“هيرشبيلي” الصومالية.. انتخابات على وقع انقسام وشيك
مقديشو – صقر الجديان
مع اقتراب كل انتخابات في ولايات الصومال الخمس، تتزايد محاولات التدخل لقلبها لصالح تحقيق رغبات الرئيس محمد عبدالله فرماجو، لتنجح مرات وتفشل أخرى.
نظام فرماجو، الذي تحول الصومال في عهده لأشلاء، نجح في اختطاف انتخابات ولايتي جنوب غرب وغلمدغ، بعد أن وضع على رأسهما شخصيات موالية له في ديسمبر/كانون الأول 2018 وفبراير/شباط 2020 على التوالي عبر السلاح وإراقة الدماء.
لكن الرئيس الصومالي، الذي لا تتوانى قطر وتركيا عن دعمه، فشل في تكرار تلك التجربة المريرة مع ولايتي بونتلاند وجوبلاند في أغسطس/آب ويناير/كانون الثاني 2019 على التوالي، وهذه المرة يفعل عادته مع ولاية هيرشبيلي رغم تهديد ذلك وحدة كيانها.
هيرشبيلي.. أحدث الولايات
من بين الولايات الخمس في الصومال، تعد هيرشبيلي أحدثها على الإطلاق؛ حيث تأسست في 9 أكتوبر/تشرين الأول عام 2016 وعاصمتها مدينة جوهر في محافظة شبيلى الوسطى.
تتكون الولاية من محافظتين هما محافظة شبيلى الوسطى وهيران وسط البلاد، ومر عليها رئيسان لفترتها الرئاسية الأولى 4 سنوات.
ويشترك في تقاسم سلطاتها السياسية أكثر من 10 قبائل رئيسية قاطنة بالولاية.
وانتخب برلمان الولاية المحلي على عبدالله عسبلي كأول رئيس لـ”هيرشبيلي” في 17 أكتوبر/تشرين الأول من عام 2016 بعد تغلبه على منافسه محمد عبدي واري بـ61 صوتا مقابل 36.
وعلى إثر خلافات سياسية بين الرئيس السابق عسبلي والحكومة الفيدرالية بقيادة الرئيس فرماجو تمت الإطاحة به في 14 أغسطس/آب عام 2017 عبر البرلمان الصومالي.
وأجرت الولاية انتخابات رئاسية مبكرة لاتمام الفترة الرئاسية، وفي 16 من سبتمبر/أيلول 2017، فاز الرئيس الحالي المنتهية ولايته محمد عبدي واري في الانتخابات بـ75 صوتا مقابل 22 للمرشح المنافس طاهر عبدلي عوالي.
انتخابات تنذر بانقسام إداري
بعد أربع سنوات عجاف لم تنعم ولاية هيرشبيلي باستقرار أمني وسياسي واجتماعي، حيث عاشت أزمات عديدة من انعدام مظاهر التنمية وغياب المؤسسية تطرق أبواب الانقسام، إضافة إلى أزمة فيضانات نهر شبيلي المتكررة الذي يمر عبر المدن الرئيسية في الولاية، ويشرد الآلاف بشكل دوري في مدينتي بلدويني وجوهر واستمرار استهداف وزراء ونواب الولاية من قبل حركة الشباب .
وبعد اكتمال أولى الفترات الرئاسية والبرلمانية، تستعد الولاية لخوض ثاني استحقاق انتخابي من عمرها على مستوى البرلمان والرئاسة وتشهد بوادر نزاع عشائري حول سبل إجراء الانتخابات .
وتتمحور تلك النزاعات حول أحقية سياسيين من سكان محافظة شبيلي الوسطى التي تضم عاصمة الولاية جوهر الترشح لمنصب الرئيس الذي تعاقب عليه مسؤولان من هيرشبيلي كنوع من المحاصصة العشائرية.
وقد ينتج عن ذلك وفق النقاشات الجارية نشوء عدم توازن بين سكان المحافظتين بتقاسم السلطات السياسية في الولاية لو فاز في الانتخابات مسؤول ينتمي لسكان شبيلي الوسطى ما يجعل المعادلة السياسية تميل لصالحها.
على النقيض يرى السياسيون والعشائر الذين ينحدرون من شبيلي الوسطى أحقية جميع أبناء الولاية الترشح لأي منصب وأن النظام الإداري ليس وراثيا ملكيا ويجب التنافس على جميع المناصب بشكل ديمقراطي وفق ما ينص الدستور المحلي للولاية .
دعوات سياسية للانقسام
على وقع هذا الوضع المعقد وشعور السكان الذي ينحدرون من هيران بتجاهل مطلبهم الأساسي الذي يتمثل في تخصيص منصب رئيس الولاية لهم بمنطق أن شبيلى الوسطى تحتضن العاصمة، دعا الرئيس السابق للولاية علي عبد الله عسبلي، الجمعة، سكان إقليم هيران إلى تشكيل إدارة إقليمية خاصة بهم موازية لتلك التي تجري الاستعدادات لتشكيلها في العاصمة جوهر.
ووجه عسبلي حديثه إلى سكان محافظة هيران قائلا في منشور عبر فيسبوك: “أدعو أعيان محافظة هيران إلى إجراء انتخابات في مدينة بلدويني وانتخاب النواب والرئيس ونائب الرئيس”، مضيفا “لا صلاحية لأحد أن يحول دون ذلك.. عند قيامكم بكل ما اقترحت عليكم فسيقف الجميع لحظة واحدة وستصبح أصواتكم مسموعة من قبل الحكومة الفيدرالية والولايات الإقليمية والمجتمع الدولي”.
وفي 29 أغسطس/آب الماضي، عين رئيس ولاية هيرشبيلي المنتهية ولاية محمد عبدي واري مفوضية الانتخابات البرلمانية والرئاسية بولاية هيرشبيلي المكونة من 11 شخصا.
وأصدرت اللجنة في 6 أكتوبر/تشرين الأول الجاري جدول الانتخابات، الذي كان من المتوقع أن يبدأ في 8 من أكتوبر/تشرين الأول إلى 10 نوفمبر/تشرين الثاني على أمل أن ينخب أعضاء البرلمان وينتخبوا بدورهم رئيس الولاية.
ويرى متابعون أن الرئيس الصومالي محمد عبدالله فرماجو يدفع نائب الرئيس علي غود لاوي الذي أعلن ترشحه للانتخابات متعهدا له باختطافها لصالحه وهو ما أثار حفيظة سكان هيران والرئيس واري.