هل تنهي رسالة هيشيليما إلى الملك “تذبذب” موقف زامبيا من مغربية الصحراء؟
الرباط – صقر الجديان
عرف موقف الدولة الزامبية من مغربية الصحراء ومبادرة الحكم الذاتي تذبذبا واضحا في السنوات الماضية؛ وهو ما يظهر من خلال الاعتراف بجبهة “البوليساريو” الانفصالية سنة 1979 وسحب اعترافها بها، ثم تجديد الاعتراف بها قبل أن تسحبه مرة أخيرة سنة 2017.
وانعكست هذه المواقف المتذبذبة للوساكا على العلاقات الثنائية مع الرباط لسنوات، كما أعطت مساحة لـ”البوليساريو” للمناورة على المستوى الإفريقي؛ فلم يتأخر إبراهيم غالي، زعيم الجبهة الانفصالية، سنة 2016، في استغلالها للقيام برحلة إلى زامبيا دامت ثلاثة أيام، ووجد حينها إدغار لونغو، الرئيس الزامبي السابق، في استقباله.
لكن هذه المواقف السياسية غير الثابتة “باتت من الماضي”، حسب عبد الفتاح الفاتحي، مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الاستراتيجية، الذي اعتبر أن افتتاح زامبيا لقنصلية عامة لها بعاصمة الصحراء المغربية العيون، سنة 2020، “كرس موقفا مستداما لصالح مغربية الصحراء”.
وجددت زامبيا، الثلاثاء، دعمها لمغربية الصحراء، خلال مباحثات جمعت ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، بستانلي كاسونغو كاكوبو، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي لدولة زامبيا، الذي قدِم إلى الرباط حاملا رسالة خطية من هاكيندي هيشيليما، رئيس جمهورية زامبيا، إلى الملك محمد السادس.
وأكد الفاتحي، ضمن تصريح لهسبريس، أنه “بتجديد موقفها الأخير من الصحراء المغربية، تكون زامبيا قد تجاوزت فترة الارتباك السياسي”، مبرزا أن القيادة الزامبية الجديدة معنية بعلاقات براغماتية وواقعية تعزز من مصداقية وموثوقية مواقفها الدبلوماسية في العلاقات الدولية؛ وهو ما لا يجعلها رهينة جدل سياسوي مصطنع داخلي أو خارجي يتأرجح بين الاعتراف وسحب الاعتراف بكيان وهمي”.
الخبير في العلاقات الدولية سجل أيضا أن زامبيا “تبحث عن مكاسب اقتصادية وتنموية والاستفادة من الخبرة المغربية في شتى المجالات”؛ ما يفسر، وفقه، “انخراطها في الاستراتيجية الملكية تعاون جنوب جنوب وفق مبدأ رابح رابح، واحتفاظها بأمل كبير في عقد شراكة في مجال تصنيع السيارات وعرض مواردها الطبيعية كمعدن الكوبالت على المغرب ليكون محور شراكة يستغل لتصنيع بطاريات السيارات الكهربائية”.
من جانبه، أفاد خالد شيات، أستاذ العلاقات الدولية بكلية الحقوق بوجدة، بأنه “بينما لا يمكن إنكار استغلال مجموعة من الدول للمشكل المفتعل من الجزائر في الصحراء المغربية لممارسة الاسترزاق السياسي، فإن التذبذب الذي عرفه الموقف الزامبي من هذا الملف مرده إلى ضغوطات تمارس عليها في محيطها الإقليمي”.
لذلك، أكد شيات، ضمن تصريح لهسبريس، أن تغيير المواقف إذا لم يكن مرتبطا بتغيير الحكومات والقناعة السياسية الداخلية لا يمكن أن يكون إلا “استرزاقا سياسيا”.
في المقابل، أضاف الخبير في العلاقات الدولية، فإن “الدول التي تملك استقلالية القرار تكون دائما داعمة للمغرب في قضية الصحراء والعدالة والشرعية الدولية والوحدة وضد الانفصال والأطراف الداعمة له والراغبة في تشتيت الفضاء الإفريقي”.