التغيرات المناخية تفقد السودان ثلث الناتج المحلي بحلول 2050 (مقابلة)
مسئول التواصل في مؤسسة "كريستيان آيد": نريد أن نحذر العالم من الضرر الاقتصادي الذي سيلحقه تغير المناخ بالدول الأفريقية
شرم الشيخ – صقر الجديان
جو وار مسئول التواصل في مؤسسة “كريستيان آيد” في مقابلة مع الأناضول:
– نريد أن نحذر العالم من الضرر الاقتصادي الذي سيلحقه تغير المناخ بالدول الأفريقية
– من المهم التعويض المالي للضعفاء المتضررين من تغير المناخ
– تغيير المستقبل الاقتصادي القاتم لدول إفريقيا يتوقف على قضايا التمويل
سلط تقرير علمي صدر حديثا، الضوء على عواقب التأثيرات الاقتصادية المدمرة التي ستحدثها التغيرات المناخية على الدول النامية، حيث ستضرب الناتج المحلي الإجمالي لـ 50 من بين 54 دولة في القارة الأفريقية.
وشدد التقرير الصادر عن مؤسسة كرستيان آيد Christian Aid، على هامش مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ “كوب 27″، المنعقد بمنتجع شرم الشيخ بمصر في الفترة من 6 إلى 18 نوفمبر2022، على ضرورة إنشاء صندوق لتمويل الأضرار والخسائر.
وأظهر التقرير أن 8 بلدان إفريقية هي: السودان وموريتانيا ومالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد وجيبوتي ونيجيريا ستواجه أضرارًا مناخية تؤثر سلبا على اقتصاداتها بحلول عام 2050.
وقال جو وار، أحد المشرفين على التقرير ومسؤول التواصل في “كريستيان آيد” في تصريحات خاصة للأناضول: “نتمنى أن يتحدث التقرير عن نفسه ويكون بمثابة جرس إنذار للعالم بأسره بشأن الضرر الاقتصادي الذي سيلحقه تغير المناخ بالدول الأفريقية”.
وأوضح وار أن التقرير يشرح تداعيات تغير المناخ التي يمكن أن تحرم البلدان الأفريقية من الأموال اللازمة لمعالجة الفقر وتعزيز الرعاية الصحية وبناء البنية التحتية التي تدعم التنمية الاقتصادية.
** تمويل مناخي حاسم
قال جو وار إنه لا زال ينخرط في حوارات مكثفة مع مندوبي دول العالم بمدينة شرم الشيخ المصرية، بهدف دعم حق الدول المتضررة في الحصول على تمويل للأضرار والخسائر التي تتكبدها دولهم حاليا.
وقام وار بعدد من المناقشات مع المندوبين حول قضايا التمويل التي يتوقف عليها تغيير المستقبل الاقتصادي القاتم الذي يواجه بعض أفقر البلدان في العالم، في ظل تفاؤل بكون النسخة الحالية من مؤتمر المناخ هي الأولى في بلد إفريقي منذ ست سنوات.
وذكر وار: “نأمل أن يقرأ المندوبون في “كوب 27″ التغطية في وسائل الإعلام وأن يتصرفوا بسرعة لتقليل انبعاثات دولهم وتقديم التمويل المناخي الحاسم لتلك المجتمعات الضعيفة في إفريقيا”.
وشدد وار على أن من أهم الأشياء التي يمكن القيام بها استجابة لهذا الوضع القاتم، إنشاء صندوق للخسائر والأضرار يعمل على تعويض الأشخاص الضعفاء الذين يعانون من أضرار مناخية شديدة لا يمكن التكيف معها.
وأردف: “إنه شيء دأبت الدول النامية على المطالبة به لسنوات عديدة ونحتاج إلى الدول الغنية للاستماع والاستجابة “.
** الناتج المحلي للسودان مهدد
أوضح تقرير “كرستيان آيد” أن الدول الإفريقية الثمانية وبينها السودان، ستواجه أضرارًا مناخية تؤثر سلبا على الناتج المحلي الإجمالي لها بأكثر من 25 بالمئة بحلول عام 2050 و75 بالمئة بحلول عام 2100 في ظل بقاء السياسات الحالية على ما هي عليه.
ووفق التقرير، يواجه السودان أسوأ ضرر متوقع لإجمالي الناتج المحلي، فخلال العام الجاري تعرضت البلاد لأحد أسوأ مواسم الأمطار في تاريخها، وأثرت الفيضانات المفاجئة على أكثر من 258 ألف شخص في 15 من أصل 18 ولاية.
ويتوقع التقرير أن يواجه السودان هبوطاً في الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2050 قد يصل إلى 32.4 بالمئة في ظل السياسات المناخية الحالية، أما عام 2100 فيتوقع أن يصل الهبوط إلى 84 بالمئة، مقارنة بسيناريو يفترض عدم حدوث ارتفاع في درجة حرارة الأرض.
ويشير التقرير الذي حمل عنوان “التكلفة الإفريقية: أضرار اقتصادية جسيمة من تغير المناخ” إلى أنه “حتى في سيناريو ارتفاع 1.5 درجة مئوية يمكن للسودان أن يتوقع تقلص الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2050 بنسبة 22.4 بالمئة، وبحلول 2100 سينخفض لأكثر من النصف”.
** هبوط اقتصادي لبلدان إفريقية
وذكرت مارينا أندريجيفيتش، إحدى المشاركات في إعداد تقرير “كرستيان آيد” والخبيرة الاقتصادية في المعهد الدولي لتحليل النظم التطبيقية في فيينا، أنهم وضعوا في الاعتبار توقع نمو اقتصادات البلدان الإفريقية الثمانية المتضررة مستقبلا.
وأضافت أنهم استصحبوا هذه التوقعات أولا ثم بدأوا تحليل مقدار الضرر الاقتصادي من الناتج القومي الإجمالي الذي تكبدته هذه الدول بسبب تغير المناخ، ومقارنته بالسيناريو الذي لم يحدث فيه تغير المناخ.
وأوضحت أندريجيفيتش أن نتائج الدراسة نظرت فقط في تأثير ارتفاع درجات الحرارة، ما يعني أن الضرر الإضافي الناجم عن الظواهر الجوية المتطرفة كالأعاصير والرياح الترابية وغيرها يمكن أن تزيد من سوء التوقعات الاقتصادية لهذه البلدان في الواقع.
وأضافت: “يُظهر هذا التحليل العبء الهائل للتغيرات المناخية على التنمية الاقتصادية لأفريقيا، حيث تواجه بلدانها عددًا من التحديات لكن أزمة المناخ تشكل تهديدًا كبيرًا لقدرتها على التنمية المستدامة لاقتصاداتها”.
وتُظهر التقديرات المستندة إلى منهجية مراجعة السيناريوهات وقياسها بالمقارنة، أنه بناءً على سياسات المناخ العالمية الحالية، يتوقع ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى 2.7 درجة مئوية بحلول نهاية القرن الحالي.
ووفقا لهذه التقديرات، يمكن أن تعاني البلدان الأفريقية من هبوط في متوسط الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 20 بالمئة بحلول عام 2050، ومقدار64 بالمئة بحلول عام 2100، أي أكثر من النصف.
** الحاجة لآلية خسائر وأضرار فعالة
وأشار تقرير “كرستيان آيد” إلى أن الدول الأفريقية تواجه خطر انخفاض متوسط الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 14 بالمئة بحلول عام 2050 و34 بالمئة بحلول عام 2100، حتى في حال محافظة البلدان على ارتفاع درجات الحرارة العالمية بنحو 1.5 درجة مئوية كما هو محدد في اتفاقية باريس للمناخ.
ولذلك يشير التقرير إلى الحاجة الماسة لآلية خسائر وأضرار قوية، حتى لو نجحت البلدان في الحفاظ على التدفئة العالمية دون 1.5 درجة مئوية، من خلال تخفيض الانبعاثات على سبيل المثال.
وتعاني البلدان الأفريقية من تراجع في مكاسب التنمية بسبب تداعيات جائحة كورونا، حيث أظهرت بيانات البنك الدولي أن نصف مليار شخص حول العالم أُقحِموا في الفقر المدقع منذ انتشار الجائحة.
وتتفاقم الأوضاع الاقتصادية بسبب التأثيرات المناخية، مثل الجفاف في القرن الإفريقي الذي يلحِق خسائر بشرية مدمرة بالأشخاص الذين لم يتسببوا أو يساهموا في أزمة المناخ العالمية.
ورغم المستقبل الاقتصادي المروّع الذي يرسمه التقرير الأخير، تظل إفريقيا هي القارة الأقل مسؤولية في التسبب بأزمة المناخ.
وتولّد الدول العشرين الأكثر تضرراً في التقرير المنشور، متوسط انبعاثات يبلغ 0.43 طن فقط من ثاني أكسيد الكربون لكل شخص، في مقابل إنتاج الولايات المتحدة وكندا 14.2 طنًا للفرد، وأستراليا 15.4، والمملكة العربية السعودية 18.
إقرأ المزيد