المسيرات الإيرانية إلى شمال أفريقيا ودول الساحل من بوابة تسليح الجزائر لجبهة بوليساريو الانفصالية، فقد امتد هذا التحذير ليشمل مسؤولين وخبراء غربيين استفاقوا على خطر التمدد الإيراني إلى هذه المنطقة الإستراتيجية.
ومن شأن هذه التحذيرات أن تخرج هواجس انتشار وباء المسيرات الإيرانية من دائرة المغرب كبلد مستهدف بشكل مباشر إلى فضاء أوسع غربيا وإقليميا.
وقال الخبير الأميركي في الشأن الإستراتيجي لي ولين كينغ، ضمن تحليل له نشره في موقع بوسطن هيرالد، إن “إيران تملك طائرات مسيرة يتم نشرها حاليا في شمال أفريقيا، وقد تشكل تهديدا مباشرا للمغرب”.
ويقول مراقبون إن وجود هذه المسيرات بيد جهة غير معترف بها دوليا، وتأتمر بأوامر نظام جزائري يميل إلى التصعيد وخلق بؤر التوتر دون التحسّب للعواقب، يمكن أن يضع أمن أوروبا تحت التهديد. وينطبق الأمر نفسه على المصالح الأميركية والإسرائيلية الإستراتيجية في المغرب.
ويلقي وجود مسيرات لدى بوليساريو، كذلك، بالكثير من المخاطر على الوضع الصعب في منطقة الساحل والصحراء، حيث توسع المجموعات المتشددة نفوذها في ظل الأزمة بين فرنسا وبعض حلفائها التقليديين في أفريقيا.
وليس هناك ما يمنع الجبهة الانفصالية من التفويت في هذا السلاح وسبق أن اتهمت بالتفويت في أسلحتها لحركات جهادية شمال مالي، وهو ما قد يوفر للتيارات المتشددة في الساحل والصحراء ورقة نوعية لضرب استقرار المنطقة، وتهديد مصالح الدول الكبرى التي تتنافس على القارة مثل الولايات المتحدة وفرنسا والصين وروسيا.
ويثير الدبلوماسيون المغاربة هذه القضية باستمرار مع الحكومات الغربية. ويقولون إن إيران، بالتواطؤ مع الجزائر، تدعم متمردي بوليساريو الذين يشاركون في هجمات حرب العصابات ضد المغرب بسبب موقع المملكة في الصحراء المغربية.
ويشير كينغ إلى أن المغرب محق في قلقه، محذرا من المسيرات، وبالرغم من أنها قد لا تكسب الحرب إلا أنها يمكن أن تلحق أضرارًا جسيمة بمجموعة متنوعة من الأهداف، بدءا من المراكز السياحية ومرورا بالمنشآت العسكرية وليس انتهاء بشبكات الكهرباء الحيوية ومحطات الطاقة، مثلما حصل خلال هجمات الحوثيين على مواقع نفط سعودية في 2019.
وزاد إدراك العالم لمخاطر المسيرات الإيرانية بعد دورها في حرب أوكرانيا، حيث استثمرتها روسيا لتدمير البنى التحتية في أوكرانيا وخاصة منشآت الطاقة والكهرباء.
وكان سفير المغرب لدى الأمم المتحدة عمر هلال قد حذر في أكتوبر الماضي من أن بوليساريو تفتح لإيران وحزب الله طريق التوغل في شمال أفريقيا.
وأوضح هلال خلال مؤتمر صُحفي في نيويورك، بعد جلسة لمجلس الأمن الدولي حول قضية الصحراء، أن “إيران وحزب الله لديهما وجود في منطقة تيندوف (جنوب الجزائر) وشمال أفريقيا”، وأنهما بصدد الانتقال من تدريب مقاتلي بوليساريو إلى تسليحهم، وهذه المرة عبر شحنة من الطائرات المسيرة.
واعتبر ذلك “تطورا خطيرا للغاية”، راجيًا أن يدرك العالم كله أن “إيران، بعد أن قوضت استقرار سوريا واليمن والعراق ولبنان، بصدد زعزعة استقرار منطقتنا.. ليس المغرب وحده المعني بهذا بل كل دول المنطقة”.
وتعود تجربة إيران مع الطائرات دون طيار إلى الحرب التي خاضتها إيران والعراق بين عامي 1980 و1988. في تلك الفترة، كانت الطائرات دون طيار في خط البصر، وبسيطة، وهي جيدة فقط للمراقبة.
ومنذ ذلك الحين قامت إيران ببناء أجيال من الطائرات دون طيار، كبيرها وصغيرها، لكنها متطورة بشكل متزايد. وقد ساعدتهم طائرات أميركية دون طيار تم الاستيلاء عليها وأعادوا تصميمها باستخدام أحدث التقنيات.
وجود هذه المسيرات بيد جهة غير معترف بها دوليا، وتأتمر بأوامر نظام جزائري يميل إلى التصعيد، يضع أمن أوروبا تحت التهديد
وقال الخبير الأميركي في الشأن الإستراتيجي إن “الطائرات دون طيار هي أسلحة الحرب الجديدة، مما يتسبب في إعادة تصور التكتيكات العسكرية وعناصر القوة”.
ونقل كينغ عن إيلان بيرمان، النائب الأول لرئيس مجلس السياسة الخارجية الأميركية، قوله إن إيران توصلت إلى استنتاج مفاده أن قوتها لا تكمن في منافسة القوة بل في مساعدة الصراعات غير المتكافئة، “وهذا هو سبب إنفاقها الكثير من المال والوقت على الإرهاب، والكثير من المال والوقت على الصواريخ الباليستية. ثم الاعتماد على الطائرات دون طيار كنموذج تطور لهذه الإستراتيجية”.
ويضيف بيرمان أن النظام الدفاعي الفعال ضد الطائرات دون طيار هو “القبة الحديدية” التي بنيت باستخدام التكنولوجيا الإسرائيلية وبمساعدة وتمويل من الولايات المتحدة.
ويعتقد بيرمان أنه نظرًا إلى أن المغرب هو أحد الموقعين على اتفاقيات أبراهام، فقد يحصل على نظام القبة الحديدية من إسرائيل، لكنه يشير إلى أن هذا الأمر قد يستغرق سنوات من التفاوض خاصة أن المبيعات تخضع لحق النقض الأميركي.