إيطاليا تستعيد رونقها السياحي بطرق مبتكرة.. ما بعد الوباء
عزمت إيطاليا على إعادة رونقها السياحي بطرق مبتكرة لتجاوز عصر جائحة كورونا التي ضربت العالم.
وفي عصر ما قبل تفشي جائحة كورونا كانت فلورنسا الإيطالية تعاني من السياحة المفرطة، وخلال أكثر الأوقات ازدحاماً يمر 12 ألف زائر يومياً، وفي كثير من الأحيان يهرعون لرؤية الأعمال الفنية من عصر النهضة لالتقاط صور سيلفي مع أبرز الأعمال مثل لوحة “ولادة فينوس” للرسام ساندرو بوتيتشيلي، ولوحة “العائلة المقدسة” لمايكل انجيلو، و”فينوس أربينو” للفنان تيتيان.
وكثرت الحكايات حول طوابير الدخول الطويلة، واحتل معرض أوفيزي مكانه بين قائمة الأماكن التي يجب أن تذهب إليها مرة واحدة في العمر، ولكن من المحتمل أن تكون التجربة مرهقة للغاية لدرجة أنه بمجرد خوضها ستحتاج إلى أن تنساها.
علاوة على ذلك، كان الكثير من السياح يتصرفون بشكل سيئ، لدرجة أن سلطات فلورنسا اضطرت إلى شن حملة سلوك جيد، تحت شعار “استمتع واحترام فلورنسا”، مع غرامات تصل إلى 500 يورو و608 دولارات، على المخالفين.
مشروع جديد
أصبح كل ذلك شيئا من الماضي في ظل جائحة فيروس كورونا، ولكن قبل فتح مجال السفر مرة أخرى يريد مدير معرض أوفيزي التأكد من أن الأمور لن تعود إلى ما كانت عليه سابقا.
ويعد مشروع “Uffizi Diffusi”، الذي يعنى “أوفيزي المتناثرة”، بمثابة إعادة تخيل لمفهوم “الفنادق المتناثرة” في إيطاليا، حيث توجد “الغرف” الفردية في منازل مختلفة من القرية.
في هذا المشروع سيتم عرض الأعمال الفنية المخزنة في مستودع أوفيزي في جميع أنحاء المنطقة المحيطة بتوسكانا، مما يحول أشهر منطقة في إيطاليا إلى متحف واحد كبير “متناثر”.
وتقوم المدن والقرى حول توسكانا الآن بترشيح المباني التي يمكن أن تصبح مساحات عرض.
وأوضح مدير معرض إيك شميدت أن الفكرة جاءت إليه خلال إغلاق عام 2020، وأنه قضى معظم الوقت الذي تم فيه إغلاق المتحف في العمل على إيجاد مواقع وأعمال فنية محتملة، وفق شبكة سي إن إن.
كما أوضح شميدت أن الغاية هي “خلق نوع مختلف من السياحة”، مضيفا أنه بالنسبة للسكان المحليين، فإن ذلك “سيؤسس الثقافة في حياة الناس اليومية”.
وأشار شميدت إلى أنه “لا يمكن للفن أن يعيش في المعارض الكبيرة وحدها”، مضيفا: “نحتاج إلى مساحات عرض متعددة في جميع أنحاء المنطقة، خاصةً في الأماكن التي وُلد فيها الفن نفسه”.
قرض من نوع خاص
وليست هذه هي المرة الأولى التي يقرض فيها شميدت الأعمال الفنية للبلدات المحلية. في عام 2019 أرسل رسماً للمناظر الطبيعية من أعمال فنان عصر النهضة ليوناردو دافنشي إلى مسقط رأسه فينشي، في ذكرى وفاته الـ500.
وشهد معرض، في عام 2019، حول لوحة “معركة أنغياري” من القرن الخامس عشر في توسكانا الشرقية، والذي أقيم في أنغياري نفسها، ضاعف عدد الزوار المسجلة سابقاً في المتحف المحلي بأربع مرات.
ويتم الاحتفاظ بتفاصيل مشروع “Uffizi Diffusi” الجديد، ولكن شميدت يخطط لتوفير “60 على الأقل، وربما حتى 100 مساحة عرض” عبر توسكانا.
وألمح إلى أنها ستشمل فيلا كانت في السابق مملوكة لآل ميديشي في مونتيلوبو فيورنتينو على بعد نصف ساعة غرب فلورنسا، وميناء ليفورنو، ومدينة مونتيكاتيني تيرمي المعروفة بالحمامات الحرارية، ومنطة كاريجي، حيث تقع فيلا أخرى لآل ميديشي شرق فلورنسا.
ومنذ الإعلان عن المشروع، تقدمت مدن أخرى حريصة على أن تكون جزءاً منه، بما في ذلك مدينة فياريجيو الساحلية على طراز الفن الحديث، وسيرافيز (حيث توجد فيلا ميديشي أخرى)، ولوكا التي تقدم قصرها “Palazzo Ducale”، مقر السلطة في المدينة منذ القرن الرابع عشر.
وليست مساحات العرض فقط هي التي تحصل على فرصة جديدة للحياة، إذ يعد المشروع أيضاً فرصة لترميم بعض الأعمال الفنية.
فلورنسا تستعد
بينما تستعد فلورنسا لعودة السياحة الجماعية، يريد شميدت أن يزيل المشروع أوفيزي ديفوسي العبئ عن فلورنسا، ويعد بعرض أعمال فنية ذات “أسماء مألوفة” للمساعدة في تفريق الحشود.
وقال شميدت: “من المهم أيضًا على المستوى المحلي، خلق فرص عمل جديدة ووظائف مستقرة”.
أضاف أنه يريد أن يجلب التوسكان وجها لوجه مع تراثهم أيضًا، قائلاً إن “النظام الثقافي الحالي يعتمد بشكل كبير على السياحة الخارجية”.
وفي المجمل يهدف مشروع “Uffizi Diffusi” إلى إعادة الفن إلى مسقط رأسه، وربط الناس مباشرة بتراثهم.
وأكد شميدت أنه لا داعي للقلق بشأن الأعمال الفنية التي ستذهب للمشروع إذا كنت تزور فلورنسا، إذ لا يزال الكثير من الأعمال الفنية الأخرى التي يمكن التجول بينها.
وأضاف شميدت: “لدينا بالفعل أكثر من 3،000 عمل فني معروض في أوفيزي، وهذا يكفي”.
وسيسلط المشروع الضوء على الأعمال الفنية التي لا يمكن لأحد رؤيتها حاليا في بيئة أكثر هدوءاً وأكثر حميمية.
ومن المقرر أن تبدأ المرحلة الأولى من المشروع هذا الصيف.