كارثة إنسانية بالفاشر.. انعدام الغذاء بعد إحكام قوات تأسيس الحصار على المدينة
حصار شامل تفرضه قوات تأسيس على الفاشر، مما يهدد 260 ألف مدني بمجاعة وسط غياب التحرك الدولي وإغلاق كافة منافذ المدينة.

الفاشر – صقر الجديان
كشف تجار بمدينة الفاشر في ولاية شمال دارفور، الثلاثاء، عن انعدام تام للسلع الغذائية بعد أن أكملت قوات تأسيس تطويق المدينة بالسواتر الترابية، مما أثار مخاوف من مجاعة وشيكة تهدد حياة عشرات الآلاف من المدنيين العالقين.
وكان مختبر الشؤون الإنسانية في جامعة ييل الأميركية قد نشر في وقت سابق صورًا التُقطت بالأقمار الصناعية تُظهر اكتمال الحاجز الترابي الذي أقامته قوات تأسيس حول الفاشر بطول يقارب 57 كيلومترًا، مع تعزيز نقاط السيطرة على مخارج المدينة.
وقال تجار داخل الفاشر إن السلع الغذائية نفدت تمامًا من الأسواق، بما في ذلك متاجر التجزئة الصغيرة، مؤكدين أن المطابخ الجماعية توقفت عن العمل بسبب نفاد الإمدادات.
وأفادت مصادر ميدانية بأن قوات تأسيس كثّفت قصفها على حي الدرجة الأولى — أحد آخر الأحياء المأهولة بالمدنيين — بعد تحقيقها تقدمًا ميدانيًا كبيرًا منذ أغسطس الماضي.
كما نفذت حملات مداهمة وحرق للمنازل في المناطق التي سيطرت عليها مؤخرًا، ترافقت مع انتهاكات جسيمة شملت الإعدامات الميدانية والاعتداءات والابتزاز.
وأوضحت مصادر عسكرية أن اكتمال تشييد السواتر الترابية حول المدينة أدى إلى وقف عمليات تهريب السلع التي كانت تتم عبر ممرات ضيقة، حيث شُيّد خندق بطول أكثر من 15 كيلومترًا جنوب غرب الفاشر ليُحكم الطوق البري بشكل كامل.
وأضافت المصادر أن مجموعات تجارية — بعضها تضم عناصر من قوات تأسيس — كانت تُهرّب السلع الغذائية سابقًا إلى داخل المدينة بأسعار باهظة، لا سيما سلعة الأرز، قبل أن يتوقف ذلك تمامًا بعد إغلاق الممرات الترابية.
كما أكدت أن قوات تأسيس استخدمت آليات حفر ثقيلة في بناء السواتر والخنادق بغرض تشديد الحصار البري المفروض على الفاشر منذ أبريل 2024.
وفي السياق، أعلنت تنسيقية لجان المقاومة في الفاشر عن نفاد كامل للمواد الغذائية بما في ذلك “الأمباز” — بقايا الفول السوداني والسمسم بعد استخراج الزيت — والذي اضطر السكان لاستخدامه كمصدر بديل للغذاء رغم أنه يُستخدم عادة علفًا للحيوانات.
ووفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، يبلغ عدد العالقين داخل المدينة نحو 260 ألف شخص، بينهم 130 ألف طفل، يعتمدون على بقايا الغذاء المتوفر من أجل البقاء.
وقالت التنسيقية في بيان: “الوقت يمضي، والجوع يزداد، والموت يحصد الأرواح. أصبحنا لا نحسب عدد الاشتباكات أو الجرائم، فقد تجاوزنا مرحلة الشكوى إلى مرحلة الفناء البطيء.”
وأضافت: “نستغيث ولا يجيبنا أحد. نرى مدينتنا تُمحى أمام أعيننا، ونموت ونحن نقاوم، لأننا ببساطة لا نملك سوى المقاومة وموتًا جماعيًا.”
يُذكر أن قوات تأسيس تسعى منذ 11 مايو 2024 للسيطرة على مدينة الفاشر، التي تُعد آخر معاقل الجيش السوداني وحلفائه في إقليم دارفور.