الحرب في السودان: ما طبيعة الدعم التركي للبرهان وهل نتجه نحو تكرار السيناريو الليبي؟
بورتسودان | صقر الجديان
بين تزويد أنقرة للجيش السوداني بالمسيّرات ودعمها العسكري لقائده عبدالفتاح البرهان، أو حتى اللجوء إلى التدخل المباشر لحسم الحرب الدائرة هناك، تتوالى التساؤلات والتكهنات التي أعقبت خصوصاً تزويد تركيا للجيش السوداني بطائرات بيرقدار المسيرة. فهل سيتكرر السيناريو الليبي في السودان وما حقيقة وجود طلبيات وإبرام صفقة بين قيادات عسكرية من البلدين حول طائرات بيرقدار؟
أكدت مصادر عسكرية تقديم تركيا دعم عسكري للجيش السوداني أو حتى نواياها التدخل مباشرة في البلد الغارق في الحرب منذ 15 أبريل، بين الجيش وقوات الدعم السريع، مع ما يطرحه ذلك من هواجس من تكرار للسيناريو إقليمي.
وكشفت مصادر سودانية بأن تركيا استجابت لجميع مطالب البرهان بتزويد الجيش السوداني بطائرات مسيرة تمكنه من فرض سيطرته، وإحراز تقدم قد يُفضي إلى “إنهاء المعارك”، وقالت ذات المصادر إن “الجيش السوداني يريد أن يستفيد من فعالية الطائرات المسيرة التركية”.
وكانت تقارير إخبارية قد أثارت أيضاً مسألة تزود الجيش السوداني بطائرات بيرقدار المسيرة التركية، وقالت إن “الجيش السوداني قد تسلم دفعة ثانيه من طائرات بيرقدار التركية.. دخلت الخدمة العسكرية وظهرت في المعارك”.
وتريد أنقرة العمل في مسار عسكري أكثر منه سياسي، “ضد التوافق الدولي على استقرار السودان”. لذا تركز الموقف التركي إلى دعم عسكري بأسلحة نوعية مثل المسيرات وغيرها مرجح جداً “لأن الرؤية في الملف السوداني دوليا متبلورة من قبل اندلاع الحرب”.
منذ بداية الحرب في السودان “كانت هناك لقاءات بين ضباط من الجيش السوداني وبعض القيادات العسكرية في تركيا حول قضية المسيرات، وقد تم حينها التوصل إلى صفقة حول هذا الموضوع بين الطرفين”. لأن “العلاقات بين المؤسسة العسكرية السودانية وتركيا هي قديمة وكانت قائمة من قبل”.
طائرات مسيرة صينية وإيرانية في السودان
ميدانياً، لطالما أفادت عدة تقارير وشهود عيان عن رصد هجمات تشنها طائرات مسيرة سواء على مواقع وأهداف تابعة للجيش السوداني، أو تلك التابعة لقوات الدعم السريع، لكن لم تتضح الجهة التي تقف وراء تسليم طرفي النزاع مثل هذا النوع من الأسلحة.
ويرجح خبراء عسكريين بالنسبة إلى الأنباء المتداولة عن احتمال تدخل تركيا عسكرياً بشكل مباشر في السودان على غرار سيناريوهات إقليمية
تركيا تريد الانخراط عسكريا في السودان بل السلام
في نفس الشأن، رجح متخصصون أن أنقرة تنوي التدخل في السودان بشكل مباشر ردا على التقارير التي ألمحت إلى ذلك، وقالوا إن هذا “السيناريو مرجح”. وأكدوا أيضا أن تركيا ليست لديها “رغبة في الانخراط العسكري في الصراع السوداني لصالح الجيش، للسيطرة على ميناء عثمان دقنة وعلى مصالحها في البحر الأحمر”.
وحلل باحث أمني موقف تركيا بالإشارة إلى كون الظروف الإقليمية التي كانت قد دفعت أنقرة إلى الانخراط في الأزمة الليبية وصراعات أخرى في المنطقة، لا زالت تعد اليوم قائمة، مشيرا في هذا الشأن إلى أن تركيا اليوم باتت “أكثر ميلا للتدخل العسكري في سياساتها مع المنطقة العربية عموما”. كذلك، يرى نفس المصدر بأن الأتراك يريدون اليوم تصفية الحسابات مع القوى الفاعلة في المنطقة، معتبرا بأن “أولوية تركيا هي إعادة تمكين حكم الإخوان في السودان”.
تكلفة طائرات بيرقدار باهظة للجيش السوداني
هذا، وقد أثار محلل سياسي مسألة أخرى تتعلق بتكلفة الطائرات المسيرة التركية وطبيعة المسيرات التي فعلاً قد دخلت ساحة المعارك الدائرة في السودان. وهو يوضح في هذا الصدد بأن تركيا قامت بتسليم طائرات مسيرة من طراز بيرقدار للجيش السوداني، ولم يستبعد أن تكون أنقرة قد زودت الجيش السوداني أيضاً بطائرات مسيرة انتحارية أو طائرات استطلاع. مضيفا بأن تكلفتها الباهظة لم يحول دون حصول البرهان على تلك الطائرات.
وبالنسبة إلى مسألة التدخل العسكري المباشر لتركيا في السودان، يرى المحلل السياسي بأن تركيا تسعى إلى تحسين علاقاتها مع جماعة الإخوان، مؤكدا بأن تركيا لا تريد “طي صفحة الخلافات التي أثارها دعمها لحركة الإخوان المسلمين”.