علماء يحذرون من أن الإنسانية تتجه نحو “مستقبل مروّع” لا تدركه!
بعد عقود من التقاعس بشأن تدهور التنوع البيولوجي وتغير المناخ والتلوث، تقف الحضارة على حافة “مستقبل مروع” قللت من شأنه بشكل خطير، وفقا لفريق دولي من الخبراء العلميين.
وأوضح الباحثون بقيادة عالم البيئة العالمي كوري برادشو، من جامعة “فليندرز” في أستراليا، في ورقتهم البحثية: “إن حجم التهديدات التي يتعرض لها المحيط الحيوي وجميع أشكال حياته – بما في ذلك البشرية – هو في الحقيقة من الضخامة، بحيث يصعب فهمه حتى بالنسبة للخبراء المطلعين. ويجد التيار السائد صعوبة في إدراك حجم هذه الخسارة، على الرغم من التآكل المستمر لنسيج الحضارة الإنسانية”.
وبينما يعرف المعدّون جيدا أن تقييماتهم ستُرفض، ويُسخر منها في العديد من الأوساط، فإن المعرفة لا تحرمهم – أو المجتمع العلمي الذي يمثلونه – من مسؤولية مشاركة الأخبار.
وكتب الباحثون في مقال عبر The Conversation: “قد لا تكون رسالتنا شائعة، بل هي مخيفة بالفعل. لكن يجب أن يكون العلماء صريحين ودقيقين إذا كان للبشرية أن تفهم ضخامة التحديات التي نواجهها”.
وشمل بحث الفريق، مراجعة أكثر من 150 دراسة حول جوانب مختلفة من تدهور حالة العالم الطبيعي، ويوضح أن المشاكل المركزية التي نواجهها هي الأنظمة الاقتصادية والسياسية التي تتمحور حول الاستهلاك البشري غير المستدام والنمو السكاني على حساب كل شيء آخر.
ويمكن إرجاع جذور فقدان التنوع البيولوجي إلى ما يقرب من 11000 عام منذ بداية الزراعة، ولكن المشكلة تسارعت بشكل كبير في القرون الأخيرة بسبب الضغوط المتزايدة باستمرار على النظم البيئية الطبيعية، لدرجة أن حقيقة الانقراض الرئيسي السادس لا يمكن إنكاره علميا.
وفي الوقت نفسه، يستمر عدد سكان العالم في النمو، بعد أن تضاعف منذ عام 1970، مع تقديرات تشير إلى ذروة تعداد السكان بنحو 10 مليارات بحلول نهاية القرن.
وفي المقابل، من المتوقع أن تؤدي هذه البصمة البشرية المتزايدة باستمرار إلى تسريع وتفاقم انعدام الأمن الغذائي الحالي وتدهور التربة وتدهور التنوع البيولوجي والتلوث وعدم المساواة الاجتماعية والنزاعات الإقليمية.
وكتب الباحثون: “هذا التجاوز البيئي الهائل يتم تمكينه إلى حد كبير من خلال الاستخدام المتزايد للوقود الأحفوري. وسمحت لنا هذه الأنواع المريحة من الوقود بفصل الطلب البشري عن التجديد البيولوجي: 85% من الطاقة التجارية، و65% من الألياف، ومعظم المواد البلاستيكية تُنتج الآن من الوقود الأحفوري”.
وعلى الرغم من كل هذا يعتبر معرفة علمية راسخة، إلا أن الحياة البشرية بالنسبة للجزء الرئيسي تستمر إلى حد كبير كما لو لم تكن كذلك، كما يقول الباحثون.
وكتب المعدّون أيضا : “إن وقف فقدان التنوع البيولوجي ليس قريبا من صدارة أولويات أي بلد، حيث يتخلف كثيرا عن المخاوف الأخرى مثل التوظيف أو الرعاية الصحية أو النمو الاقتصادي أو استقرار العملة. وحتى المنتدى الاقتصادي العالمي، يعترف الآن بفقدان التنوع البيولوجي باعتباره أحد التهديدات الرئيسية للاقتصاد العالمي”.
ويبدو أنه من الصعب على البشرية مواجهة تغير المناخ، الذي يمثل تهديدا أكثر وضوحا من فقدان التنوع البيولوجي، مع تركيزات غازات الاحتباس الحراري المتزايدة باستمرار، والفشل المستمر من قبل الدول في تقليل انبعاثاتها بشكل فعال أو تحديد أهداف مناخية فعالة.
وعلى المدى الطويل، يقول الباحثون إننا نتطلع إلى “مستقبل مروع من الانقراض الجماعي وتدهور الصحة واضطرابات المناخ (بما في ذلك الهجرات الجماعية التي تلوح في الأفق) والصراعات على الموارد”، إذا لم نتمكن من تغيير مسار المجتمع البشري في اتجاه يمنع الانقراض ويعيد النظم البيئية.
وعلى الرغم من القدرية الظاهرة لهذا التقييم المثير للقلق، يصر الباحثون على أن تقييمهم ليس دعوة للاستسلام، ولكن يبدو أن الإنسانية وقادتها بحاجة ماسة إلى الصحوة.
وخلص العلماء إلى أنه “في حين كانت هناك دعوات أكثر حداثة للمجتمع العلمي على وجه الخصوص ليكون أكثر صراحة بشأن تحذيراتهم للإنسانية، فإن هذه لم تكن تنذر بما يكفي لتلائم حجم الأزمة”، “لذلك، يتعين على الخبراء في أي تخصص يتعامل مع مستقبل المحيط الحيوي ورفاهية الإنسان، تجنب التحفظ، وتجنب تغطية التحديات الهائلة التي تنتظرنا، و”إخبارها كما هي”.