أخبار السياسة المحلية

التقسيم يهدد السودان مع توقف المفاوضات وتصاعد المعارك

الخرطوم – صقر الجديان

قوض عدم إحراز تقدم في المحادثات في مدينة جدة السعودية آمال التوصل لحل للصراع الذي تسبب في تشريد أكثر من 6.5 مليون شخص داخل وخارج السودان وقوض الاقتصاد وأدى لمذابح على أساس عرقي في دارفور، وبات شبح التقسيم يلوح في الأفق.

تتجه الأوضاع في السودان نحو مسارات أكثر تعقيداً للصراع المسلح الذي تشهده البلاد منذ قرابة ثمانية أشهر وسط مخاوف من سيناريو انفصال جديد بعد تعثر المحادثات التي تجرى بوساطة سعودية وأميركية بين طرفي الصراع، ومواصلتهما القتال الذي تسبب في أزمة إنسانية كبيرة.

وتقترب قوات الدعم السريع من السيطرة على إقليم دارفور في غرب السودان، بعد أن تمكنت من الاستيلاء على فرق الجيش الرئيسية في ولايات جنوب ووسط وغرب وشرق دارفور، ولم يتبقَّ أمام بسط نفوذها على الولايات الخمس، سوى الفاشر العاصمة السياسية والإدارية لإقليم دارفور، التي أعلنت الحركات المسلحة الرئيسية أنها ستدافع عنها إلى جانب الجيش، مما يهدد بصراع إثني وانقسام الإقليم على أساس عرقي.

وأعادت قوات الدعم السريع فتح الأسواق والمستشفيات ونشرت قوات شرطة في دارفور في تعزيز لمكاسبها في الآونة الأخيرة. وتواصل التوسع في منطقة كردفان التي تقع بين الخرطوم ودارفور، وتهاجم القرى والبلدات المحيطة بعواصم الولايات.

وبينما توغلت قوات الدعم السريع في منطقتي دارفور وكردفان، صعد الجيش السوداني نبرته للتغطية على هزائمه المتتالية، ويقول السكان إنه كثف ضرباته الجوية في العاصمة الخرطوم.

وقال أحمد عبد الله (51 عاما) في أم درمان المجاورة للخرطوم حيث يتقاتل الجانبان للسيطرة على قواعد عسكرية “يطلقون المدفعية بكثافة، وكثيرا ما تسقط على منازل المدنيين”.

وتعاون الجيش السوداني وقوات الدعم السريع للإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في 2019، ونفذا انقلابا في 2021، لكن الصراع اندلع بينهما في أبريل/ نيسان بسبب الخلاف على خطة لمرحلة انتقالية جديدة.

وتم تعليق محادثات جدة في يونيو/ حزيران ثم استؤنفت في أكتوبر/ تشرين الأول. وذكرت مصادر سودانية مشاركة في المحادثات أن الطرفين اجتمعا هذا الأسبوع دون التوصل لاتفاق جديد بعد فشل تحقق أهداف الالتزام بنبرة هادئة والقبض على رجال البشير وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية.

وقالت المصادر إن ممثلي الجانبين اللذين لم يجتمعوا وجها لوجه ظلوا مختلفين بخصوص سيطرة قوات الدعم السريع على معظم أنحاء الخرطوم. وذكروا أن الجيش يطالب قوات الدعم السريع بالانسحاب إلى قواعد معينة ورفض اقتراحا مقابلا من القوات بمغادرة منازل المدنيين وإقامة نقاط تفتيش في أنحاء المدينة.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن الوسطاء ما زالوا مستعدين لمحادثات إضافية “لكن يتعين على الطرفين أن يظهرا قدرتهما على تنفيذ تعهداتهما”.

وفرضت الولايات المتحدة الاثنين الماضي، عقوبات على ثلاثة مسؤولين بالمخابرات خلال فترة حكم البشير بسبب ما تردد عن ضلوعهم في إشعال الصراع بين الطرفين. ويوم السبت قال قائد الجيش السوداني الفريق الركن عبد الفتاح البرهان في كلمة للجنود إن “الحرب لن تنتهي حتى يتم تحرير كل شبر من أرض البلاد لوثه التمرد”.

ولا تبدو نهاية الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم العسكري قريبة، ويرى محللون أنها ربما ينتهي بها الأمر لسيناريو التقسيم الذي يخشاه معظم السودانيين، خاصة بعد انفصال جنوب السودان منذ سنوات.

ويرى الإعلامي السوداني صلاح غريبة، رئيس تجمع الإعلاميين السودانيين في مصر، إن أسباب فشل مفاوضات جدة بين الأطراف السودانية لمرة ثانية يرجع إلى تمسك الطرفين بمطالبهم الكاملة، وهذا الأمر يعني فشل المفاوضات دائما في حالة عدم التنازل عن مطالبهم، موضحاً أن هناك وساطات داخلية وخارجية من أجل تهدئة الأوضاع في السودان.

ويرى متابعون أن الخسائر المتتالية التي مني بها الجيش السوداني وإدراكه أنه لن يستطيع فرض شروطه في المفاوضات أو الحصول على مكاسب سياسية كبيرة، جعلته يختار مسار التصعيد وإبقاء نزيف الدماء مستمرا.

وكشف غريبة في تصريحات صحافية أن ما تم تداولها بشأن التدخل الاتحاد الأوروبي في السودان ماهي إلا شائعات يحاولون من خلالها زيادة توتر الأوضاع في السودان.

وأضاف أن السودان من الممكن أن تنقسم إلى خمس دول صغيرة خلال الفترة القادمة، وذلك بسبب دعوات الانفصال والحكم الذاتي، لافتاً إلى أن المشكلة في السودان أن الولاء ليس لدولة ولكن إلى القبيلة والعشيرة.

ويظهر في الأفق خطر جديد، يتمثل في توسيع وتعدد أطراف القتال بدخول قبائل وعشائر إما لنصرة أو لدعم أي من الطرفين، أو دخولهم كطرف رئيسي في المعارك دفاعاً عن مصالح أو خوفاً من ضرر، وبالتالي ظهرت موجات من عملية تسلح المدنيين، والتزود بمزيد من السلاح والتحصينات للقبائل التي كانت في الأصل مسلحة ما يهدد بارتفاع أعداد الضحايا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى