السودان يستعد لعقد مؤتمر اقتصادي دولي لجذب الاستثمار
حوافز لتشجيع رجال الأعمال والشركات العربية والأجنبية على تأسيس مشاريع في 8 قطاعات.
الخرطوم – صقر الجديان
رمى السودان بكل ثقله من أجل إنجاح المؤتمر الدولي للاستثمار المزمع تنظيمه بعد شهرين، وهو أكبر حدث منذ الإطاحة بحكم عمر البشير، والذي يرجح محللون أن يكون نقطة الانطلاق الفعلية لتغيير الخارطة الاقتصادية للبلد عبر تحفيز المستثمرين العرب والأجانب على إنشاء مشاريع في ثمانية قطاعات استراتيجية.
دخل السودان في سابق مع الزمن لإظهار أنه على أهبة الاستعداد لتنفيذ حزمة جديدة من الإصلاحات الإضافية قبل المؤتمر الدولي للاستثمار الذي من المقرر أن تحتضنه العاصمة الخرطوم قبل نهاية هذا العام بهدف استقطاب الاستثمارات العربية والأجنبية.
ومن المقرر أن يُعقد المؤتمر في منتصف نوفمبر المقبل بمشاركة رجال الأعمال والمستثمرين وكبرى الشركات في الدول العربية ومؤسسات وصناديق التمويل العربية والإقليمية والمستثمرين من الغرف العربية والأجنبية المشتركة.
وتمكنت الحكومة الانتقالية طيلة الفترة الماضية من تجاوز العديد من العقبات قبل هذا الحدث الاقتصادي الأول من نوعه الذي تحتضنه البلاد بعد الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع عمر البشير من خلال اعتماد ضوابط جديدة لتحسين مناخ الاستثمار في بلد هو في أمسّ الحاجة إلى الأموال من أجل النهوض باقتصاده المشلول.
ونسبت وكالة الأنباء السودانية الرسمية إلى الأمين العام لاتحاد أصحاب العمل مجتبى خلف الله قوله إن “اللجنة المكلفة بتنظيم المؤتمر قامت بجميع الاستعدادات وهي مقتنعة بأن الفرصة باتت مواتية للسودان من أجل تحقيق نجاح ملموس لأعمال المؤتمر كمشروعات استثمارية على أرض الواقع”.
ويعتبر السودان أحدث دول العالم التي تدخل إلى مجال رؤية المستثمرين في الأسواق الناشئة الذين يبحثون عن فرص في أماكن تنفتح فقط على رأس المال الأجنبي بعد سنوات ظل فيها بعيدا عن رادار أصحاب الأعمال والشركات العالمية.
وتشكل السعودية والإمارات والكويت البحرين وقطر وتركيا أكثر البلدان المهتمة بالاستثمار بالبلاد وهناك صراع محموم من أجل الظفر بأكبر حصة في السوق السودانية.
وقبل وقت غير بعيد كانت البلاد ممزقة في حرب أهلية وكانت متهمة من قبل الغرب بدعم الإرهاب لكن الولايات المتحدة رفعت حظرا تجاريا على الخرطوم وأنهت تجميد أصول سودانية وألغت قيودا مالية على اقتصادها.
وشكل إلغاء العقوبات الأميركية التي فُرضت على السودان لعشرين عاما نقطة تحول في مسار اقتصاده المنهك والذي فقد معظم إنتاجه النفطي خاصة وأن الحكومة كانت عليها متأخرات مستحقة لصندوق النقد الدولي وديون أخرى لدول عربية ومؤسسات مالية دولية أخرى بلغت في الإجمال حوالي 50 مليار دولار.
وأشار خلف الله إلى أن الاقتصاد السوداني يدخل بالفعل مرحلة جديدة عقب شطب اسم البلد من قائمة الإرهاب وإعفاء الجزء الأكبر من الديون الخارجية وشروع الحكومة في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والمالية والنقدية التي تسهم في دمج السودان في الاقتصاد العالمي.
وتنبع أهمية المؤتمر من مشاركة عدد كبير من الوزراء والمسؤولين العرب وقيادات كبرى الشركات والمصارف العربية والدولية ومؤسسات التمويل كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي والبنك الإسلامي للتنمية والمصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا، إلى جانب مشاركات من الشركات الأجنبية العاملة في إطار الغرف التجارية العربية والأجنبية المشتركة.
وستركز أعمال المؤتمر على التحولات التي يشهدها السودان وفرص الاستثمار في محاور خطة النهوض بالاقتصاد والإصلاحات المالية والنقدية والهيكلية والتشريعات الجديدة المرتبطة بالتجارة والاستثمار والبيئة الجديدة للاستثمار ودور مؤسسات التمويل التنموي العربية والإقليمية والدولية في دعم الإصلاح.
وتتمتع البلاد بمقومات طبيعية متعددة وبمميزات تهيّئ المناخ الملائم للاستثمار مع تقديم الدولة للتسهيلات والامتيازات الجاذبة التي تشجع المستثمرين العرب والأجانب في العديد من المجالات وخاصة الزراعة، لاسيما وأن هناك دعما أميركيا لمساعدة السودان.
وتهدف الخرطوم إلى جذب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة عشرة مليارات دولار سنويا بدل مليار دولار حاليا في قطاعات الطاقة التقليدية والمتجددة والزراعة والتعدين والبنى التحتية والصناعات التحويلية والخدمات بالإضافة إلى آفاق الصناعة المصرفية والمالية.
10 في المئة نسبة زيادة الدين العام للبلاد منذ العام 2018 وفق وزارة المالية التركية
وسعت الحكومة طيلة الفترة الماضية إلى إصلاح الاقتصاد رغم الأزمات التي أثرت على البنية الأساسية للبلاد، وذلك من خلال تنفيذ سلسلة من الإجراءات الهيكلية لتهيئة مناخ الاستثمار عبر سياسة تحرير سعر الصرف، الذي يعد إحدى الخطوات المهمة لتحسين بيئة الاستثمار وجذب المستثمرين الأجانب.
وإلى جانب ذلك، تم إلغاء الدولار الجمركي في يونيو الماضي، وهو ما قد يعطي دافعا كبيرا للمستثمرين رغم أن الخطوة تثير حفيظة الشركات المحلية التي بما تشكو من ضعف المنافسة مستقبلا.
كما نفذت وزارة الاستثمار والتعاون الدولي حزمة من التدابير لجذب الاستثمارات الأجنبية عبر إجازة قانون الاستثمار الجديد وإجازة قانون الشراكة ما بين القطاع الخاص والقطاع العام وإجازة قانون النظام المصرفي المزدوج.
ويقدر البنك الدولي الناتج المحلي الإجمالي السنوي للبلاد عند 96 مليار دولار، وهو رقم مرتفع كثيرا مقارنة مع كينيا وإثيوبيا وهما دولتان أفريقيتان أكثر انفتاحا على المستثمرين الأجانب. ويصل الناتج المحلي الإجمالي في كل من البلدين إلى نحو 70 مليار دولار رغم أن عدد السكان في كل منهما أعلى من السودان.
ومثّل الدعم الذي قدمه المانحون الدوليون للسودان فرصة مهمة لشركات الطاقة العالمية بغية استكشاف الفرص الاستثمارية في قطاع النفط والغاز والطاقات البديلة في البلاد.
وآخر المنضمين للسباق شركة هاليبرتون الأميركية إذ أعلنت أثناء لقاء ممثلها إيرك موتو بوزير الطاقة والنفط السوداني جادين علي عبيد الشهر الماضي عن رغبتها في الاستثمار بالبلاد. وجاءت تلك الخطوة بعد أن ظهرت خلال الأشهر القليلة الماضية بوادر من قبل عمالقة الطاقة للدخول إلى السوق السودانية.
وكان وزير الاستثمار الهادي إبراهيم قد أكد في مارس الماضي أن شركة لافنو فو الهندية المتخصصة في الطاقة الشمسية وحلول الكهرباء تعتزم إطلاق مشروع بالشراكة مع مجموعة تالين العالمية بقيمة 200 مليون دولار.
ووقعت الحكومة في أكتوبر 2020 مذكرة تفاهم مع شركة جنرال إلكتريك الأميركية هي الأولى من نوعها منذ ثلاثة عقود من الزمن بهدف زيادة توليد الكهرباء بما يصل إلى 470 ميغاواط.