لماذا قد تكون اللاما سلاحا سريا ضد “كوفيد-19″؟
مع استمرار الكفاح ضد “كوفيد-19″، تحوّل العلماء إلى مصدر غير متوقع لعلاج فعال محتمل، يتمثل في أجسام مضادة صغيرة تولدها حيوانات اللاما بشكل طبيعي.
وبينما رحب العالم بأخبار اللقاحات المتعددة ضد “كوفيد-19″، فإن البحث عن علاجات فعالة لأولئك الذين يصابون بالفيروس مستمر. ويبحث العلماء الآن عن مصدر غير متوقع للأجسام المضادة، يشمل حيوان اللاما في أمريكا الجنوبية.
ويستخدم الباحثون الأشعة السينية فائقة السطوع لمصدر الفوتون المتقدم (APS)، التابع لوزارة الطاقة الأمريكية (DOE)، في مختبر أرغون الوطني التابع لوزارة الطاقة، للمساعدة في تحويل الأجسام المضادة لحيوانات اللاما المتولدة بشكل طبيعي إلى علاجات فعالة محتملة ضد SARS-CoV-2، الفيروس المسبب لـ”كوفيد-19”.
والأجسام المضادة هي الدفاع الطبيعي لجهاز المناعة ضد العدوى، وعند استخلاصها من الدم، يمكن استخدامها لتصميم العلاجات واللقاحات.
ويقول جيسون ماكليلان، من جامعة تكساس في أوستن: “اللاما تولد هذه الأجسام النانوية بشكل طبيعي، وتتناسب مع الجيوب الموجودة على سطح البروتينات التي لا تستطيع الأجسام المضادة كبيرة الحجم الوصول إليها”.
وقال أندريه يواكشيمياك، مدير مركز البيولوجيا الإنشائية (SBC) في مركز مصدر الفوتون المتقدم، والمدير المشارك لمركز الجينوميات الإنشائية للأمراض المعدية: “تلقينا أكثر من 50 من الأجسام المضادة لحيوانات اللاما مع العديد من البروتينات من SARS-CoV-2″.
وفي حين أنه قد يبدو مفاجئا أن العلماء يتجهون إلى اللاما، إلا أن هناك سببا وجيها لذلك. حيث تنتمي اللاما إلى مجموعة من الثدييات تسمى الجمليات، وهي مجموعة تضم أيضا الإبل والألبكة. وتنتج الجمليات نوعا فريدا من الأجسام المضادة ضد الأمراض. وهذه الأجسام المضادة، التي يشار إليها غالبا باسم الأجسام النانوية (nanobodies)، وهي حوالي نصف حجم الأجسام المضادة التي ينتجها الإنسان. كما أنها مستقرة بشكل ملحوظ، ويسهل على العلماء معالجتها.
وتم اكتشاف هذا الانحراف الوراثي، الذي يجعل الجمليات مثل اللاما تنتج هذه الأجسام المضادة الأصغر مع سلاسل بروتينية واحدة، عن طريق الصدفة في أواخر الثمانينيات من قبل علماء في بلجيكا. ومنذ ذلك الحين، عمل العلماء مع الأجسام النانوية للجمليات لابتكار علاجات ضد العديد من الأمراض بنجاح كبير. وصغر حجمها يسمح لها بالارتباط بمناطق البروتينات الفيروسية التي لا يمكن للأجسام المضادة الأكبر أن تتناسب معها، ما يمنع تلك البروتينات من الاتصال بالخلايا.
وعندما وقع إصدار التسلسل الجيني لـ SARS-CoV-2 في يناير من عام 2020، عمل ماكليلان وفريقه بسرعة لاختبار ما إذا كان أي من الأجسام المضادة التي عزلوها سابقا ضد فيروس SARS-CoV الأصلي (مأخوذ من لاما بلجيكي يدعى وينتر) يمكن أن ترتبط أيضا SARS-CoV-2 وتحيّده.
واكتشفوا أن أحد هذه الأجسام النانوية، الذي وصفوه باستخدام خطوط الأشعة السينية فائقة السطوع لمصدر الفوتون المتقدم، قد يكون فعالا ضد SARS-CoV-2.
وقال ماكليلان إن هذا الجسم النانوي، المسمى VHH72، قيد التطوير الآن كعلاج لـ”كوفيد-19”.
وأضاف: “كنا نبحث عن جسم مضاد قوي واحد يقضي على جميع فيروسات كورونا. قمنا بتحصين وينتر على أمل الحصول على ذلك الجسم النانوي. وربما قمنا باستنباطه، لكننا لم نعزله”.
ويعد عزل هذه الأجسام النانوية الدقيقة أمرا صعبا، لأن الجسم يولد عددا هائلا منها وجزء صغير فقط يكون مخصصا لمحاربة فيروس معين. وهذه بالضبط هي المشكلة التي يحاول يي شي، أستاذ بيولوجيا الخلية في جامعة بيتسبرغ، حلها.
وفي ورقة بحثية نُشرت في مجلة Science، كشف شي وزملاؤه عن طريقة مطيافية جديدة متقدمة لتحليل تلك الأجسام النانوية من عينات دم اللاما، عن مجموعة كبيرة من الأجسام النانوية التي ترتبط جيدا بفيروس SARS-CoV-2.
وقال شي: “هذا أفضل بآلاف المرات من التكنولوجيا الحالية، وتحديدا في خصائصها المختارة. نريد أجساما نانوية ترتبط ارتباطا وثيقا بـ SARS-CoV-2، وبهذه الطريقة يمكننا الحصول على جسم نانوي بجودة الدواء أقوى بـ 10 آلاف مرة”.
ويمكن أن تبقى هذه الأجسام النانوية في درجة حرارة الغرفة لمدة ستة أسابيع، وهي صغيرة بما يكفي لتتطاير، ما يعني أنه يمكن استنشاق العلاجات المصممة منها مباشرة إلى الرئتين بدلا من الانتقال عبر مجرى الدم.