اجماع محلي ودولي على بطء تنفيذ اتفاق سلام جوبا في ذكرى توقيعه الأول
الخرطوم – صقر الجديان
أجمعت أطراف سودانية وقوى دولية على أن تطبيق اتفاق السلام الموقع في جوبا العام الماضي يواجه تحديات وأن التنفيذ لم يكن بالمستوى المأمول.
ويصادف الثالث من أكتوبر مرور عام على توقيع اتفاق السلام في جوبا بين الحكومة الانتقالية والجبهة الثورية التي تضم حركات مسلحة ظلت تقاتل الحكومة المركزي في كل من دارفور والمنطقتين كما تضم قوى في شرق السودان وشماله تطالب بأنصاف تلك المناطق في مشاريع التنمية والخدمات.
وأقر رئيس الجبهة الثورية الهادي ادريس يحي خلال مؤتمر صحفي عقده الأحد في الخرطوم بأن مستوى تنفيذ اتفاق السلام خلال عام “كان دون المستوى المطلوب”.
وحاول ادريس تقديم “جرد حساب” لما تم تنفيذه والاخفاقات التي لازمت تطبيق الاتفاق، ورأى أن توقيع الاتفاق في حد ذاته مثل إنجازا حيث لم تشهد الأشهر الماضية أي احتكاكات ونزاعات مسلحة بين الأطراف الموقعة.
وقال إن الاتفاق أسهم في تحقيق العدالة الانتقالية وإنجاز عدد من القوانين ذات الصلة، وتفكيك التمكين، كما أكد الالتزام بالتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية وتسليم المطلوبين كقرار محسوم.
ولفت الى توقيع الحكومة مذكرتي تفاهم مع المحكمة تشمل التعاون في تسليم كل المطلوبين وقال إن المحكمة ستفتتح بالخرطوم قريباً مكتبًا للاتصال.
وقال إن بند المشاركة السياسية تم إنجازه بشكل موسع خاصة في مساري دارفور والمنطقتين حيث قدر نسبه المشاركة والتنفيذ بنحو 90%.
ومع ذلك أشار رئيس الجبهة الثورية الى تحديات كثيرة تواجه الاتفاقية بينها تقاعس المجتمع الدولي عن تقديم الدعم اللازم لتنفيذ بنودها وقال إنه وقف متفرجا برغم وراثة الحكومة الانتقالية وضعا اقتصاديا مترديا، وأردف ” لم نر منهم مساهمة مالية حقيقية”.
وتحدث ادريس عن ان أطراف الاتفاقية لم يتمكنوا من الالتزام بمواقيت الاتفاق والجداول الزمنية سيما فيما يخص بند الترتيبات الأمنية ما أدى الى تأخر عودة النازحين واللاجئين.
وأردف ” الى جانب عدم تنفيذ البند الأمني ونقص الاموال هناك ضعف في الإرادة السياسية وسط أطراف الحكومة. ولا نبرئ أنفسنا .. لكن لم نستطع فعل شيء ليس لسوء النوايا لكن لأن الترتيبات نفسها أمر جديد لم يحصل من قبل وأي طرف يكون لديه مخاوف كانت أحد مهددات عملية التنفيذ”.
قلق أوروبي
بدورها قالت بعثة الاتحاد الأوروبي في الخرطوم إنها تشعر بالقلق ازاء التأخير في تنفيذ بعض جوانب السلام، حيث لم يتغير الوضع في المناطق المتضررة من الحرب.
ووقع الاتحاد الأوروبي كشاهد على اتفاق جوبا لسلام السودان الموقع بين حكومة الانتقال وتنظيمات الجبهة الثورية.
وقالت البعثة، في بيان تلقته “شبكة صقر الجديان”؛ بمناسبة الذكرى الأولى للاتفاق إننا “نشعر بالقلق من التأخير في تنفيذ العديد من الجوانب الأخرى من هذا الاتفاق، لاسيما أن الوضع في المناطق المتضررة من الحرب والمهمشة لم يتغير منذ عقود، للأفضل، ولم تصل مكاسب السلام بعد إلى معظم السودانيين”.
ودعا البيان إلى تعويض التأخير من خلال تشكيل القوة المشتركة لحماية المدنيين في إقليم دارفور والإسراع في تنفيذ الترتيبات الأمنية وإنشاء المفوضيات.
وقررت حكومة الانتقال وأطراف العملية السلمية على نشر قوات قوامها 20 ألف جندي لحماية المدنيين في إقليم دارفور، تُشكل من القوات النظامية ومقاتلي تنظيمات الجبهة الثورية بعد إعادة دمجهم في الجيش.
وشدد الاتحاد الأوروبي على إنه حال نُفذ اتفاق السلام بشكل جيد “فإن أهالي دارفور والمنطقتين وجميع أنحاء السودان سوف يعيشون أخيرًا في سلام يتيح لهم مساحة رأي مقبولة بشأن مستقبلهم”.
ودعا البيان الحركة الشعبية – شمال بقيادة عبد العزيز الحلو إلى استئناف التفاوض مع حكومة السودان على أساس إعلان المبادئ الموقع في مارس 2021.
والثلاثاء، وصل رئيس فريق الوساطة الجنوب سودانية توت قلواك، إلى الخرطوم الثلاثاء للتباحث مع حكومة الانتقال حول استئناف التفاوض مع الحركة الشعبية الذي عُلق في 15 يونيو الفائت لعدم اتفاق الطرفين على عدد من بنود الاتفاق الإطاري.
خيبة أمل
اما دول الترويكا (النرويج، الولايات المتحدة، بريطانيا) فقالت في بيان إنها تشعر بخيبة أمل جراء فقدان الزخم في محادثات السلام مع الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال (عبد العزيز الحلو).
واهابت بكلا الجانبين العودة إلى المحادثات في جوبا والتفاوض على أساس إعلان المبادئ الصادر في مارس 2021.
كما أظهرت الترويكا قلقا حيال التأخّر المتكرّر في تنفيذ الالتزامات التي جرى التعهد بها بشأن تأسيس هيئة السلام، وآلية المراقبة والتقييم، والمجلس التشريعي الانتقالي، وإنشاء قوات حفظ الأمن في دارفور ووضع ترتيبات أمنية وفقاً لاتفاق جوبا للسلام.
وحتت الموقعين على اتفاق جوبا للسلام إظهار قيادتهم والعمل معاً لأجل التركيز من جديد على التنفيذ لتحقيق السلام والأمن اللذين تشتد حاجة الناس إليهما.
وشجعت جميع الأطراف على الانخراط في الحوار لمعالجة المظالم المشروعة بالاستناد إلى الإعلان الدستوري لعام 2019 واتفاق جوبا للسلام.
واثنت دول الترويكا على ما قالت إنها إنجازات مهمة تحققت في مجال العدالة الانتقالية في إطار اتفاق جوبا، بما في ذلك التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، والالتزام بتسليم الرئيس السابق عمر البشير وآخرين ممن صدرت بحقهم مذكرات اعتقال دولية، وإحراز تقدم في سبيل تأسيس المحكمة الخاصة بدارفور.
واجبات والتزامات
وقال مجلس الوزراء في بيان إن الاحتفاء باتفاق جوبا والتبشير بقدومه لم يكن استسهالاً لعملية تطبيقه.
وأضاف “كُنّا ندرك الصعوبات والتحديات الجسيمة التي ستواجه طريق تحويل الاتفاق لإنسانٍ يمشي بين مواطنينا في الريف والحضر، والعمل الكبير المطلوب لاستكمال المراحل المتبقية”.
وأفاد البيان أن الحكومة الانتقالية بكل مكوناتها لازال امامها مجموعة من الواجبات والالتزامات، منها استكمال تشكيل الآليات والمفوضيات المنوط بها تنفيذ بروتوكولات الاتفاق، بالإضافة لإقامة المؤتمرات المنصوص عليها في الاتفاقية، توفير الموارد اللازمة لتنفيذ بروتوكولات الترتيبات الأمنية وإصلاح شامل للقطاع الأمني وضمان الوصول لجيش واحد قومي ومحترف ومهني، وضمان عودة النازحين واللاجئين لقراهم.
واكد المجلس عدم التراجع عن هدف السلام الشامل والعمل على طرق كل الأبواب وسماع كل المقترحات ممكنة التطبيق.
وتابع “أيدينا لا تزال ممدودة لبقية حركات الكفاح المسلح، الرفاق بالحركة الشعبية لتحرير السودان شمال بقيادة القائد عبد العزيز الحلو، وحركة جيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور”.
وقال المجلس في بيانه انه يبدي اهتماماً بدعوة عبد الواحد للحوار الداخلي مع كل القوى والمكونات السودانية.
وأضاف “نرحب بدعوته للحوار وندعوه للقدوم للخرطوم لبدء عمليات الحوار، مع استعدادنا لتوفير كل الضمانات اللازمة له من حرية الحركة والالتقاء بمن يريد”.