تيار النهضة.. حيلة لـ”إحياء الإخوان” بالسودان
الخرطوم – صقر الجديان
ظلت جماعة الإخوان الإرهابية بالسودان، منذ عزلها عن الحكم، في حالة تخبط مستمرة تجلت في محاولاتها اليائسة للعودة للمشهد بواجهات جديدة.
مطلع الأسبوع الجاري، برز ما يسمى “تيار النهضة” كمولود مشوه للحركة الإسلامية السياسية، ضمن مساعٍ جديدة لتسويق هذا التنظيم في الشارع السوداني، بعد فشل جميع اللافتات والواجهات السابقة.
ولم يعر السودانيون اهتماما لهذا التيار الذي أعلنه فلول الإخوان يوم السبت الماضي، بينما قطع خبراء بأنه سيواجه مصير الفشل الحتمي وسيتم لفظه مثلما حدث مع الجماعة الإرهابية الأم.
خبراء سودانيون أكدوا بدورهم أن تيار النهضة ولد ميتا ومفضوحا للشارع، فضلا عن أن التاريخ الأسود للإخوان سيحرمها من تسويق نفسها مجددا في البلاد مهما استخدمت من أساليب وحيل.
خطة العودة
بحسب معلومات حصلت عليها “العين الإخبارية”، جاء الإعلان عن تيار النهضة بتخطيط من القيادي الإخواني أمين حسن عمر، ويضم عناصر الصف الثالث للتنظيم وقطاع الطلاب بالحركة الإسلامية السياسية، وهم شخصيات غير معروفة للسودانيين.
وتتلخص فكرة التيار الجديد، وفق المصادر في العودة إلى منصة تأسيس جماعة الإخوان السودانية، بأن يتم التركيز على التغلغل وسط المجتمع وقيادة عمل فكري ودعوي مزعوم، والابتعاد عن النشاط السياسي بقدر الإمكان حتى يتمكنوا من تسويق تنظيمهم مجددا.
وتضمنت تصريحات لأمين حسن عمر وهو قيادي بارز بنظام عمر البشير، اعترافات فضحت نوايا التيار الجديد وخلفيته الإخوانية، عندما أشار إلى أن “النهضة” سيتبنى معالجات فكرية لقضايا السياسة والاقتصاد والمجتمع، وهي ذات الخطة التي ولجت عبرها الحركة الإسلامية السياسية في السابق.
وأشارت المصادر أيضا إلى أن تيار النهضة يضم القيادي الإخواني محمد المجذوب، وهو من عناصر الحركة الإسلامية الذين تم توظيفهم خلال العقود الماضية للعمل وسط المجتمعات لبث فكر الجماعة، عبر واجه تسمى “الإحياء والتجديد” والتي كانت تتخذ من دار حزب حسن الترابي مقرا لأنشطتها.
ويسعى التنظيم الدولي للإخوان إلى استقطاب بعض قيادات السلف ذوي الميول الإخوانية من بينهم التكفيري مزمل فقيري من أجل خداع الشارع بشأن حقيقة هوية التيار الجديد.
وتتضمن خطة الإخوان لتسويق واجهتهم الجديدة، وفق ذات المصادر، تبني خطاب ناقد لقيادات التنظيم من الصف الأول وضرورة محاسبتهم، والإقرار بأنهم فاسدون وشوهوا صورة الحركة الإسلامية، لإكمال مسلسل الخدعة.
ألاعيب مكشوفة
الخبير السوداني عطاف محمد مختار أكد أن تيار النهضة يعد أحد ألاعيب جماعة الإخوان ومحاولاتها للالتفاف، ولكن الشارع السوداني بوعيه لن تمر عليه مثل هذه الحيل مجددا.
وقال مختار خلال حديثه “للعين الإخبارية”، إن “السودانيين خلعوا المدغة الإخوانية وألقوا بهذا التنظيم إلى مذبلة التاريخ وإلى الأبد، ولن يتمكن من العودة تحت أي شعار جديد”.
وأضاف: “الإخوان عليهم أن يتطهروا أولا من دم الشعب السوداني والانتهاكات التي ارتكبوها خلال 3 عقود ماضية وهي كثير يصعب حصرها، قبل التفكير في العودة إلى المشهد مجددا لكنهم مكابرون ولن يفعلوا ذلك”.
وشدد على أن “هذا التيار سيكون مصيره كسابقيه فقد استخدم الإخوان كثيرا من الواجهات منذ عزلهم، ولكن فضحتهم فطنة ووعي السودانيين”.
أما المحلل السياسي علي الدالي فيشير إلى أن جماعة الإخوان اعتادت تغيير جلدها في كل مرحلة والتخفي خلف واجهات جديدة، ولكن هذه المرة يحرمها تاريخها الأسود الذي صاحب حكمها للسودان، من تسويق نفسها مجددا في المشهد.
وقال الدالي إن إخوان السودان الذين برزوا في أربعينيات القرن الماضي، تحولوا إلى مسميات مختلفة من جبهة الدستور، وجبهة الميثاق، والجبهة الإسلامية، والحركة الإسلامية وصولا للمؤتمر الوطني والشعبي، ولكن في كل مرة يفضحهم الاسم، حتى تيار النهضة لم يستطيع الخروج من هذه العباءة.
وتابع: “إذا كانت الظروف قد خدمت الإخوان وحملتهم للسلطة على ظهر دبابة (انقلاب عسكري)، دون أي سند أو تأييد شعبي، فإن تجربتهم في الحكم بقبضة السلاح ضاعفت حالة الكراهية في نفوس السودانيين تجاههم، ما يمنعهم من العودة”.
ومضى في حديثه: “هذا التيار ولد ميتا ولم يحظ بأي اهتمام، وسيكون مصيرة الفشل، مثل الزحف الأخضر والحراك الشعبي الموحد وغيرها من الحيل”.
فيما اعتبر المحلل السياسي أحمد حمدان، أن تيار النهضة بمثابة “فرفرة مذبوح” تعكس مدى تخبط وتوهان جماعة الإخوان الإرهابية منذ سقوطها عن الحكم بثورة شعبية”.
وقال حمدان إن “جماعة الإخوان لها تاريخ سيئ ولن تعود إلى المشهد خلال المدى القريب وعليهم الاقتناع بهذه الحقيقة، فالشعب قد لفظهم ولن يطرحهم كبديل مستقبلا”.
وأضاف: “الإخواني أمين حسن عمر يحاول التذاكي بطرح تيار فكري للعمل وسط المجتمعات، ولكن خطته بات مفضوحة ولن تجد أي قبول سياسي أو مجتمعي”.
يذكر أنه تم عزل الإخوان في السودان بثورة شعبية في أبريل/نيسان 2019، وتمضي السلطة الانتقالية حاليا في تفكيك هذه الجماعة وتجفيف مصادر تمويلها، استجابة لرغبة وتطلعات السودانيين.