أخبار السياسة المحلية

العلاقات الإيرانية السودانية.. تحليق على أجنحة المسيرات؟

الخرطوم – صقر الجديان

أنهى السودان قطيعة استمرت 8 سنوات مع إيران، فيما تستعر المعارك في عموم البلاد، ما يثير أسئلة بشأن التوقيت.

وغادرت الحكومة السودانية الخرطوم التي تشهد معارك عنيفة بين الجيش وقوات الدعم السريع، وتمارس نشاطها من شرق البلاد.

وأمس الأحد، تسلم رئيس مجلس السيادة السوداني قائد الجيش عبدالفتاح البرهان أوراق اعتماد السفير الإيراني والمفوض فوق العادة لبلاده حسن شاه حسيني، كما كان في وداع السودان إلى إيران عبدالعزيز حسن صالح، الذي غادر البلاد في طريقه إلى طهران.

وقال المحلل السياسي عطاف مختار، رئيس تحرير صحيفة “السوداني”، إن الحكومة السودانية تعتقد أن لا مخرج لها من الأزمة الراهنة إلا بالاتجاه شرقا وبناء علاقات وثيقة مع ذلك المعسكر، بعد أن شعرت أن الغرب أدار لها ظهره أو على الأقل بقي على الحياد”.

“للشرق در”

وأشار مختار إلى أن الحكومة السودانية في حاجة إلى قوة اقتصادية وعسكرية تدعمها فيما تخوض معاركها مع قوات الدعم السريع، ورأينا التقارير الغربية التي أكدت أن المسيرات الإيرانية أصبحت تحلق في المعارك الحالية، وربما يفسر هذا التقدم الذي أحرزه الجيش مؤخرا”.

والشهر الماضي كانت تقارير إعلامية غربية أفادت، نقلاً عن عدد من المسؤولين الغريبين، بأن إيران زوّدت الجيش السوداني بشحنات من طائرات دون طيار من نوع “مهاجر 6″، وهي مسيرة ذات محرك تم تصنيعها في إيران وتحمل “ذخائر موجهة”.

وبعد سلسلة من الخسائر التي مني بها الجيش في معاركه أمام الدعم السريع بدأ في تحقيق بعض التقدم في المواجهة التي اندلعت في منتصف أبريل/نيسان من العام الماضي.

وقال وكيل وزارة الخارجية السوداني السفير حسن الأمين، في تصريحات إعلامية، اطلعت عليها “العين الإخبارية”، إن تقديم السفير الإيراني أوراق اعتماده يعد إيذانا ببدء مرحلة جديدة في مسيرة العلاقات الثنائية بين البلدين.

من جانبه قال السفير الإيراني، في تصريحات إعلامية أيضا، إن تقديم أوراق اعتماده يأتي في إطار التوافق المشترك بين البلدين بشأن تبادل السفراء وترقية العلاقات الثنائية، وأكد السفير أنه سيبذل قصارى جهده من أجل تعزيز علاقات التعاون ين السودان وإيران.

وفي يناير/كانون الثاني 2016، قطع نظام الرئيس السوداني المعزول عمر البشير علاقاته الدبلوماسية مع إيران، ردا على اقتحام محتجين سفارة السعودية في طهران وقنصليتها بمدينة مشهد (شرق).

وأعرب مختار عن اعتقاده بأن “الدولة لها رؤيتها ومن حقها بناء العلاقات الدبلوماسية المُثلى وفق ما يخدم مصلحتها ومصلحة شعبها، وهو تقارب صحي يجب استثماره”.

إنها المصلحة

من جانبه، رأى رئيس تحرير صحيفة “اليوم التالي” الطاهر ساتي أن الأصل في العلاقات بين الدول هو ديمومتها بما يخدم المصالح المشتركة، لذلك نحن نعتبر أن القطيعة كانت استثناء”.

وأوضح ساتي، في حديثه لـ”العين الإخبارية”، أن السودان سبق وأعلن استئناف العلاقات الدبلوماسية مع إيران بعد عدد من الاتصالات بين البلدين في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، وما يحدث حاليا إجراءات لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه وتطوير التعاون بين الدولتين.

وأضاف أن “السودان في حاجة إلى كل دول العالم بما فيها إيران لإعمار ما دمرته الحرب والاستفادة من الخبرات والإمكانيات في كل المجالات”.

رد فعل

من جهته، رأى الكاتب والمحلل السياسي علي الدالي أن السودان اتجه إلى المعسكر الشرقي بعد الموقف الغربي من المعارك في البلاد.

وأوضح أن الحكومة السودانية أصابها اليأس من النداءات المتكررة للعواصم الغربية بشأن مخاطر تداعيات الحرب.

وأضاف الدالي، في حديثه لـ”العين الإخبارية”، “النداءات ربما لم تجد أذنا صاغية من المعسكر الغربي الذي وقف على الحياد من الفرقاء”.

كما أشار إلى أنه بعد عودة العلاقات بين طهران والرياض بوساطة صينية لم يعد للقطيعة مع الخرطوم موقع من الإعراب.

وتوقع أن تشهد العلاقات بين السودان وإيران تطورا كبيرا في المرحلة المقبلة، وربما ينضم السودان فعليا للمعسكر الشرقي.

تعقيدات

بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي الهضيبي يس إن إعادة العلاقات بين الخرطوم وطهران تطرح على الحكومة السودانية تحديا رئيسيا يتمثل في الطريقة التي سيعالج بها تحالفاته الإقليمية والدولية”.

وتساءل.. عما إذا كانت هذه الخطوة تحمل الطابع المؤقت أم أنها تحول جوهري في رؤية المصلحة الوطنية؟

وتابع “وجود سفير إيراني في السودان يعني قطعا الانتقال من مرحلة إلى أخرى، لكن السؤال المطروح.. ما المصلحة الاستراتيجية لطهران في السودان بخلاف موقعه على البحر الأحمر؟”.

وأشار أيضا إلى أن الحكومة السودانية تعول على إيران في مد يد العون العسكري من أجل ترجيح كفة الجيش ميدانيا على مستوى الحرب الدائرة.

وقبل قطع العلاقات بين الخرطوم وطهران كانت الأخيرة مصدرا للأسلحة منذ تسعينيات القرن الماضي، كما تضمنت العلاقات آنذاك اتفاقيات تعاون عسكرية ودفاعية بالإضافة إلى مشاريع مشتركة.

وفي يوليو/تموز 2023، التقى وزيرا خارجية السودان وإيران على هامش اجتماع وزراء خارجية دول “حركة عدم الانحياز” بالعاصمة الأذربيجانية باكو، وأعلن الوزيران حينها قرب تطبيع العلاقات بينهما.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى