محللون فرنسيون يكشفون خسائر باريس من امتيازات قطر
باريس – صقر الجديان
محللون فرنسيون يطالبون إيمانويل ماكرون بإلغاء الامتيازات القطرية والإعفاءات الضريبية لاستثماراتها في فرنسا.
اعتبر محللون وخبراء فرنسيون أن الإعفاءات الضريبية لصالح قطر وامتيازات الدوحة في فرنسا تفاقم من أزمة باريس السياسية والاقتصادية، لا سيما في ظل الأزمات التي تمر بها البلاد.
وطالبوا -في تصريحات نقلتها ـ”العين الإخبارية”- الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بإلغاء هذه الامتيازات للتخلص من نفوذ تلك الإمارة المثيرة للجدل.
الكاتب الفرنسي إيمانويل رزافي، مؤلف كتاب “قطر حقائق محظورة” الذي يكشف الإرهاب القطري في أوروبا، قال في تصريحات خاصة لـ”العين الإخبارية”، إن “تمتع قطر بالامتيازات وإعفاءات ضريبية في فرنسا يفاقم من أزمتها السياسية أكثر من الاقتصادية”.
وأشار الكاتب الفرنسي إلى أن خطورة تلك الامتيازات تتمثل في رعاية قطر لتنظيم الإخوان والمؤسسات الإرهابية حول العالم، فضلا عن إطلاق الدوحة حملات مقاطعة للمنتجات الفرنسية التي كبدت باريس خسائر اقتصادية فادحة، متسائلاً: “كيف نكافئ قطر على رعايتها للإرهاب وللإخوان الذين يهددون ديمقراطيتنا وعلى دعوتهم لتدمير اقتصادنا”، وأن تلك الإعفاءات تكلف فرنسا خسائر تقدر بنحو 200 مليون يورو سنوياً.
وأوضح رزافي أن الدوحة تحصل على امتيازات بموجب معاهدة ضريبية بين فرنسا وقطر تم تعديلها في عام 2008 خلال رئاسة نيكولا ساركوزي، وتنص تلك المعاهدة على إعفاء القطريين من الضريبة على الأرباح من الدخل المكتسب في فرنسا، كما يتم إعفاؤهم أيضاً من الضرائب على الأرباح من المكاسب العقارية والسلع المشتراة في فرنسا.
إلى ذلك، قال رولاند لومباردي أستاذ التاريخ المتخصص في شؤون الشرق الأوسط والعالم العربي ، إن الامتيازات التي تُمنح لقطر لها تداعيات سلبية في المجال السياسي داخليا وخارجيا، موضحا أن لها آثارا كارثية دبلوماسياً لا سيما في منطقة الشرق الأوسط.
وأضاف أنه “في الوقت الذي أصبحت فيه جميع الدول العربية على دراية بالخطر الذي يمثله الإسلام السياسي وتنظيم الإخوان الإرهابي، ترحب قطر بهم وتمنحهم منصات إعلامية لنشر أفكارهم”، مشيراً إلى أن “قادتنا لا يدركون هذا الخطر الذي يهدد مستقبل فرنسا بإعطاء امتيازات لقطر التي ترعى تلك الأيديولوجيات”.
ودعا لومبادري الرئيس الفرنسي إلى مراجعة تلك المعاهدات لإلغاء هذه الامتيازات، مشيراً إلى أن “ماكرون لسوء الحظ لم يفعل شيئا حيال تلك التهديدات التي تشكلها قطر سياسياً واقتصادياً على البلاد”.
وكانت وسائل إعلام فرنسية نوهت بتلك المسألة، مستندة إلى وثائق وشهادات وكتابات أجراها صحفيون استقصائيون عن تورط الدوحة في صفقات قذرة بتقديم الرشاوى للسياسيين الفرنسيين، للحصول على هذه الامتيازات في فرنسا فضلا عن اتباع قطر حيلا غير شريفة لتقويض المنافسة الاقتصادية للدول الأخرى في فرنسا لصالحها بطرق غير شرعية.
من جهته، اعتبر برنو لامير المحلل الاقتصادي الفرنسي الباحث بمعهد الدفاع الوطني للدراسات العليا أن التأثير القطري على السياسة الفرنسية بات مبالغا فيه، حتى أصبح موضع جدل في الانتخابات الرئاسية، وأنه “على المستوى الاقتصادي فإن الدوحة غيرت استراتيجيتها لبسط نفوذها في الدول الفرانكفونية، وذلك بضخ أموال هائلة للاستثمار تتسبب فيما بعد بأزمات اقتصادية وسياسية لباريس”، بحسب ما نقلت صحيفة “لاتربيين” الفرنسية.كتاب الجمهورية الفرنسية لقطر
ومن بين الكتب الأكثر مبيعاً في العالم عام 2017 هناك كتاب يحمل عنوان “الجمهورية الفرنسية لقطر”، كشفت كاتبته بريني بونت عن النفوذ القطري في باريس، موضحة أن “الدوحة أنفقت عشرات ملايين اليوروهات خلال العقد الماضي، لتصبح وسيطا في الكواليس السياسية والاقتصادية الفرنسية”.
وخلصت بريني في نهاية كتابها بأنه “كيف لدولة مثقلة بديون قديمة أن تقيم علاقة مع دولة صغيرة غنية حديثة العهد مثل قطر، بالطبع عن طريق الهدايا المقدمة للسياسيين الفرنسيين.. مرحبا بكم في الجمهورية الفرنسية لقطر”.
من جانبها، أشارت إذاعة “آر تي إل” الفرنسية إلى أن رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم آل ثاني هو العقل المدبر وراء استراتيجية الاستثمار في قطر بفرنسا، موضحة أنه كان أيضا رئيسا لـ”هيئة الاستثمار القطرية” في باريس منذ تأسيسها في عام 2005 حتى عام 2013.
وأضافت الإذاعة أن “هيئة الاستثمارات القطرية في فرنسا التي تأسست في عهد الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك كانت المسؤولة عن تدفق المليارات القطرية داخل البلاد تحت اسم الاستثمارات، أبرزها الحصول على نادي باريس سان جيرمان لكرة القدم، وأيضاً أسهم في أكبر الشركات الفرنسية”.
ولفتت الإذاعة إلى أن القطريين حصلوا في المقابل على امتيازات فرنسية واسعة خاصة، في عهد الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، إذ شملت إعفاء من الضرائب المفروضة على أرباح الشركات القطرية للعقارات، وأثارت هذه الامتيازات موجه غضب واسعة في فرنسا، حتى ماكرون كان قد وعد خلال حملته الانتخابية بوضع حد لتلك الممارسات القطرية المثيرة للجدل.