أخبار السياسة المحلية

“تكشير أنياب”.. تفاعل واسع مع “الخطوط الحمراء” لمصر بالسودان

-"الحفاظ على وحدة السودان وسلامة أراضيه وعدم العبث بمقدراته وعدم إقامة كيانات موازية" خطوط حمراء حددتها الرئاسة المصرية

القاهرة – صقر الجديان

أثار إعلان الرئاسة المصرية، الخميس، “خطوطا حمراء” بشأن التطورات في السودان تفاعلا في البلاد، خاصة وأن تلك التحذيرات تطرح لأول مرة منذ بدء الحرب بين الجيش السوداني و”قوات تأسيس” قبل أكثر من عامين.

ورأى أكاديميون وإعلاميون مصريون أن إعلان القاهرة عن تلك الخطوط الحمراء “قوي اللهجة” وبمثابة “تكشير عن الأنياب”، وتلويح بالعمل العسكري إلى جانب الجيش السوداني.

وتزامن الإعلان مع زيارة رئيس مجلس السيادة بالسودان عبد الفتاح البرهان، إلى القاهرة، بدأها الخميس، وتستمر يوما واحدا، التقى خلالها الرئيس عبد الفتاح السيسي، وسط احتدام القتال في بلاده المتاخمة للحدود المصرية من الجنوب.

** الخطوط الحمراء

وفي وقت سابق الخميس، أعلنت الرئاسة المصرية، في بيان “خطوطا حمراء لا يمكن السماح بتجاوزها أو التهاون بشأنها، باعتبار ذلك يمس الأمن القومي المصري”.

الرئاسة أكدت أيضا حق مصر الكامل في اتخاذ “كافة التدابير والإجراءات اللازمة التي يكفلها القانون الدولي، والالتزام باتفاقية الدفاع المشترك مع السودان (الموقعة منذ 1976)، لضمان عدم المساس بهذه الخطوط الحمراء أو تجاوزها”.

وأكدت أن الحفاظ على وحدة السودان وسلامة أراضيه وعدم العبث بمقدراته ومقدرات الشعب السوداني “من أهم هذه الخطوط الحمراء” بما في ذلك عدم السماح بانفصال أي جزء من أراضي السودان.

كما جددت الرئاسة المصرية “رفضها القاطع لإنشاء أي كيانات موازية أو الاعتراف بها، باعتبار أن ذلك يمس وحدة السودان وسلامة أراضيه”.

وشددت على أن “الحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية ومنع المساس بهذه المؤسسات خط أحمر آخر لمصر”.

** تحذير مصري

من جانبه، تفاعل النائب مصطفى بكري، مع تحذيرات القاهرة، وقال في تدوينة عبر منصة شركة “إكس” الأمريكية: “مصر تشدد على أن الحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية ومنع المساس بها، خط أحمر آخر لمصر، وهذا موقف واضح ومحدد وجاد”.

وشدد بكري، على أن تحذير بلاده من عدم تجاوز الخطوط الحمراء يعني أنها “لن تسمح لأي قوى غير شرعية بالمساس بالمؤسسات السودانية، وفي مقدمتها المساس بمؤسسة الجيش، وأن أمن السودان هو امتداد للأمن القومي المصري”.

كما لفت إلى أن بلاده “لن تتخلى عن السودان، ولن تفرط في أمنه القومي”، مؤكدا أن “هذا ما أبلغه الرئيس السيسي للفريق البرهان خلال لقائه به”.

**موقف غير مسبوق

بدوره، قال الإعلامي أحمد موسى، في تدوينة عبر المنصة ذاتها، إن هذه الخطوط بالنسبة للوضع في السوداني تعلن للمرة الأولى.

وأضاف موسى، أن “البيان الذى صدر عن مصر يحدد المسار القادم للأزمة السودانية، وللمرة الأولى تضع مصر 3 خطوط حمراء في السودان لن تتهاون فيها، ولن تسمح بتجاوزها لأنها تمس الأمن القومي المصري والمرتبط بشكل وثيق بأمن السودان”.

واعتبر “هذه الرسائل تشير بوضوح إلى التصدي لمحاولات إشعال الموقف داخل السودان، فمصر تريد وقف الحرب، وتدعم كافة الجهود التي تبذل لحقن دماء الشعب السوداني الشقيق، لكنها لن تسمح أبدا بتفتيت السودان أو إقامة كيانات موازية، لأن هذا يمس الأمن القومي المصري”.

**لهجة قوية

الكاتب خالد محمود، كان له موقف مشابه، وقال عبر ذات المنصة، إن بيان الرئاسة “قوي اللهجة”، مشيرا إلى أن بلاده “رسمت خطوطا حمراء لا تهاون فيها، وترتبط مباشرة بأمنها القومي المرتبط بالسودان، وعلى رأسها الحفاظ على وحدة السودان وسلامة أراضيه، مع رفض قاطع لانفصال أي جزء أو إنشاء كيانات موازية”.

وأضاف: “أعتقد أن هذه رسالة تهديد، وليست تحذيرا شديد اللهجة فقط من مصر، وهي موجهة ضد أي محاولات لتقسيم السودان أو تقويض مؤسساته، مع تلميح مباشر لإمكانية التدخل العسكري إذا لزم الأمر، في دعم واضح للبرهان والجيش السوداني، وسط التوترات المستمرة مع ميليشيات الدعم السريع”.

وأشار إلى أن “هذا تطور لافت للانتباه في طريقة التعامل المصرية على أعلى مستوى، وفيه رفع مستوى اللهجة، وكأن مصر تقول بوضوح أن مخططات تقسيم السودان لن تمر، وأن أصحابها سيدفعون الثمن”.

** تكشير أنياب

أما الأكاديمي حسان علي، فاعتبر البيان الرئاسي “تكشير عن أنياب مصر”.

وأوضح علي، في منشور عبر منصة “فيسبوك” الأمريكية، أن الخطوط الحمراء “تضع السودان في موضعها الحقيقي المؤثر من الأمن القومي المصري”.

وعلى النحو ذاته، رأى الكاتب أحمد الدريني، أن “البيان الرسمي بعد لقاء السيسي والبرهان، شديد العنف في لهجته، ويتحدث علانية عن أن أي تغيير في جغرافية السودان سيعني تدخل مصر بصورة عسكرية صريحة، وفقا لاتفاق الدفاع المشترك بين البلدين”.

وأضاف الدريني، عبر فيسبوك: “أعتقد أن هذا أعنف بيان رسمي مصري منذ عقود، وعنفه يتوجه ضد أطراف ووكلاء وفاعلين مختلفين”.

**مرحلة الإنذار

ومتحدثا عن “تغيير قواعد الاشتباك”، قال المحلل السياسي محمد وزان، عبر المنصة ذاتها، إن بلاده انتقلت من “مرحلة المناشدة لمرحلة الإنذار”.

بينما قال المؤثر لؤي الخطيب، عبر منصة شركة “إكس” الأمريكية: “اليوم السودان وغدا لبنان، والسياسة واحدة: تعزيز الأمن والاستقرار وتغليب الحلول السياسية”.

وأضاف الخطيب، أن “بيان الرئاسة اليوم عن السودان تضمن خطا أحمر واضحا يحذر من تقسيم السودان أو المساس بأمنه”.

وشدد على أن بلاده “لا تُخرب، ولا تُفسد ولا تستغل الظروف لتحقيق مصالح هدّامة من أبواب خلفية، وفي النهاية تربح”.

** تصاعد الوضع بالسودان

وفي 12 سبتمبر/ أيلول الماضي، دعت “الرباعية” التي تضم مصر والسعودية والإمارات والولايات المتحدة، إلى هدنة إنسانية أولية مدتها 3 أشهر في السودان، لتمكين دخول المساعدات الإنسانية العاجلة إلى جميع المناطق تمهيدا لوقف دائم لإطلاق النار.

وتشهد ولايات إقليم كردفان الثلاث (شمال وغرب وجنوب)، اشتباكات ضارية بين الجيش السوداني و”قوات تأسيس” منذ أسابيع، أدت إلى نزوح عشرات الآلاف في الآونة الأخيرة.

ومن أصل 18 ولاية في البلاد، تسيطر قوات “تأسيس” على ولايات دارفور الخمس غربا، باستثناء أجزاء من شمال دارفور التي لا تزال تحت سيطرة الجيش، الذي يفرض نفوذه على معظم الولايات الـ13 المتبقية، بما فيها العاصمة الخرطوم.

وتتفاقم المعاناة الإنسانية في السودان جراء الحرب المستمرة منذ أبريل/ نيسان 2023 بسبب خلاف بين الجيش و”قوات تأسيس” بشأن توحيد المؤسسة العسكرية، وهو ما خلف مقتل عشرات آلاف السودانيين ونزوح 13 مليون شخص.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى