أفادت مصادر سياسية رفيعة في الحكومة السودانية أن السلطات المصرية تدخلت خلال الأشهر الماضية لمحاولة احتواء التصعيد الإعلامي الذي تبناه عضو مجلس السيادة ومساعد قائد الجيش السوداني، الفريق ياسر العطا، ضد دولة الإمارات العربية المتحدة، وسط توتر متزايد بين الخرطوم وأبو ظبي على خلفية الاتهامات المتبادلة بدعم أطراف النزاع في السودان.
وبحسب مصدر مطلع على دوائر اتخاذ القرار في الخرطوم، فقد استضافت العاصمة المصرية القاهرة اجتماعا سريا في مايو الماضي، ضم مسؤولين من جهاز المخابرات العامة المصري إلى جانب الفريق ياسر العطا، وبحضور قيادات ليبية من شرق ليبيا الخاضع لسيطرة قوات المشير خليفة حفتر.
وتركزت المناقشات في الاجتماع، بحسب المصدر، على ضرورة وقف التصعيد الإعلامي تجاه الإمارات، والتأكيد على أهمية اللجوء إلى القنوات الدبلوماسية بدلا من التصريحات العلنية التي تساهم في تعميق الأزمة بين البلدين.
وأوضح المصدر أن الجانب المصري نقل رسالة مباشرة للعطا بضرورة إنهاء الخطاب الهجومي تجاه أبو ظبي. لكنه رفض الكشف عن رد فعل العطا خلال الاجتماع، أو ما إذا كان قد أبدى تجاوبا مع المطالب التي طرحت عليه.
أزمة دبلوماسية متصاعدة بين الخرطوم وأبو ظبي
وتأتي هذه التطورات في سياق توتر دبلوماسي متصاعد بين السودان والإمارات، بدأ بعد اتهامات وجهتها الخرطوم رسميا إلى أبو ظبي بدعم قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”، ما دفع مجلس الدفاع السوداني إلى اتخاذ قرار بقطع العلاقات مع الإمارات في مايو الماضي.
وردت الإمارات لاحقا بإجراءات تصعيدية شملت تعليق جميع الرحلات الجوية والبحرية القادمة من السودان، ووقف حركة التجارة بين البلدين، في خطوة فهمت على أنها رد مباشر على الاتهامات السودانية.
ضغوط داخلية وخارجية على العطا
مصدر سياسي سوداني ثان أكد صحة ما جرى في اجتماع القاهرة، مشيرا إلى أن القيادة العليا في الخرطوم غير راضية عن الخطاب التصعيدي الذي يتبناه العطا، وأن هناك ضغوطا داخلية ودولية متزايدة لحثه على التراجع والتهدئة.
وأضاف أن “العطا قد يجد نفسه مضطرا لتغيير نبرته في المرحلة المقبلة، لا سيما مع دخول وساطات إقليمية تهدف إلى احتواء الخلافات بين السودان وبعض الدول الفاعلة في المنطقة”.
منذ اندلاع الحرب في السودان، دأب الفريق ياسر العطا على إطلاق تصريحات شديدة اللهجة ضد الإمارات، متهما قيادتها بـ”زعزعة استقرار السودان ودعم تمرد مسلح ضد الدولة”.
وامتدت دائرة خطاب العطا إلى دول أخرى في الإقليم، بينها كينيا وتشاد، حيث لوح باستخدام القوة الجوية ضد مطاري إنجمينا وأم جرس، في تصعيد أثار قلقا إقليميا واسعا بشأن مستقبل الاستقرار في منطقة الساحل والقرن الأفريقي.
