صور غير مسبوقة للغلاف الجوي الشمسي يلتقطها تلسكوب ناسا على متن محطة الفضاء الدولية
وكالات – صقر الجديان
كشفت وكالة ناسا النقاب عن أولى الصور الملتقطة بواسطة التلسكوب الشمسي المصغر “كوديكس” (CODEX) المثبت على محطة الفضاء الدولية، والتي تقدم رؤى غير مسبوقة للغلاف الجوي الخارجي للشمس.
وهذا الإنجاز العلمي البارز يمثل نقلة نوعية في فهمنا للظواهر الشمسية المعقدة، حيث التقط التلسكوب صورا عالية الدقة تكشف عن تغيرات دقيقة في هالة الشمس لم يسبق رصدها من قبل.
ويعمل التلسكوب الذي يشبه في تصميمه الكاميرا الفلكية بتقنية الكوروناغراف، حيث يحجب الضوء الساطع لسطح الشمس باستخدام قرص بحجم كرة التنس، ما يمكن العلماء من دراسة الهالة الشمسية بتفاصيل دقيقة تشبه تلك التي نراها أثناء كسوف الشمس الكلي على الأرض.
وقد تم تثبيت هذا الجهاز المتطور على الهيكل الخارجي للمحطة الفضائية في نوفمبر 2024 باستخدام الذراع الآلية “كانادارم2″، بعد وصوله على متن مركبة الشحن “دراغون” التابعة لـ”سبيس إكس”.
وتكمن الأهمية العلمية لهذا المشروع في قدرته الفريدة على قياس كل من درجة الحرارة وسرعة الرياح الشمسية، وهي الجسيمات المشحونة التي تتدفق باستمرار من الشمس.
ويقول الدكتور جيفري نيومارك، العالم الرئيسي للمشروع في مركز غودارد لرحلات الفضاء التابع لناسا: “لأول مرة في التاريخ أصبح لدينا القدرة على رصد هذه التفاصيل الدقيقة للغاية في الهالة الشمسية، وهو ما سيفتح آفاقا جديدة في فيزياء الشمس”.
وتمكن التلسكوب من رصد ظواهر مذهلة تشمل التقلبات الحرارية في الطبقات الخارجية للهالة الشمسية، بالإضافة إلى الأشرطة الإكليلية العملاقة التي تمتد لملايين الكيلومترات في الفضاء.
وهذه الملاحظات الدقيقة ستساعد العلماء على فهم أفضل للآليات التي تدفع الرياح الشمسية وتسخنها إلى درجات حرارة مذهلة تصل إلى مليون درجة مئوية، وهي أعلى بنحو 175 مرة من حرارة سطح الشمس نفسه.
ويأتي هذا التوقيت المثالي للبعثة مع دخول الشمس مرحلة الذروة في دورتها التي تستمر 11 عاما، حيث تشهد هذه الفترة زيادة ملحوظة في النشاط المغناطيسي والانفجارات الشمسية.
وقد سجلت الأرض مؤخرا عدة عواصف مغناطيسية قوية ناتجة عن هذا النشاط المتزايد، ما يبرز الأهمية العملية لهذه الأبحاث في تحسين القدرة على التنبؤ بالطقس الفضائي وحماية البنية التحتية التكنولوجية الحساسة على الأرض.
ويعتقد العلماء أن البيانات التي سيوفرها “كوديكس” ستلعب دورا محوريا في حل بعض من أكبر الألغاز التي تحيط بفيزياء الشمس، خاصة فيما يتعلق بسلوك الرياح الشمسية وتفاعلاتها المعقدة مع المجال المغناطيسي الشمسي.
كما ستمهد هذه الأبحاث الطريق لتطوير أنظمة إنذار مبكر أكثر دقة للعواصف الشمسية الخطيرة التي يمكن أن تؤثر على الأقمار الصناعية وشبكات الطاقة والاتصالات على الأرض.