3 مراحل و8 بنود.. سير اتفاقية الدفاع المشترك بين مصر والسودان (إطار)
- في 15 يوليو 1976 وقعت القاهرة والخرطوم اتفاقية الدفاع المشترك التي تتضمن 8 بنود

القاهرة – صقر الجديان
أعاد الحديث المصري السوداني عن تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك بين البلدين، التذكير بالمراحل التي مرت بها الاتفاقية، لا سيما أنها تتزامن مع تصعيد “قوات تأسيس” ضد الجيش السوداني.
والخميس، قال وكيل وزارة الخارجية السودانية معاوية عثمان خالد، في بيان، إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس مجلس السيادة بالسودان عبد الفتاح البرهان، دعوا خلال لقائهما في القاهرة، إلى تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك في ظل التحديات الماثلة.
ووفق رصد لمعلومات تاريخية وبيانات وتصريحات وتقارير صحفية بالبلدين، مرت الاتفاقية التي تبلغ مدتها 25 عاما قابلة للتجديد 5 سنوات بـ3 محطات رئيسية، بدءا بتوقيعها أول مرة عام 1976، ثم إعلان سوداني منفرد بإلغائها في 1989 وسط خلافات سياسية داخلية، وصولا لبحث آليات تفعيلها.
وفي 15 يوليو/ تموز 1976، وقعت مصر والسودان الاتفاقية التي جاء فيها، أن الخرطوم والقاهرة “إزاء التحديات التي تواجهها الأمة العربية، وتعميقا للتعاون الذي تهدف إليه معاهدة الدفاع المشترك، اتفقتا على عقد اتفاقية الدفاع المشترك لتحقيق هذه الغايات”.
** 8 بنود
وتتضمن الاتفاقية 8 بنود، هي:
أولا: “تعتبر الدولتان المتعاقدتان كل اعتداء مسلح يقع على أي منهما أو على قواتهما المسلحة اعتداءً عليهما، ولذلك فإنهما تلتزمان بأن تبادر كل منهما إلى معونة الدولة الأخرى التي وقع عليها الاعتداء، وأن تتخذ الدولتان معا وعلى الفور جميع التدابير، ويستخدم كل منهما ما لديه من وسائل، بما في ذلك استخدام القوات المسلحة لردع العدوان وردّه”.
ثانيا: “تتبادل الدولتان المعلومات، وتتشاوران في حال حصول عدوان مفاجئ أو قيام حالة مفاجئة يُخشى خطورتها، وتبادر الدولتان على الفور إلى توحيد خططهما وحركتهما”.
ثالثا: “ضمانا لفاعلية هذه الاتفاقية، ينسق الطرفان خطط وأساليب تطوير قواتهما المسلحة، بما يكفل استيعاب أحدث الأسلحة المتقدمة”.
رابعا: “قررت الدولتان المتعاقدتان إنشاء الأجهزة الكفيلة بتنفيذ هذه الاتفاقية ومنها: مجلس الدفاع المشترك، وهيئة الأركان المشتركة”.
خامسا: “يتكون مجلس الدفاع من وزراء الخارجية والحربية (الدفاع)، وهو المرجع الأعلى لهيئة الأركان المشتركة، ويختص بوضع الأسس والمبادئ العامة لسياسة تعاون البلدين في كافة المجالات، لمنع وردع الاعتداء عليهما”.
كما “يضع مجلس الدفاع التوصيات اللازمة لتوجيه وتنسيق نشاط الدولتين لخدمة المجهود الحربي المشترك، والتصديق على قرارات هيئة الأركان المشتركة”.
و”يجتمع المجلس دوريا كل ستة أشهر مرة في القاهرة وأخرى في الخرطوم بالتناوب، أو كلما دعت الظروف، حسب تقدير أي من الدولتين”.
سادسا: “تتألف هيئة الأركان المشتركة من رئيس أركان القوات المسلحة في البلدين، ومن عدد متساوٍ من ضباط الأركان في كل منهما حسب ما يقرره مجلس الدفاع”.
و”تختص هيئة الأركان بإعداد الخطط والدراسات الكفيلة برفع الكفاءة القتالية للقوات المسلحة في البلدين، وتطويرها في مجالي التسليح والتدريب، وعرض ما يلزم عرضه من هذه الخطط والدراسات على مجلس الدفاع للتصديق عليها”.
كما “تجتمع الهيئة دوريا كل ثلاثة أشهر، أو كلما دعت الحاجة إلى ذلك بطلب من أحد رئيسي أركان الدولتين”.
سابعا: “مدة الاتفاقية 25 سنة، وتتجدد تلقائياً لمدة خمس سنوات ما لم تخطر إحدى الدولتين المتعاقدتين الدولة الأخرى برغبتها في الانسحاب منها قبل سنة من تاريخ انتهاء المدة”.
ثامنا: “يصدق على هذه الاتفاقية وفق الأوضاع الدستورية في كلا الدولتين المتعاقدتين، ويتم تبادل وثائق التصديق بوزارة خارجية السودان، وتعتبر نافذة ابتداءً من تاريخ تبادل وثائق التصديق، وإثباتاً لما تقدم تم التوقيع على هذه الاتفاقية وختمها بخاتمي الدولتين”.
** دعم مسار الاتفاقية
من 7 إلى 10 سبتمبر/ أيلول 1976: عقد مجلس الدفاع المشترك المنصوص عليه بالاتفاقية اجتماعاً بالقاهرة.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 1976: عقدت هيئة الأركان المشتركة المنصوص عليها بالاتفاقية اجتماعها الأول في الخرطوم، ووقعت خلاله اتفاقية لدعم التعاون العسكري بين البلدين.
وبين 23 و25 أبريل/ نيسان 1977، عقدت الهيئة اجتماعها الثاني في القاهرة.
وفي 12 أكتوبر/ تشرين الأول 1982، تم إعلان ميثاق التكامل العسكري بين مصر والسودان، ويتضمن تأكيد أهمية تنفيذ استراتيجية دفاعية وأمنية واحدة، غير أن رئيس السودان حينها جعفر النميري قال بعد 15 يوما، إن الإعلان هدفه إدماج مسارح العمليات في البلدين من الشمال إلى الجنوب، دون تأكيد مصري.
** قرار سوداني منفرد
حديث النميري أثار مخاوف من التدخل المصري في الشأن الداخلي الذي كان تحت وطأة الصراعات، حيث بدأت أصوات سودانية تطالب بإلغاء هذا الاتفاقية.
وفي 21 فبراير/ شباط 1987، وقع رئيس السودان حينها الصادق المهدي مع رئيس وزرائه عاطف صدقي، “ميثاق الإخاء”، دون أن ينص صراحة على إلغاء الاتفاقية أو يقترب منها.
وفي 2 أبريل 1989، أعلن الصادق المهدي إلغاء اتفاقية الدفاع المشترك مع مصر، باعتبارها وقعت في عهد النميري، بحسب تقارير صحفية سودانية، دون بيان مصري رسمي.
** عودة الزخم
لكن السنوات التي تلت أزمة سد النهضة الإثيوبي الذي بدأ تدشينه في 2011، شهدت عودة غير مباشرة لنصوص اتفاقية الدفاع المشترك، بزيادة الاجتماعات والاتفاقيات العسكرية في مخاطر مشتركة جراء السد.
ففي نوفمبر 2011، اتفق الجانبان السوداني والمصري على تشكيل قوات مشتركة وإقامة دوريات على الحدود، مهمتها مكافحة الإرهاب والجرائم العابرة وضبط الحدود، وحسم مظاهر الانفلات وفرض الأمن والاستقرار، وذلك خلال مباحثات عسكرية بين البلدين بالعاصمة الخرطوم.
وفي مارس/ آذار 2021، وقع جيشا البلدين اتفاقية عسكرية تهدف إلى “تحقيق الأمن القومي السوداني والمصري”.
وشملت بنودا تتعلق بتعهد الطرفين بالتعاون لمواجهة التهديدات التي تمس الأمن القومي للبلدين، والتزام مصر بتلبية احتياجات الجيش السوداني في مجالات التدريب والخبرات الفنية، والتنسيق المشترك لحماية الحدود الممتدة بين البلدين، في عودة لروح اتفاقية الدفاع المشترك.
وبقي الغموض يلف مصير اتفاقية الدفاع المشترك حتى أمس الخميس، حينما أُعلن رسميا عن بحث آليات تفعيلها.
الإعلان تزامن أيضا مع الكشف عن “خطوط حمراء” لمصر في السودان، طالبت بـ”عدم المساس بها أو تجاوزها”، وفق بيان وكيل وزارة الخارجية.
وأكدت القاهرة أن “الحفاظ على وحدة السودان وسلامة أراضيه وعدم العبث بمقدراته ومقدرات الشعب السوداني من أهم هذه الخطوط الحمراء، بما في ذلك عدم السماح بانفصال أي جزء من أراضي السودان”.
كما شددت على أن “الحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية ومنع المساس بها خط أحمر آخر لمصر”.
يأتي ذلك بينما تشهد ولايات إقليم كردفان الثلاث (شمال وغرب وجنوب)، اشتباكات ضارية بين الجيش السوداني و”قوات تأسيس” منذ أسابيع، أدت إلى نزوح عشرات الآلاف في الآونة الأخيرة.
وتتفاقم المعاناة الإنسانية في السودان جراء الحرب المستمرة منذ أبريل 2023 بسبب خلاف بين الجيش و”قوات تأسيس” بشأن توحيد المؤسسة العسكرية، وهو ما خلف مقتل عشرات آلاف السودانيين ونزوح 13 مليون شخص.




