سفر وسياحة

السفر البطيء .. أحدث صيحات عالم السياحة وسط الجائحة

 

يمثل “السفر البطيء Slow Travel” أحدث اتجاهات عالم السياحة حاليا في ظل تفشي جائحة كورونا، التي أدت إلى تباطؤ وتيرة الحياة، ويهدف هذا الاتجاه إلى الاستمتاع بالطريق ذاته من ناحية والحفاظ على البيئة من ناحية أخرى.

وعلى الرغم من أن رحلة السفر عبر إنجلترا لمدة أربعة أسابيع على متن شاحنة حليب كهربائية لا تبدو من الرحلات الجذابة، إلا أن الكاتب البريطاني دان كيران وصف هذه الرحلة، التي قام بها، في كتابه “السفر البطيء” (Slow Travel) بأنها “أكثر الرحلات عقلانية وأكثرها جنونا في نفس الوقت”.

أضاف الكاتب البريطاني أنه بعد أسبوع واحد من بدء الرحلة اكتشف أنه يجوب بلدا شاسعا غير متطور، قائلا: “يبدو أن السفر بالسرعة البطيئة جعل البلد تبدو أكثر اتساعا”.

ويعشق الإنجليز السفر ببطء على الطرق لتجنب الضغط المرتفع والاستمتاع بالمزيد من المناظر الطبيعية.

جائحة كورونا
أدت جائحة كورونا إلى زيادة الاهتمام بهذه الفكرة “السفر البطيء” حيث أدرك الكثيرون أن تباطؤ وتيرة الحياة المرتبطة بتفشي الوباء العالمي يعد من الأمور الجيدة، وقد كان من ملامح الجنون سرعة تحليق السياح حول العالم قبل الأزمة، فقد كانت البرامج السياحية تتضمن ثلاثة أيام في العاصمة الإيطالية روما وأسبوع في المغرب وعشرة أيام في جزيرة بالي الأندونيسية، ولكن السفر البطيء يمثل الاتجاه المعاكس لذلك تماما.

ويرتبط السفر البطيء بالتواجد على الطريق، وحسب دان كيران: “يمكننا اليوم اكتشاف العالم بسرعة كبيرة، لدرجة أن المرء لا يشعر أنه يسافر، بل إنه قد وصل للتو”.

ومع السفر البطيء لا ينصب الاهتمام على السرعة أو المسافة، ولكن يتم التركيز أكثر على الانعكاس والتعمق.

من جهته أكد أرني جودا، المدير الإداري ومنظم رحلات السفر البطيء في العاصمة الألمانية برلين، على نفس الفكرة، وأوضح أنه خلال الفترة، التي سبقت تفشي فيروس كورونا كان يقوم بتنظيم رحلات السفر البطيء على متن سفن الحاويات، وتمتد الرحلة لمدة 15 يوما من ميناء بريمرهافن مرورا بالولايات المتحدة الأمريكية وصولا إلى المكسيك، وتشتمل البرامج السياحية أيضا على الرحلات البحرية التقليدية وخطوط السكك الحديدية عبر سيبيريا ورحلات ركوب الدراجات في هولندا.

أضاف أرني جودا قائلا: “عند السفر على متن سفن الشحن لا توجد أية مشتتات، وبالتالي ينغمس المرء في المناظر الطبيعية المحيطة به”.

وهناك بعض الأشخاص يرون أن مشاهدة نفس المناظر يبعث في النفس الشعور بالملل، ولكن في مرحلة ما يدركون مدى تنوع المناظر البحرية من حولهم.

وأكد أرني جودا أن السفر البطيء لا يرتبط بالوصول إلى الوجهة المقصودة، ولكن الطريق نفسه هو الهدف من السفر، حتى إذا بدى هذا الطريق سيئا.

وأشار أرني جودا قائلا: “يتشكك الكثير من الناس في سلوكياتهم أثناء السفر”، وقد أصبح من الصعب تجاهل التأثير البيئي للسياحة، قائلا: “عندما أسافر بسرعة فإنه يتم التركيز على احتياجاتي الشخصية أكثر من معرفة تأثير سلوكياتي”.

المناخ والبيئة
وهنا يظهر تساؤل حول ما إذا كان السفر البطيء يؤثر بشكل إيجابي على المناخ والبيئة؟ في واقع الأمر تظهر فائدة السفر البطيء عندما يسافر المرء ببطء ولمسافة أطول وبوتيرة أقل من المعتاد.

وتعتبر وسائل النقل والمواصلات هي المسؤولة عن انبعاث ثاني أكسيد الكربون أثناء السفر، وأضاف البروفيسور مارتن لومان، الخبير السياحي، قائلا: “زيادة مدة الرحلات السياحية لا تساهم في الحفاظ على البيئة والمناخ، ولكن الرحلة الطويلة تجعل المرء يتخلى عن القيام برحلة ثانية”. وبطبيعة الحال كلما قلت الرحلات والسفر، كان ذلك أكثر محافظة على البيئة والمناخ.

وإذا أقام السائح لمدة ثلاثة أو ست أسابيع في تايلاند مثلا، فلن يحدث فرقا كبيرا في المناخ، ما لم تتم المغادرة “ببطء”، وأوضح مارتن لومان ذلك بقوله: “سافر بعيدا جدا، ثم تحرك ببطء هناك”.

وأوضح معهد المستقبل أن السفر البطيء ينطوي على إمكانيات كبيرة؛ حيث تطور قطاع السياحة في الماضي اعتمادا على السرعة والكفاءة، ولكنه وصل إلى حدوده القصوى حاليا.

وأضافت أنيا كيريج، الباحثة في اتجاهات الموضة، قائلة: “بعيدا عن الرحلات السياحية الجماعية وأساطير الطائرات النفاثة فإن السفر البطيء يظهر حاليا كشكل جديد وناجح من رحلات المغامرة”.

وعلى الجانب الآخر أوضح البروفيسور مارتن لومان أن اتجاه السفر البطيء يوضح أن الرحلات السياحية يجب أن تتوافق مع البيئة وأن تكون مستدامة، ولكن ليس لهذا الموقف حتى الآن أي تأثير عملي على سلوكيات السفر.

ويرى البروفيسور الألماني أن هناك مزايا للسفر البطيء على المستوى النفسي، من خلال الاستمتاع أكثر باللحظات الجميلة، التي يمر بها السائح خلال رحلته السياحية، التي أصبحت أقل صخبا وسرعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى