الحرب تُقلّص المساحات المزروعة وتُهدّد بتفاقم أزمة الجوع في السودان
الخرطوم – صقر الجديان
حذّر مسؤول سوداني رفيع، الاثنين، من تقلّص كبير في المساحات المزروعة بولايات دارفور وكردفان والجزيرة جراء الحرب، ما يهدد بتفاقم أزمة الجوع التي تهدد البلاد.
وتأتي التحذيرات وسط مخاوف متزايدة من ارتفاع أعداد الجوعى في السودان، حيث تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن مايزيد على 18 مليون سوداني يعانون من الجوع الحاد، بما في ذلك 4.9 مليون شخص في مستويات الطوارئ من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
وقالت الأمم المتحدة إنها تلقت تقارير عن أشخاص يموتون جوعًا في بعض مناطق السودان.
وأوضح وزير الزراعة والغابات أبو بكر عمر البشرى، لـ “سودان تربيون”، أن “المساحة التي مخطط زراعتها في دارفور وجنوب وغرب كردفان في الموسم الصيفي كانت 12 مليون فدان، إلا أن نسبة كبيرة لم تُزرع بسبب الحرب وعدم توفر العمالة”.
وأشار إلى أن الخطة التأشيرية لمشروع الجزيرة كانت تتضمن زراعة 350 ألف فدان قمح قبل أن تتقلص إلى 220 ألف فدان بعد سيطرة قوات الدعم السريع على ولاية الجزيرة في خواتيم العام المنصرم.
وظلت المعارك تدور بين الجيش وقوات الدعم السريع في مناطق دارفور وكردفان، لكنها توقفت في ولايات جنوب وغرب وشمال وشرق دارفور بعد سيطرة الدعم السريع عليها؛ حيث أثر انعدام الأمن على عمليات الزراعة والحصاد.
مخزون استراتيجي
تؤكد الحكومة السودانية على كفاية مخزونها من الحبوب، بينما تحذر تقارير من فشل موسم الزراعة الصيفي في بعض المناطق، مما يثير مخاوف من حدوث مجاعة.
وزُرع 14 مليون فدان بحبوب الذرة والدخن و 300 ألف فدان بالقمح في مختلف أنحاء السودان، بينما تحتاج البلاد إلى ما بين 5.5 و6 مليون طن من الحبوب لتغطية حاجتها الغذائية.
وتجري فرق وزارة الزراعة مسحًا لتقدير حجم الإنتاج والمساحات المزروعة، لتحديد موقف المخزون الاستراتيجي، بينما يتوقع وزير الزراعة عدم حدوث جوع، لكنه يشير إلى صعوبة إيصال الغذاء إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع.
وتُبذل مساعٍ لإيصال الغذاء إلى المتأثرين من الحرب في دارفور وكردفان عبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بينما أعلنت ولايتي جنوب و غرب دارفور عن نفاذ مخزونهما الاستراتيجي من الغلال، ومنعتا ترحيل الحبوب إلى خارج الولاية لمنع حدوث مجاعة.
وحذر تقرير من حزب الأمة القومي من فشل موسم الزراعة الصيفي في مناطق الجزيرة والقضارف وسنار، ونقص التمويل والبذور المحسنة والأسمدة، مما يهدد بحدوث مجاعة.
توقف الزراعة وتوقع مجاعة
وتُهدد مجاعةٌ طاحنة السودان مع استمرار الحرب وتوقف الزراعة في القطاعين المطري والمروي، وفقًا لتحذيرات الخبير الزراعي أيمن دفع الله.
وأوضح دفع الله أن سيطرة قوات الدعم السريع على ولاية الجزيرة، التي تضم أكبر مشروع مروي في البلاد، أدت إلى تجميد نشاط كبريات الشركات الزراعية، مما يهدد بانهيار الإنتاج الزراعي.
وتُعاني الزراعة في السودان من مشكلات متراكمة، مثل إعسار ومديونيات ضخمة على البنوك في القطاع المطري، الأمر الذي أدى إلى خروج شريحة مقدرة من دائرة الإنتاج وتدني المخزون الاستراتيجي للحبوب.
وتشمل العوامل المُعيقة الأخرى توقف عمل شركات كبرى تستورد مدخلات الإنتاج من آليات وتقانات حديثة وبذور محسنة ومبيدات وتدمير البنية التحتية ونقص الموارد المائية والوقود بالاضافة إلى تشتت سكان الريف.
وحذر دفع الله من أن هذه العوامل ستسبب في تراجع الإنتاج الزراعي وتزيد من فقر السكان الريفيين وبالتالي اعتمادهم على المساعدات الإنسانية.
ودعا الحكومة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمنع حدوث مجاعة، مثل إيقاف الرسوم والضرائب على المحاصيل وشراءها لصالح المخزون الاستراتيجي وتمويل مزارعي القطاع المطري وجدولة مديونيتهم لأطول فترة ممكنة.
وتُشير التقديرات إلى أن نحو 80% من القوة العاملة في السودان يعملون في قطاع الزراعة والرعي، الذي يساهم بـ 32.7% من إجمالي الناتج المحلي.
وتوقع صندوق النقد الدولي انكماش الاقتصاد السوداني بنسبة 18.3% بسبب الحرب، التي دمرت القاعدة الصناعية وأوقفت النشاط الاقتصادي بما في ذلك الخدمات التجارية والمالية وتآكل قدرة الدولة.