رسائل سياسية وخلفيات ملفتة في عزاء آخر رئيس وزراء في عهد البشير

بورتسودان – صقر الجديان
احتلت كلمات رئيس مجلس السيادة في حكومة الأمر الواقع الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، خلال عزاء محمد طاهر أيلا، آخر رئيس وزراء في نظام المخلوع عمر البشير، حيزًا واسعًا من الاهتمام، حيث بدا واضحًا أنه تعمد توجيه رسائل سياسية لبعض خصومه عبر الحديث عن أيلا ووطنيته.
تلميحات سياسية وراء التعزية
لم تخلُ كلمات البرهان من إشارات سياسية تحمل أكثر من معنى، ربما تعكس استمرار تأثير بعض الشخصيات المرتبطة بالنظام السابق في المشهد السياسي السوداني، وتسليط الضوء على الشبكات التي ما زالت تتحرك خلف الكواليس.
في الوقت نفسه، تشير التلميحات إلى أن بعض الشخصيات ستظل محورية رغم الإطاحة بها واتهامها بالفساد.
رجل البشير القوي
عرف أيلا بـ رجل البشير القوي وصانع المدن، وقد تعرض للملاحقة بعد سقوط النظام بتهم خيانة الأمانة والفساد المالي.
وكان المخلوع يدعمه عادة، ففي صراعه مع المجلس التشريعي وقيادات الحزب الحاكم في البحر الأحمر عام 2014، حاولت بعض الجهات عزله، إلا أن البشير أصدر مرسوماً حل بموجبه المجلس وفرض حالة الطوارئ لصالح أيلا.
حتى محاولات عزله لاحقًا فشلت، وأعلن البشير دعمه لبقائه حاكماً للولاية حتى انتخابات 2020.
مشاريع وإنجازات وانتقادات
على الرغم من لقبه بـ “صانع المدن” لنهضة مدينة بورتسودان خلال فترة ولايته، خاصة في مجالات الطرق والسياحة، واجهت بعض مشاريعه انتقادات حادة، فيما اعتبرها أنصاره مجرد أخطاء عمل، واعتبرها خصومه عيوباً جسيمة في الإدارة.
كما أسس أيلا فرقاً موازية موالية له في الوزارات لإدارة العمل بعيداً عن الرقابة، الأمر الذي دفع المجلس التشريعي إلى إسقاط قانون “صندوق إنفاذ التنمية” الذي قدمه.
تخرج أيلا من كلية الاقتصاد بجامعة الخرطوم وحصل على الماجستير من جامعة كارديف بالمملكة المتحدة، وعمل لعشر سنوات في مناصب وزارية اتحادية، ثم أصبح واليًا للبحر الأحمر (2005–2015)، ثم واليًا لولاية الجزيرة، وأخيرًا تم تعيينه رئيسًا للوزراء في 24 فبراير 2019 قبل أن تقطع احتجاجات ديسمبر طريق استمراره في السلطة.
العودة وسط أوامر قبض
في سبتمبر 2022، بعد انقلاب 25 أكتوبر، أعلن أيلا عودته من مصر إلى السودان، رغم صدور أوامر قبض بحقه من النيابة العامة للتحقيق معه في قضايا فساد مالي أثناء ولايته للبحر الأحمر.
وتزامن الإعلان مع تساؤلات حول عدم تنفيذ هذه الأوامر، دون أن يصدر رد رسمي مباشر من النيابة.
الوفاة وتداعياتها
نعت مصادر رسمية الاثنين الماضي في القاهرة وفاة محمد طاهر أيلا عن عمر ناهز 74 عامًا بعد معاناة طويلة مع المرض.
وشارك في التشييع قيادات بارزة من حزب المؤتمر الوطني المحلول، بينهم إبراهيم غندور وآخرون، في مدينة بورتسودان.