صفقات في الظل.. هل تُباع أراضي مشروع الجزيرة بثمن الحرب؟
الجزيرة – صقر الجديان
كشف مزارعون بمشروع الجزيرة وخبراء قانونيون عما وصفوه بصفقة بين قيادة الجيش وحركة العدل والمساواة بشأن تخصيص جزء من المشروع وإدارته، مقابل مشاركة الحركة التي يقودها وزير المالية جبريل إبراهيم في القتال ضد الدعم السريع.
وعضد هؤلاء تلك الاتهامات بأن التعيينات في لجنة إعادة إعمار المشروع شملت عبد السلام الشامي وسفيان الباشا، عضوي الحركة، مما اعتبر جزءًا من صفقة السيطرة على أكبر مشروع ري في أفريقيا، ضمن أربعة ممثلين عن المزارعين، هم الطيب جودة وحافظ إبراهيم، اللذان أعلنا رفض اللجنة.
وأكد عدد من المزارعين الذين تحدثوا لـ«سودان تربيون» أن العضوين من حركة العدل والمساواة سبق أن مثلا المزارعين في لجان الإدارة وشركة الأقطان، وكانت عليهما ملاحظات عديدة من المزارعين.
ويرى المزارعون أن ضم عناصر من الحركة المسلحة بقيادة جبريل بمثابة كرة نار بدأ الأخير بدحرجتها في مشروع الجزيرة للسيطرة عليه بمساعدة مجلس السيادة.
حقائق الاتفاقية
وكشف جاد كريم علي، رئيس تحالف مزارعي الجزيرة والمناقل، عن توقيع اتفاقية مع شركة زبيدة، وليست مذكرة تفاهم كما نُقل سابقًا.
وأوضح أن التحالف استفسر من محافظ المشروع، فأكد توقيع مذكرة تفاهم، إلا أنه بعد أيام، اكتشف التحالف أن التوقيع تم على اتفاقية وليست مذكرة تفاهم.
وأكد كريم أن جبريل إبراهيم، رئيس حركة العدل والمساواة، كان وراء تعيين عبد السلام الشامي وسفيان الباشا في لجنة إعادة الإعمار.
كما اتهم جبريل وبعض أعضاء اللجنة وآخرين بالتدخل بشكل واسع في المشروع، مؤكدًا أن جبريل سعى إلى إحكام قبضته على جميع توجيهات الحكومة المتعلقة بمشروع الجزيرة خلال الفترة الماضية.
وذكر أن جبريل، بصفته الرسمية في الحكومة، يتصرف بتفويض واسع، لا سيما فيما يتعلق بسياسات المشروع.
وعزا هذه التدخلات إلى ما وصفه بمحاولات وزير المالية لتوطين مجموعات من دارفور في مشروع الجزيرة، وتحويله إلى هيئة، وإفقار إرادة المزارعين، مما يجعله هدفًا سهلاً ولقمة سائغة يسهل ابتلاعها.
وأضاف: “نقول لجبريل وللآخرين بكل وضوح إنه لا صلة له بمشروع الجزيرة “.
وأكد كريم أن مواطني ومزارعي مشروع الجزيرة لن يسمحوا بمنح أي جزء من المشروع أو اقتطاع جزء منه لصالح أحد، مشيرًا إلى أن توفير الأراضي السكنية مسؤولية الحكومة.
ورأى أن تدخلات وزير المالية جبريل إبراهيم في مشروع الجزيرة هي جزء من سياسات الحركات المسلحة، بعلم المسؤولين الحكوميين.
وأشار إلى أن بعض الأفراد – لم يحدد هويتهم – يقودون مشروعًا تخريبيًا ضد مشروع الجزيرة، ومعظمهم من الإسلاميين.
وأشار إلى أن هذه المجموعة تحاول استغلال ظروف الحرب لتمرير أجندة ضد المشروع ومحاولة ابتلاعه.
العداء المعروف
وقال ثلاثة مزارعين في المشروع » هم عبد الحميد أحمد – سليمان عبد الله – أحمد محمد عبد الله، إن العضوين في حركة العدل والمساواة لم يلعبا دورًا إيجابيًا تجاه المشروع أو المزارعين، وتم رفضهما من غالبية قواعد المزارعين.
وقرر مجلس الوزراء تشكيل لجنة لحصر الأضرار التي لحقت بالمشروع نتيجة التعديات والنهب من قوات الدعم السريع، وشكل وزير الزراعة وفقًا للقرار لجنة ضمت مجموعة من المسؤولين بالدولة وممثلين عن المزارعين.
ورغم أن حركة العدل والمساواة نفت تدخلها في تعيين أعضائها، إلا أن ذلك لم يكن مقنعًا لقواعد المزارعين، الذين يرون أن يكون التمثيل استشاريًا ومن عناصر شابة، خاصة أولئك الذين حملوا السلاح ودافعوا عن الجزيرة، بحسب المزارعين الثلاثة.
اتهامات خاطئة
ودافع المتحدث باسم الحركة، محمد زكريا، عن تمثيل منسوبي الحركة في لجنة إعادة الإعمار، ووصف هذه الاتهامات بالكيدية، معتبرًا أن مصدرها جهات وهمية لا وجود لها.
وأكد زكريا في بيان صدر الأسبوع الماضي أن الانتماء السياسي لا يسلب المواطن حقه في المشاركة في العمل العام وأشار الى أن من تم اختيارهم من قيادات الحركة بالإقليم الأوسط ضمن لجنة إعادة اعمار مشروع الجزيرة هم” مزارعون ومن ملاك الأراضي الزراعية في الجزيرة والمناقل” وسبق ان انتخبوا بشكل مباشر من المزارعين لقيادة تنظيم المزارعين في آخر انتخابات.
وتابع ” إسهاماتهم في خدمة الوطن والمواطن تؤهلهم لقيادة العمل العام، وهذا الاختيار تعبير عن حقهم كمواطنين سودانيين في المشاركة بعملية إعادة الاعمار وتحقيق التنمية المستدامة”.
ويتحدث مزارعون عن أن قيادة الجيش منحت الحركة حقوقًا مقابل قتالها معها، حيث قوبلت تدخلاتها السابقة في السيطرة على الميناء الرئيسي بورتسودان بالرفض والإغلاق، مما أجبر قيادة الجيش على منعها من التدخل هناك، ومنحها فرصًا أخرى في مشروع الجزيرة.
نوايا خفية
وفي منشور على صفحته في فيسبوك، شكك الناشط بولاية الجزيرة خالد حمد السيد في نية رئيس حركة العدل والمساواة تنظيم قوافل عودة طوعية لمواطني ولاية الجزيرة.
ورأى أن المبادرة كانت لتكون مقبولة لو لم يكن زعيم الحركة يشغل منصبًا سياسيًا وليس مسؤولًا عن إعادة المواطنين إلى ديارهم.
ويعتقد أن المبادرة يقودها رئيس الحركة وتمولها وزارة المالية، في محاولة لاستغلالها لصالح الحركة للحصول على نقاط سياسية ومكانة مرموقة ورصيد سياسي.
واعتبر تشكيل لجنة إعمار مشروع الجزيرة وإضافة أعضاء حركة العدل والمساواة انتهاكًا صارخًا لحقوق أصحاب المصلحة الحقيقيين واستبدالهم بآخرين لا علاقة لهم بالقضية سوى أنهم أصحاب حظوة “لدى السلطان”، كما ذكر في منشوره.
الرشوة السياسية
ويؤكد المحامي حاتم السنهوري أن محاولة الحكومة منح حركة العدل والمساواة حقًا في مشروع الجزيرة أو جزءًا من إدارته تأتي في إطار الرشوة السياسية.
وقال إن تلك الخطوات تعتبر مكافأة للأجنحة والفصائل التي تحارب مع الحركة الإسلامية وتنظيماتها بتمليك المشاريع أو المشاركة في إدارتها، مثل مشروع الجزيرة.
وأضاف: “هذه مسألة مفضوحة وواضحة، والكل يعلم بذلك، حيث صار هذا التنظيم يعلن عودته بشرعية الحرب ويمنح عناصره مواقع محددة، مثلما حدث في لجنة المشروع المعلنة مؤخرًا حيث تم ضم اثنين من الحركة”.
وتابع: “هذه السيناريوهات بدأت منذ انقلاب 25 أكتوبر 2021، حيث تم إجهاض كل محاولات ملاحقة وفتح بلاغات ضد الفاسدين في مشروع الجزيرة”.
وذكر أن ضم منسوبي حركة العدل والمساواة لتلك اللجان الخاصة بالمشروع “مؤامرة” تستدعي قيادة حملة واسعة لفضحها وإيقافها، نظرًا لأنها تهدف إلى محاولة تمليك تلك الحركات للمشروع عبر إدارته.