عقبات قانونية تواجه اتفاق السلام في السودان… وتنافس على 3 مقاعد في السيادي
الخرطوم – صقر الجديان
يزور الخرطوم حالياً وفد الوساطة الجنوبية، برئاسة توت قلواك، مستشار الرئيس سلفاكير ميارديت للشؤون الأمنية، بغرض تسليم وثيقة السلام التي جرى توقيعها في جوبا بشكل رسمي لحكومة السودان. ويبدو أن الوثيقة تشهد تعثرا قانونيا لجهة إدماجها في الوثيقة الدستورية، حيت يرى خبراء قانونيون استحالة هذا الإجراء في ظل عدم تعيين المجلس التشريعي المناط به تعديل الوثيقة، فيما تقدمت وزارة العدل بمقترح توفيقي يمهد لذلك، وسط استعدادات لإجراء تعديلات في مجلسي السيادة والوزراء.
وقال ضيو مطوك، مقرر فريق الوساطة الجنوبية للسلام في السودان، في تصريح صحافي إن «الوفد جاء يحمل نص اتفاقية السلام التي وقعت في جوبا في الثالث من الشهر الجاري، لتسليمها إلى الحكومة السودانية وأطراف العملية السلمية بشكل رسمي تمهيدا للبدء في تطبيقها».
وأضاف أن «وفد الوساطة سيعقد لقاءات تشاورية مع رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان ورئيس الحكومة عبد الله حمدوك، بجانب المسؤولين في الدولة لبحث كيفية تنفيذ اتفاقية السلام وتضمين الاتفاقية في الوثيقة الدستورية تمهيداً لتكوين الحكومة الجديدة».
وأشار إلى أن «اللقاء الذي عقد في جوبا بين محمد حمدان دقلو النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الانتقالي رئيس الوفد الحكومي لمفاوضات السلام، وعبد العزيز آدم الحلو، رئيس الحركة الشعبية ـ شمال، واتفاقهما على عدد من الترتيبات بشأن التسريع بوتيرة استئناف المفاوضات بغية الوصول إلى السلام الشامل والاستقرار في البلاد».
وأوضح أن «زيارة وفد الوساطة إلى الخرطوم تهدف أيضاً إلى بحث ترتيبات بدء التفاوض بين الجانبين والإعداد لعقد ورشة عمل لمناقشة القضايا العالقة بين الحكومة والحركة الشعبية ومن ثم الانتقال إلى طاولة المفاوضات «.
وقال « نحن نحمل بشريات السلام للشعب السوداني الذي صبر طويلا».
مصدر قيادي في «الحرية والتغيير» قال لـ«القدس العربي»: «حسب اتفاق السلام خصص الأسبوع الأول لفتح الوثيقة الدستورية وتضمين اتفاق السلام بداخلها وإزالة أي تعارض بينهما، ليسود اتفاق السلام على أي بند آخر في الوثيقة، وهي العملية التي تواجه صعوبات قانونية الآن، لكننا قادرون على تجاوزها».
تعديلات
وأضاف، دون الكشف عن هويته «بعدها سيكون هناك تعديل في المجلس السيادي، بإضافة ثلاثة أعضاء جدد يتنافس عليها 4 من قيادات الجبهة الثورية، ومن الواضح أن مالك عقار رئيس الحركة الشعبية ضمن مقعده، لأنه الوحيد الذي يمثل النيل الأزرق، فيما يتنافس ثلاثة من أبناء دارفور من قادة الجبهة الثورية على المقعدين الأخرين، وهم جبريل إبراهيم، رئيس حركة العدل والمساواة، ومني أركو مناوي رئيس حركة تحرير السودان، والهادي إدريس رئيس حركة التحرير المجلس الانتقالي، لكن مع ذلك تظل كل الاحتمالات مفتوحة لتعيين أي من الأربعة».
وتابع: «لو دعت الضرورة ربما يجري تعديل في أعضاء مجلس السيادة من المدنيين أيضاً، وفي الأسبوع الثالث سيتم إعلان مجلس الوزراء الجديد الذي لحركات الكفاح المسلح 5 مقاعد فيه، ولكن سيكون هناك تعديل وزاري شامل وكبير وتفكيك بعض الوزارات لتحسين الخدمة المقدمة للجمهور، على أن يتم تعيين المجلس التشريعي في أو قبل 60 يوما من توقيع اتفاق السلام».
وزاد: «سيكون هناك تعديل في حكام الولايات الذين جرى تعيينهم مؤخراً، حيث سيتم تغيير 2 من ولاة دارفور بحكام من الثورية – مسار دارفور، ووالي النيل الأزرق من الحركة الشعبية، ووال في ولاية شرق السودان، في الغالب أن تكون كسلا التي تشهد قلاقل سياسية رفضا للوالي الذي جرى تعينه مؤخرا».
في السياق، رأى القيادي في الحزب الشيوعي، وعضو المجلس المركزي لـ«الحرية والتغيير» صديق يوسف، أن «الاتفاقية من الصعب أن ننقد بنودها الآن مع أنها تشير في بعض بنودها إلى اتجاه لتغيير الحاضنة السياسية الحالية، واستبدالها بأخرى، وإن مما نشر في (المصفوفة لتنفيذ الاتفاقية) يعبر عن أهم ما تم الاتفاق حوله ولذلك نناقش بصورة عامة».
وقال: «أولا المصفوفة فيها 46 بنداً، البنود من 2 إلى 11 زائداً البندين 44 و45 تتحدث عن وظائف للموقعين على الاتفاق في مجالس، السيادي والوزراء والتشريعي، وكل اللجان التي تم تكوينها منذ بداية الفترة الانتقالية، وفي إدارة ولاية الخرطوم وولايات الشمالية ونهر النيل والجزيرة وسنار والنيل الابيض وشمل كردفان وغرب كردفان و40٪ في ولايات دارفور الخمس بالإضافة لكل السلطة في المنطقتين، وهذا بخلاف ما نصت عليه اتفاقات المسارات في تخصيص نسب متفاوتة في الخدمة المدنية على أساس الإثنية والجهوية».
وزاد: «أيضاً بقاء الحركات المسلحة 40 شهرا قابلة للتمديد، بقاء الجيوش لما بعد الفترة الانتقالية في حين تنص الوثيقة الدستورية على حل جميع الميليشيات بما فيها الدعم السريع للوصول لجيش وطني واحد قبل نهاية الفترة الانتقالية، باختصار هذا موقف جديد يلغي الوثيقة الدستورية ويضع قوى الحرية والتغيير خارج العملية السياسية ويؤسس لشراكة جديدة طرفها الأساسي الحركات المسلحة وليس قوى الحرية والتغيير».
وأضاف: «هناك جانب قانوني حول من الذي يقر الاتفاقية. حسب نص الوثيقة الدستورية الحق فقط للمجلس التشريعي، البعض يرى ان اجتماع مجلسي الوزراء والسيادي يمنحهما الحق في اتخاذ القرار، وهذا خلاف في تفسير نص الوثيقة الدستورية التي هي اتفاق بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، وهما المعنيان بأي تعديل في الوثيقة، وإذا جاز هذا، لا بد من أن النص في حالة إجازة».
وزاد» إجازة الوثيقة التي تم التوقيع عليها في جوبا تحتاج لتعديلات أساسية فيها وخاصة أن هناك أطرافا من حاملي السلاح ليسوا جزءاً من اتفاق فصيلي الحلو وعبد الواحد».
تشكيل التشريعي
انطلاقا من كل ذلك، حذر عميد كلية القانون في جامعة الخرطوم، محمد عبد السلام، من أزمة دستورية وشيكة بسبب محاولات إدماج اتفاقية السلام في الوثيقة الدستورية قبل تشكيل المجلس التشريعي.
وقال: «لا يجوز إجراء أي تعديل في بنود الوثيقة الدستورية إلا بواسطة المجلس التشريعي الانتقالي بعد إجماع ثلثي أعضائه».
وأضاف: «الحديث حول تعديلها بمرسوم دستوري أو بواسطة مجلس الوزراء والسيادي في جلسة مشتركة غير جائز قانونا لأن الجلسة المشتركة بين السيادي والوزراء لها فقط حق التشريع وليس تعديل الوثيقة الدستورية لأن تعديلها من حق المجلس التشريعي الموقت».
وتابع «لا بد من الإسراع في تكوين المجلس التشريعي الانتقالي صاحب السلطة التشريعية وتعديل الدستور، واتفاق السلام الذي تم التوقيع عليه مؤخرا لن تكون له صفة دستورية إلا بتكوين برلمان يميزه».
وأشار إلى أن «اتفاق جوبا نص على أنه في حالة تناقض أحكام الاتفاق الخاص بالسلام مع أحكام الوثيقة الدستورية تسود أحكام الاتفاق، بينما الصحيح قانونا هو أن تسود أحكام الوثيقة الدستورية لأنها الدستور الحاكم».
ودعا إلى «إكمال مؤسسات الحكم الانتقالي من مجلس تشريعي ومحكمة دستورية ومفوضيات مختصة، حتى لا تدخل البلاد في أزمة قانونية ودستورية».
وكان، وزير العدل، نصر الدين عبد الباري، أعلن عن إعداد وزارة العدل مقترحا بتعديل على الوثيقة الدستورية يتم بموجبه إدراج اتفاق جوبا لسلام السودان فيها.
وقال في اجتماع موسع مع وفد حركات الكفاح المسلح الموقعة على اتفاق جوبا قبل أيام، «بعد تحقيق الركن الأول من أركان شعار ثورة ديسمبر ننتقل الآن إلى الركن الثاني، وهو تحقيق السلام، الذي سوف يبدأ تنفيذه وتحقيقه بتحويل الأحكام الواردة في اتفاقية جوبا لسلام السودان إلى أحكام دستورية».
وسارع ياسر عرمان نائب رئيس الحركة الشعبية – قطاع الشمال، إلى إبداء «حرصه على دراسة مقترح وزارة العدل بدقة وتقديم ملاحظاتهم إلى الوزارة في أقرب وقت احتراماً للمصفوفة الزمنية المتفق عليها والشروع في تحقيق وبناء السلام».
وحسب ما بين مصدر قيادي في وزارة العدل لـ«القدس العربي» «هناك رأيان قانونيان هنا في الخرطوم، لكن ليست هناك استحالة في إيجاد مخرج قانوني لأن النصوص القانونية دائما هي حمالة أوجه وقريبا ستنتهي هذه المعضلة ونشرع في تنفيذ الاتفاقية».